يُلعب اليوم نهائي الدوري الأوروبي لكرة القدم بين ناديي تشيلسي وآرسنال الإنكليزيين، على ملعب باكو الأولمبي. بعيداً عن أهمية اللقاء للفريقين، كونه ثاني النهائيات الأوروبية أهميةً للفرق بعد دوري أبطال أوروبا. وبعيداً عن أهميته لمدربي الفريقين أيضاً، كونه اللقب الأول لهما مع فريقيهما في إنكلترا. تحمل هذه المباراة أهمية خاصة لحارس آرسنال الحالي وتشيلسي السابق التشيكي بيتر تشيك، كونها المباراة الأخيرة له كلاعب كرة قدم.عام (1989)، بدأ بيتر تشيك مسيرته الكروية في أكاديمية نادي فيكتوريا بيلزين التشيكي. تدرّج هناك حتى (1999)، العام الذي وقّع فيه عقده الاحترافي الأول مع فريق شميل بلزاني، ثم لعب موسم (2001-2002) مع فريق سبارتا براغ قبل أن ينتقل إلى رين الفرنسي عام (2002). ثلاث سنوات ناجحة في الدوري الفرنسي كانت كفيلة بجعل الحارس التشيكي الشاب محط اهتمام كبرى الفرق الأوروبية. في بادئ الأمر، لفت تشيك أنظار مدرب آرسنال السابق الفرنسي أرسن فينغر، الذي أراد التوقيع معه عام (2004)، غير أنّ مشروع تشيلسي الواعد تحت قيادة الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش، نجح في استقطاب الحارس التشيكي، الذي حل رحاله في ستامفورد بريدج عام (2004). في ذلك العام، فاز تشيلسي بلقب الدوري الإنكليزي للمرة الأولى منذ موسم (1954- 1955)، وكان لتشيك دور بارز في ذلك، بعدما تمكّن من الخروج بـ 24 شباك نظيفة في موسمه الأول، مستقبلاً 13 هدفاً فقط طوال 35 مباراة. رقمٌ لا يزال الأعلى لحارس مرمى في تاريخ المسابقة. في العام اللاحق، نال لقب أفضل حارس مرمى في العالم ليصبح بعدها جزءاً أساسياً من الفريق، إلى أن خسر مركزه عام (2014) بعد مجيء الحارس البلجيكي تيبو كورتوا.
لعب بيتر تشيك 11 سنة مع تشيلسي، خلال الفترة الممتدة بين (2004 و2015)، شارك خلالها في 333 مباراة. في تلك الفترة، توّج بـ 15 لقباً مع الفريق اللندني، تخللها 4 ألقاب دوري إنكليزي، دوري أبطال أوروبا وبطولة الدوري الأوروبي. كما فاز تشيك بجائزة القفاز الذهبي كأفضل حارس مرمى في الدوري الإنكليزي أربع مرات.
لعب بيتر تشيك 11 سنة مع تشيلسي وتوّج بـ 15 لقباً


يعد تشيك أكثر حارس في تاريخ الدوري الإنكليزي حفاظاً على نظافة شباكه، إذ لعب 443 مباراة، تمكن خلالها من الحفاظ على نظافة شباكه بـ 207 مباريات. ( خاض مع تشيلسي 333 مباراة، حقق خلالها 162 «كلين شيت»، بينما لعب مع أرسنال 110 مباريات، محققاً 45 «كلين شيت»).
هذه الأرقام والإنجازات ما كانت لتتحقق لولا إصرار الحارس الأسطوري على مواصلة اللعب، بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من الاعتزال، على إثر إصابةٍ خطيرة تعرض لها في الرأس عام (2006). في بداية ذلك العام، تعرض حارس تشيلسي الأسبق لشرخٍ في الجمجمة بعد تدخل قوي بينه وبين اللاعب الإيرلندي ستيفن هانت، جناح نادي ريدينغ الإنكليزي. إصابةٌ جعلته يخضع لعملية جراحية في المخ من أجل الحفاظ على توازن الخلايا، منعاً لأي انتكاسة مستقبلاً. قام الطاقم الطبي الخاص بنادي تشيلسي حينها بمشاركة أهم الأطباء في إنكلترا في علم جراحة المخ والأعصاب، وتم وضع لوحات معدنية صغيرة بدلاً من الأجزاء المهشمة في جدار الجمجمة لحماية الأعصاب والخلايا دون أي تأثيرات أو مضاعفات. جراحةٌ دقيقةٌ جعلت الحارس غير قادر على اللعب حتى نهاية الموسم حينها بحسب قرار الأطباء، غير أن بيتر خالف هذه القرارات، وعاد بشكلٍ مفاجئ بعد 3 أشهر، مرتدياً غطاء الرأس الواقي الذي أصبح منذ ذلك الحين علامة مميزة له. طالب تشيك بخلع الخوذة بعد عدة سنوات، لأنها كانت تعيق عملية التواصل بينه وبين خط الدفاع بسبب حجبها الجزئي للصوت، غير أنّ الأطباء رفضوا هذا الطلب، كنوع من الوقاية لرأس اللاعب، وفي ظلّ تطلّب مركز الحراسة للقفز بغية التصدي وإبعاد الكرات، ما يجعله عرضةً أكثر من أي مركز في الفريق للاصطدام مع اللاعبين في الكرات الهوائية المشتركة.
بعيداً عن كرة القدم، يمتلك بيتر العديد من المواهب التي ساعدته في مسيرته الكروية. يهوى تشيك المطالعة، إذ أتقن بسبب شغفه للمعرفة 5 لغاتٍ، وهي التشيكية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية. سبق للاعب التشيكي أن كشف في موسمه الأول مع آرسنال عن هذه المواهب، فتواصل مع زملائه فى خط الدفاع بلغات مختلفة، حيث كان يتحدث مع المدافع كوسيينلي بالفرنسية، كما تحدث الإسبانية مع كل من غابريال باوليستا وهيكتور بيليرين وناتشو مونريال، في حين تواصل باللغة الألمانية مع قائد الفريق السابق الألماني بير ميرتيساكر.
هوايةٌ أخرى لابن الـ 37 عاماً، تتمثل بقرع الطبول على آلة الـ«درامز». ساعدت هذه الأخيرة تشيك على تطوير مهاراته في حراسة المرمى، إذ أوضح الحارس التشيكي أن قصته مع الدرامز بدأت بلعبة «روك باند» على جهاز «البلاي ستايشن»، حيث كان ينافس الحارس كارلو كوديتشيني، زميله السابق في تشيلسي، في اللعبة الترفيهية، ثم بدأ شغفه بقرع الطبول. يمتلك تشيك العديد من مقاطع الفيديو وهو يقرع الطبول على موقع «youtube»، وقد أكد حارس آرسنال الحالي أنه لم يدرس الموسيقى من قبل، بل علّم نفسه حتى أصبح متمرّساً على آلة الدرامز. هوايةٌ ساعدته في تنمية مهاراته في استخدام اليدين وتحريكهما في الوقت المناسب وبالسرعة المطلوبة، وهو ما انعكس على ردة فعله السريعة في التصدي للكرات، كما صرّح اللاعب في وقتٍ سابق.