صيف 2001. مدينة بواكي في ساحل العاج على بعد 350 كلم شمالي العاصمة أبيدجان. أينع حلم الشاب الفتيّ، تماماً كحبات القهوة في تلك المدينة المشهورة بهذه الزراعة. الشمس تسطع على بواكي. الأهل في الحقل يملأون سلاتهم بكدح الأيام، ويايا توريه في غرفته يناظر خيوط الشمس المنسدلة من النافذة، ويفرغ حلمه في حقيبة السفر.بين بواكي 2001 ومانشستر الانكليزية في 2014 سنوات ثلاثة عشرة مرّت، وبينها لحظات لا تُنسى ليايا: من دموع الغربة في مدينة بيفيرين البلجيكية التي لعب لفريقها، وقسوة الحياة في مدينة دونيتسك الأوكرانية التي ارتدى قميص ناديها ميتالورغ، الى البسمة الأولى في بيرايوس اليونانية مع أولمبياكوس، حيث وصف بـ «باتريك فييرا» الجديد، الى بداية النجومية في امارة موناكو الفرنسية، الى تذوق طعم الانتصارات والألقاب الكبرى (السداسية التاريخية في 2009) مع برشلونة الاسباني، الى النجومية المطلقة والعناوين الكبرى في صحافة انكلترا مع مانشستر سيتي.

لكن لحظة واحدة، لا شك، تركت الأثر الأكبر في قلب الايفواري يعود للثاني من شهر ِتموز عام َ2010 عندما لملم توريه جراحه في حقيبته وشد الرحال نحو مدينة مانشستر بعد أن لفظته برشلونة رغم ما قدمه لفريقها في العام التاريخي في 2009، عندما رضخت الادارة الكاتالونية سريعاً لطلب المدرب، المدلل وقتها، جوسيب غوارديولا، بالتخلص من توريه لمصلحة سيرجيو بوسكيتس!
لكن ما يُحسب ليايا أنه إستطاع ان يتعالى، بكبريائه، على هذا الجرح، رغم قسوته، من خلال إصراره وعزيمته الفريدان على مواصلة الدرب نحو النجومية التي حلم فيها في بواكي، وكان له ما اراد، ليصبح أحد أفضل لاعبي الارتكاز، ان لم يكن أفضلهم على الاطلاق، في العالم، عبر ادائه الذي ادهش النقاد في ملاعب انكلترا، وما فوزه بلقب أفضل لاعب في قارة أفريقيا في الأعوام الثلاثة الاخيرة سوى اثبات لما صنعه توريه في مدينة مانشستر.
أمسية اليوم، يقف يايا امام لحظة جديدة ذات اهمية ومعان خاصة له في مسيرته الأوروبية، في ملعب «الاتحاد» في مانشستر، خلال لقاء سيتي المرتقب أمام برشلونة في ذهاب دور الـ 16 لدوري أبطال أوروبا، اذ إنها الفرصة المثالية ليذيق توريه فريقه السابق من ذات الكأس المُرة التي أذاقه اياها الأخير في 2010 وكاد أن يتسبب في تحطيم حلمه في اوروبا لولا قوة إصرار الايفواري وطموحه الكبير على التحدي، رغم ما نُقل عن يايا بأنه لا يزال يكنّ الاحترام لبرشلونة، وهو، لا شك، كلام صحف «دبلوماسي» من لاعب كبير، لكنه لا «يُصرف» في الملعب.
صحيح أن الجميع ينتظر هذه المباراة بفارغ الصبر، الا أن مشاعر استثنائية ستنتاب توريه ولن يشاركه فيها أحد في كل لحظاتها، هو الذي تزخر تجربته الأوروبية باللحظات الحلوة والقاسية على السواء.
فلنبحث جيداً في الصورة أمامنا الليلة، قبل أي شيء آخر في الموقعة الكبيرة بين سيتي وبرشلونة، عن يايا توريه، من لحظة دخوله الى الملعب ومصافحته رفاق الأمس وفي ذروة المباراة. فبالتأكيد ثمة الكثير لتقوله عينا هذا الايفواري، تماماً كمهاراته وقدراته الهائلة على العشب الأخضر.
* وهنا برنامج المباريات (جميعها 21,45 بتوقيت بيروت):
- اليوم: مانشستر سيتي الانكليزي - برشلونة الاسباني، وباير ليفركوزن الالماني - باريس سان جيرمان الفرنسي.
- غداً: ارسنال الانكليزي - بايرن ميونيخ الالماني، وميلان الايطالي - اتليتيكو مدريد الاسباني.