لن ينتظر السائل ممن لم يتابع موقعة أرسنال الإنكليزي وبايرن ميونيخ الألماني، أول من أمس على ملعب «الامارات» في لندن، في ذهاب دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا، عن أفضل لاعب في هذه المباراة، كثير وقت ليعثر على الجواب من أكثر من رأي: إنه طوني كروس، إذ لا يمكن، لا بل لا يعقل، أن يكون الجواب غير ذلك، ازاء ما قدمه صاحب القميص الرقم الـ39 أمسية الأربعاء في لندن.
ماذا لم يفعل كروس؟ من التمريرات الساحرة، الى الاستحواذ على الكرة الذي لا مثيل له، الى التسديدات التي تعجز الكلمة عن وصف جماليتها ودقتها، الى القيادة في منتصف الملعب التي تُدرَّس. ليس مبالغاً القول إن أمسية الأربعاء شاهدنا فيها صانع ألعاب ممن تطرب الأبصار لرؤيتهم، وممن لم نشاهد مثيلاً لهم منذ فترة طويلة للاعب في هذا المركز، يقدم كل هذا العطاء الممهور بلمحات إبداعية قل مثيلها.
كثيرة هي العصافير التي أصابها كروس في ليل لندن الأربعاء، ولا شك أنها كفيلة بأن تقلب معادلات وتغيّر وجهات. فمن الميدان البداية، حيث كسب كروس «الديويل» او «التحدي الثنائي» تماماً مع اللاعب الذي وُصف في الآونة الأخيرة بأفضل صانع ألعاب في العالم، الا وهو، طبعاً، مواطنه مسعود اوزيل، حيث تمكن كروس من حجب الأنظار بالكامل عن لاعب ريال مدريد الاسباني السابق. ومن هذه النقطة أوزيل، يمكن فتح قوسين على تبعات ما قدمه كروس في مواجهة اوزيل تحديداً، على المنتخب الألماني المشارك في نهائيات كأس العالم 2014، اذ لا يمكن ازاء هذا الاداء الا يكون كروس في التشكيلة الرئيسية لـ «المانشافت»، ما من شأنه أن يزيد الضغط على أوزيل في قادم المواعيد، إذ إن كروس بدا الأربعاء منافسا غير عابر على الاطلاق على مركز صانع الالعاب في المنتخب الالماني.
ومن الميدان الى مقاعد البدلاء والمدرجات. فلا شك أن كروس نجح بامتياز، وفي التوقيت المناسب في مباراة ذات أهمية بالغة، في أن يوصل الرسالة الى مدربه الاسباني جوسيب غوارديولا ومن خلفه الادارة لمدى اهميته في الفريق ومدى أحقيته في تحسين شروط عقده الجديد، وذلك وسط الكثير من الشائعات حول تباعد وجهات النظر بينه وبين «بيب»، وما أُثير عن إعداد البافاري من الآن لخليفة كروس في الصيف، وهو موهبة شالكه، جوليان دراكسلر. هذه الشائعات التي تحدثت عنها صحف شهيرة، في مقدمها «بيلد» الالمانية، وإن صحّت، فإن اداء كروس الاربعاء كان كفيلاً بقلب معطياتها رأساً على عقب، ولا شك، انه بعثر حسابات أولي هونيس وكارل – هاينز رومينيغيه فيما لو كانا يخططان فعلاً للتفريط بهذا اللاعب الموهوب. كل هذا جاء تحت ناظرَي الاسكوتلندي ديفيد مويز، مدرب مانشستر يونايتد الانكليزي، أكثر الراغبين في الحصول على توقيع كروس، غير أن ما بعد ليلة ملعب «الامارات» أصبح، قطعاً، مختلفاً عما قبلها لناحية القيمة المالية التي يستحقها اللاعب والتوقع الكبير بدخول اطراف اخرى (رشح منها قبلاً يوفنتوس الايطالي) على خط التعاقد مع اللاعب.
وبين هذه النقاط كلها، ثمة نقطة مهمة أخرى أصابها كروس، وهي إثباته، فعلاً لا قولاً، جدارته، التي شكك فيها كثيرون، بلقب «ستار» بعدما توقع له كثيرون ذلك عند اختياره أفضل لاعب في مونديال الناشئين عام 2007.
ليلة الأربعاء إذاً كانت غير كل الليالي بالنسبة إلى كروس، ففيها قدم نفسه كصانع ألعاب متكامل من خلال أناقة أدائه وجماليته وفعاليته، وفي طياتها قال، على مسامع عديدة، الكثير الكثير.




... ومانشستر تناديه

لفتت الإشادات والأوصاف التي أطلقتها الصحافة الانكليزية الصادرة صبيحة امس على طوني كروس، هي التي تتابع أنباءه منذ رُبط بالانتقال الى مانشستر يونايتد، في وقت نقلت فيه تقارير مطالبات جماهير الـ «شياطين الحمر» بالضرورة الملحّة للتعاقد مع لاعب وسط بايرن ميونيخ.