انتهى الدوري الإيطالي لكرة القدم، ولكن كابوس «إي سي ميلان» لم ينتهِ بعد. النادي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ دور المجموعات من دوري أبطال أوروبا للموسم المقبل، دخل أوروبا من بوابة الدوري الأوروبي «يوروباليغ»، ليعبّد الطريق أمام الجار اللدود إنتر ميلانو. النهاية الكارثية للـ«روسونيري» هذا الموسم، فتحت العديد من الأبواب التي كانت قد أوصدت بفعل النتائج المتقلّبة، والتي أبقت نادي ميلان قريباً من دائرة النجاح حتى الجولات الأخيرة من عمر الدوري، والتي طرحت بالتالي سؤالاً جوهرياً لطالما رفعته الجماهير في سماء ملعب الـ«سان سيرو»، ميلان إلى أين؟فاز ميلان في مبارياته الأربع الأخيرة من الـ«كالشيو»، رغم ذلك، فشل في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا، في واحدة من أكثر نهايات المواسم إثارة في تاريخ الدوري الإيطالي. الفوز الشاق على المضيف سبال بنتيجة (3-2) في الجولة الـ38 والأخيرة من عمر الدوري الإيطالي، لم يكن كافياً لرجال المدرب غينارو غاتوزو، بعدما خطف إنتر ميلانو المركز الرابع برصيد 69 نقطة، فيما حلّ أتالانتا ثالثاً بنفس عدد النقاط مع فارق المواجهات المباشرة. هكذا غاب ثاني أكثر الفرق تحقيقاً لألقاب دوري أبطال أوروبا برصيد 7 ألقاب عن أمجد البطولات الأوروبية، وبالتالي يتواصل مسلسل الخيبات منذ آخر مشاركة لميلان في الـ«تشامبيونز ليغ»، موسم (2013-2014).
مشاكلُ عديدة عانى منها ميلان هذا الموسم. الفريق الذي أثبت على فتراتٍ متقطّعة أنه قادر على المنافسة على الألقاب، خرج بموسمٍ خالٍ من الألقاب، مُستكملاً انتكاسات السنوات القليلة الماضية. صفقاتٌ واعدة أبرمها ميلان، على غرار المهاجم البولندي كريستوف بيونتك ومتوسط الميدان البرازيلي لوكاس باكيتا، علّقت عليها الآمال لعودة العملاق الإيطالي من جديد، غير أنّ لغة الميدان كانت مختلفة، وخالفت لغة اللاعبين وإدارة النادي على حد سواء.
بالنظر إلى مسار الفريق المتقلب في مختلف البطولات، والقرارات الفنية الصادرة عن الجهاز الفني في كل مباراة، يتحمل مدرب الفريق الإيطالي غاتوزو الجزء الأكبر من المسؤولية عن موسم الفريق المخيب.
خسارةٌ من لاتسيو في المراحل الأخيرة من عمر الموسم، أخرجت ميلان من نصف نهائي كأس إيطاليا، تبعتها خسارةٌ في الدوري أمام تورينو، وضعت المدرب الإيطالي في موقف لا يُحسد عليه، لتنهال بعدها المطالبات برحيل غاتوزو عقب الفشل في التأهل إلى دوري الأبطال.
محاولاتٌ عديدة جرى العمل عليها لإعادة ميلان إلى الواجهة من جديد، ولكنها مُنيت بالفشل في الفترة الأخيرة.
يتحمل مدرب الفريق الإيطالي غاتوزو الجزء الأكبر من المسؤولية


البداية كانت مع تسلم الإدارة الجديدة، المتمثلة بصندوق إليوت الأميركي، وصولاً إلى الاعتماد على أبناء النادي، أو نجومه التاريخيين، لشغل مراكز إدارية مهمة في الفريق. البداية كانت تدلّ على أن العمل سيكون من أجل إعادة ميلان إلى الحياة الكروية، وربما كان يجب على القيّمين العمل من أجل إعادته بالحد الأدنى إلى دوري أبطال أوروبا، لتُستكمل عملية البناء في الموسم المقبل، ولكن هذا لم
يحدث.
صيفٌ حاسم ينتظر نادي ميلان، سيحدّد بدرجةٍ كبيرة توجهاته وطموحاته المستقبلية. التغيير الأساسي قد يبدأ من رأس الهرم الفني، رغم تباين الآراء حول إبقاء غاتوزو أو إقالته.
في تصريح للمدرب الإيطالي بعد المباراة الأخيرة، عبّر غاتوزو عن خيبة أمله جرّاء النهاية المخيبة للموسم، كما اعترف في المؤتمر الصحافي، أنه يأمل البقاء على رأس الإدارة الفنية للفريق. التغيير الإداري قد لا ينحصر بغاتوزو فحسب، إذ تفيد التقارير اقتراب كلٍّ من المدير الرياضي ليوناردو ومالديني من الرحيل. نجما ميلان السابقان، يريدان التنحّي عن مركزيهما الإداريين بعد مشاكل مستمرة مع المدير التنفيذي للفريق إيفان غازيديس، وترك المهام للويس كامبوس، المدير الرياضي لنادي ليل الفرنسي. بدأت المشاكل في سوق الانتقالات الأخير، حيث تباينت الآراء حول انتدابات الفريق التي قد تفيده حينها.
تمكن ليوناردو من الاتفاق شخصياً مع المهاجم السويدي زلاتان إيبراهيموفيتش والمدافع الأورغواياني غودين. صفقتان كان الهدف منهما، خلق مزيج من الخبرة والشباب في الفريق بنظر ليوناردو، غير أن غازيديس أوقف الصفقتين بحجة أعمار اللاعبين المتقدمة. بعد ذلك، اتخذت الإدارة قراراً يقضي بجعل غازيديس صاحب الكلمة الأعلى في سوق الانتقالات، وهو ما أشعل حرباً ثانية بين الرجلين إثر الخلاف على استقدام اللاعب إيفرتون سواريز.
في ظلّ الضبابية التي تخيّم على أجواء الـ«سان سيرو»، واقتراب خروج غاتوزو، سيتّجه النادي إلى استقدام مدرب يناسب مشروع الإدارة، والذي يرتكز على تحقيق موسم جيّد، من دون صرف الكثير من الأموال على شراء اللاعبين. أهدافٌ قد تتحقق ربما مع ماوريسيو ساري، مدرب تشيلسي المهدد بالإقالة رغم اتّصاف موسمه الأول في إنكلترا بالنجاح النسبي. ولكن بنظرة هادئة، يبدو واضحاً أن المشاكل في ميلان هي أكبر من مدير فني أو مدير تنفيذي، إذ إن درب العودة إلى الواجهة من جديد، يبدو أطول من المتوقع على خلفية سوء التنظيم الإداري للفريق. سوق الانتقالات المقبل سيوضح كل شيء.