رسم رئيس نادي الحكمة إيلي يحشوشي، الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة التي سيُقدم عليها النادي. مرحلةٌ قرأ الحكماويون الكثير من سطور التفاؤل فيها، لكنهم في الوقت نفسه لمسوا مدى العقبات الموجودة حالياً والصعوبات الكثيرة التي ستجعل عجلة العمل ثقيلة خلال دورانها في محطات معيّنة.مما لا شك فيه، أن «محازبي» كرة القدم في النادي يشعرون براحة أكبر من تلك التي يمكن أن يشعر بها «الجناح السلوي»، وهو أمر منطقي، إذ بعيداً عن وجود جزء كبير من أعضاء الإدارة الحكماوية من محبي الفوتبول، فإن كلام الرئيس عكس أمراً واضحاً، هو أن المهمة أسهل لبناء فريق يعيد الحكمة إلى دوري الأضواء، منه إلى تأسيس فريقٍ منافس في كرة السلة. وهذه مسألة منطقية استناداً إلى الميزانية المطلوبة لترفيع فريقٍ إلى الأولى، والتي قد لا تتجاوز 400 ألف دولار، بينما ستتخطى المليون دولار بالتأكيد أي ميزانية لخلق فريقٍ قوي، وربما ضعف هذا المبلغ في الحكمة تحديداً بالنظر إلى الوضع الفني الذي ظهر عليه الفريق الأخضر في بطولة لبنان لكرة السلة هذا الموسم.
ويتعزز الارتياح لدى جمهور كرة القدم مع تشديد يحشوشي على أنه وإدارته ضد إلغاء فريق الفوتبول «وكانت لنا اليد الطولى لمنع حدوث ما يمكن وصفه بالمجزرة وقتذاك بحق الفريق». وما يعزّز منح الاهتمام لفريق كرة القدم بقدر ما كان موجوداً دائماً لفريق كرة السلة، هو التوجّه لعملية إعادة بناء ملعب الحكمة في عين نجم بسرعة، لتكون تلك المساحة المهملة حالياً، التي تحوّلت إلى حقلٍ برّي، مساحة فعلية لتنشئة جيلٍ كروي حكماوي يمكنه الدفاع عن ألوان النادي. وفي هذا الإطار كشف يحشوشي للمرة الأولى في حديث تلفزيوني، «وضع المطران بولس مطر الملعب بتصرفنا للعمل على مشروعٍ تطويري، وقد بدأت الإدارة وضع الأسس لبناء مدينة الحكمة الرياضية التي ستضم ملعباً لكرة القدم وآخر لكرة السلة، إضافةً إلى ملاعب أخرى مغلقة، والمركز الرئيسي والنهائي للنادي بدلاً من المركز الحالي في مبنى القدامى في الأشرفية».
وإذا كانت الإدارات السابقة كلّها قد تحدثت عن تحويل النادي إلى مؤسسة أو تشييد ملعبٍ خاص بأحد الفريقين، فإن يحشوشي رأى أن الفارق هذه المرّة هو أن الجمهور يريد أن يشترك في عملية تطوير النادي، وذلك بعدما تحمّل المسؤولية في الفترة الاخيرة، غامزاً من قناة الضغط الجماهيري بعد نزول المشجعين إلى الشارع، مطالبين بالتغيير الإداري. أما النقطة الأخرى التي يمكن أن تريح الجمهور الكروي، فهو تأكيد رئيس النادي أكثر من مرّة أن الدرجة الثانية ليست مكان فريق كرة القدم في الحكمة، مبدياً ارتياحه للعودة إلى اللعب في دوري الأضواء بعد لقائه مع رئيس الاتحاد اللبناني هاشم حيدر، ومعتبراً أن الوضع تغيّر عن السابق، أي عن تلك الأيام التي شعر فيها النادي بأنه «مُحارب» في مكانٍ ما.

الوضع المالي والديون
في ظل الجو الإيجابي الحاضر حول الملاعب الخضراء، إن مجرد الحديث عن كرة السلة يأخذ الكلام حول حجم الديون المتراكمة على النادي، الذي بلا شك أُثقلت خزينته بالأرقام السلبيّة بسبب الخطوات غير المحسوبة التي اتُّخذت في محطاتٍ عدة تحت شعار استعادة لقب بطولة لبنان التي غابت عن الخزائن الحكماوية منذ عام 2004 حين تُوّج الفريق بلقبه الثامن.
