دائماً ما كان هناك لاعبون لا يقدمون أفضل ما لديهم لأسباب عدّة. ولعلّ أبرز هذه الأسباب دقائق اللعب التي يشارك فيها هذا اللاعب أو ذاك مع فريقه أو منتخب بلاده. مواهب عدّة انتهت بفعل التأثير من لاعبين أكثر شأناً ضمن الفريق. الأرجنتيني باولو ديبالا، نجم يوفنتوس الإيطالي، من بين الأسماء التي راحت ضحية لهذه الإجراءات التفضيلية. ديبالا، لا يختلف اثنان على أنه موهبة فذّة، وأنه من بين اللاعبين الذين من الممكن أن يحسموا المباريات بلمسة واحدة، أو بهدف حاسم لمصلحة فريقه. لم يشارك ديبالا مع منتخب بلاده «الألبي سيليستي» في بطولة كأس العالم الأخيرة في روسيا إلا في مباراة واحدة أمام المنتخب الكرواتي، عندما دخل بديلاً في دقائق المباراة الأخيرة. شارك على حساب ديبالا لاعبون لم يكن العالم يعرفهم، لو لم يشركهم مدرب المنتخب الأرجنتيني خورخي سامباولي. أسماء كميزا، أكونيا، بافون وغيرهم من الأرجنتينيين الذين لا يستحقون المشاركة على حساب لاعب بقيمة باولو ديبالا.
لم يعد ديبالا يشارك كثيراً في المباريات الحساسة مع يوفنتوس

خلال المونديال، انتشرت الكثير من الشائعات حول أن نجم المنتخب الأرجنتيني وقائده ونجم برشلونة الإسباني ليو ميسي، له دور كبير في عدم مشاركة ديبالا مع المنتخب، على الأقل كلاعب أساسي. الصحافة العالمية استنتجت هذا الخبر، جرّاء تصريح لميسي نفسه قبل بداية كأس العالم عندما قال إن ديبالا لاعب مميّز، ولكنه يشغل المركز الذي ألعب وأرتاح فيه. كلمات، كانت بمثابة «صبّ الزيت على النار»، وتأكد الجميع أن لميسي ودوره مع المنتخب التأثير بمشاركة ديبالا. هذه مشكلة بحدّ ذاتها، مشكلة بسبب أن ميسي لديه الكلمة الأعلى في المنتخب الأرجنتيني، حتّى أعلى من سامباولي. إذاً، على صعيد الإستحقاق الدولي، لم يلقَ ديبالا حيّزاً مناسباً لكي يبرز من خلاله، ويبرهن أن موهبته مميّزة، وأنه من اللاعبين القادرين على صناعة الفارق، تماماً كما يقوم دائماً مع فريقه الإيطالي يوفنتوس. ولكن قبل مجيء النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو. الأخير، بعد أن قدّم مواسم استثنائية مع ريال مدريد، انتقل إلى صفوف «السيدة العجوز»، في صفقة لم يكن أحد يتوقّعها. أصبح بين ليلة وضحاها، «الدون» كريستيانو، أفضل لاعب في العالم خمس مرّات، النجم الأول والأوحد في فريق المدرب الإيطالي ماسيميليانو أليغري. ديبالا، كان جوهرة النادي الإيطالي، كانت الجماهير تهتف باسمه. ديبالا، في فترة قصيرة من الزمن، أصبح هو المسدد الثاني لركلات الجزاء بعد رونالدو. الركلات الحرّة ذهبت لـ«صاروخ ماديرا» أيضاً. لم يعد ديبالا نجم الفريق، الجميع يمرر إلى كريستيانو، وديبالا بات النجم الثاني للفريق. الأمور أخذت منحىً أكبر من ذلك، حتى لم يعد ديبالا يشارك كثيراً في المباريات التي يريد فيها أليغري الفوز، أو بمعنى أدق، في المباريات الحاسمة. فكما شاهد الجميع الليلة التاريخية لرونالدو أمام أتليتيكو، أشرك أليغري كلاً من ماريو ماندزوكيتش والإيطالي الشاب فيديريكو برناردسكي، على حساب ديبالا، وذلك لسبب واحد فقط، هذا الثنائي يفيد رونالدو أكثر بكثير مما يفيده ديبالا.
ديبالا، قصّة موهبة دمّرها عملاقا الكرة العالمية في السنوات العشر الماضية، رونالدو وليو ميسي. النجم الذي كان الجميع يقارنه بليو، وبأنه خليفته في المنتخب الأرجنتيني، لا يستطيع المشاركة مع الأرجنتين. وعندما يعود من مسقط رأسه، إلى إيطاليا، يجد «المعضلة» عينها مع رونالدو. ما يمكن أن يشكّل بصيص أمل لهذه الموهبة الأرجنتينية، كبر سن رونالدو، ما يعني أنه إذا قرر البقاء مع يوفنتوس، سيعود لديبالا شيء من مكانته التي ضاعت بسبب شهرة نجوم آخرين على حسابه. مباراة اليوم أمام أياكس أمستردام (الساعة 22:00 بتوقيت بيروت)، من المتوقّع أن يشارك فيها الأرجنتيني أساسياً، نظراً لتواضع الخصم (على الورق)، ولأنها لا تزال مبارة ذهاب، إلّا أنه عندما يتطلّب الأمر حسماً في الإياب، سنرى من جديد، نجماً مميزاً كديبالا، يناظر المباراة من على مقاعد البدلاء.