والحديث عن الأرقام فتح الباب أمام توجيه يحشوشي لرسائل باتجاهات مختلفة حول الحقيقة المالية في النادي قبل وصول الإدارة الحالية وبعده، «قيل لنا إن ديون النادي هي 700 ألف دولار، لكن قبل تسلّمنا بفترة قصيرة ومراجعاتنا وصلنا إلى رقم بلغ مليوناً و600 ألف دولار. أما اليوم، فالدَّين هو 2 مليون و650 ألف دولار من دون المصاريف التي تكفّلنا بها مع تسلّمنا الإدارة». وأضاف موجّهاً رسالة أخرى، ومُسقطاً فرضية الاستقالة: «مستمرون رغم حرب الإلغاء التي شنّها البعض على نادي الحكمة والمستمرة حالياً. وهذه الحرب للأسف على مستويات عدة ومن فئات عدة وأشخاص عدة».
سيكون هناك اهتمام بكرة القدم أكثر من كرة السلة في الحكمة


وتطرّق يحشوشي إلى خططٍ بثلاث نقاط في ما خصّ التوصل إلى اتفاق مع المدرب السابق فؤاد أبو شقرا حول المشكلة المالية بينه وبين النادي. لكن مع رفضه الكشف عن هذه الخطط لمواجهة ما سمّاه «الحرب»، قرأ البعض هذا الكلام بأنه يملك بعض التفاصيل التي يمكن أن تأخذ الأمور إلى حيث تريد الإدارة الجديدة. وما يعزّز هذه الفرضية قوله إنه يأمل أن تنتهي هذه القضايا «بشكل نظيف ورايق». وكان الحكمة قد تعرض لعقوبات من الفيبا قبل أسابيع بسبب عدم دفع مستحقات مدرب النادي السابق فؤاد أبو شقرا المالية، والتي وصلت بحسب بعض التقديرات إلى نحو 400 ألف دولار. وقال المدرب السابق في أكثر من مناسبة إنه أعلن استعداده للتخلي عن جزء من هذه المستحقات، لكنه لم يلقَ التجاوب المطلوب.
كلام رئيس النادي كان واضحاً في هذا الإطار، حيث قال: «علينا محاسبة من سبقنا لنقنع من سيخلفنا بأنه يمكنه محاسبتنا أيضاً، وهناك دفتر سيُفتح»، مشدداً على أن كل الملفات فتحتها لجان التحقيق في النادي «وسنقول عندما نجد اي مقصّر وسنعطي صاحب الحق حقه اذا ما وُجد».
أما الأهم بالنسبة إلى محبي كرة السلة، فإن الواقعية كانت حاضرة عندما قال رئيس نادي الحكمة إنه عند انتخاب اللجنة الإدارية كان الهدف وضع الفريق في «الفاينال فور» في الموسم المقبل «لكن هذا كان عند رقم الدين الذي وصل الى مليون و600 الف دولار، لكن مع رقم ناهز 3 ملايين دولار، ستختلف الحسابات. أما الحل، فهو عند الحكماويين انفسهم مع توجّه لفتح الجمعية العمومية وتقريب أصدقاء الحكمة من النادي لمساعدته. لذا، أقولها بصراحة: يمكن أن يكون هناك تأخير في موضوع التأهل إلى دور الأربعة. لذا، علينا أن نتمتع بطول البال، لأننا نعمل بشكلٍ دقيق على الموضوع المالي، وإذا ما استطعنا تأمين ميزانيتين لترفيع فريق الفوتبول إلى الأولى وتأهيل فريق السلة إلى «الفاينال فور»، نكون قد أصبنا الهدفين اللذين وضعناهما عند وصولنا إلى اللجنة الإدارية».
ويبقى الهدف الأساسي بالنسبة إلى الإدارة الجديدة، ترك النادي بعد 4 سنوات من دون أي ديون ومع مشروع مدينة رياضية، وجاهز مجدداً لرسم المزيد من الإنجازات وتعزيز تاريخه الذي بدأ قبل 76 سنة.