أكبرُ خسارةٍ في تاريخ مشاركات المنتخب اللبناني الأولمبي ضمن تصفيات كأس آسيا، هي تلك التي تلقّاها أمس الجمعة، خلال لقائه مع المنتخب الإماراتي، في الجولة الأولى من التصفيات القارية المؤهلة إلى تايلند. ستةُ أهدافٍ دخلت شباك منتخب لبنان، مقابل هدفٍ واحدٍ جاء على شكل هديّةً من حارس الإمارات للاعبين يعتبرهم البعض مظلومين.الظلم يأتي هنا بعدما وجد اللاعبون أنفسهم فجأةً أمام استحقاقٍ قاري يمثّلون خلاله بلادهم، بعدما تجمّعوا قبل ثلاثة أيامٍ على السفر إلى السعودية لخوض التصفيات، من دون خوض أي مباراةٍ ودية، يتعرّفون من خلالها على الأقل بعضهم إلى بعض. خيبةٌ جديدة، تأتي بعد تلك التي سبقتها عقب خروج المنتخب الأوّل من دور المجموعات بكأس آسيا «الإمارات 2019». التحضيرات، الأداء، والنتائج، كلها كانت إشاراتٌ لِما كان ينتظر لبنان في المحفل القاري الآسيوي الأكبر. وإذا كان هذا المنتخب قد استعد ببعض المباريات وخاض حصصاً تدريبيّة عدّة ومعسكرات خارجية، وخرج بهكذا خيبة، فما هو المنتظر من منتخبٍ «استُغنيَ» عنه، وتجاهل القائمون عليه أن يُعدّوه خلال فترة توقّف الدوري بين مرحلتي الذهاب والإياب، بل لم يُعيّنوا له جهازاً فنياً حتى بعد انتهاء مشاركة المنتخب الأوّل القارية. ظُلم لاعبو المنتخب الأولمبي ربما، لكن الظلم الذي وقع عليهم ليس وليد مباراة أمس فقط، بل هو حلّ على المجموعة قبل سنوات، بفعل إدارةٍ رياضيةٍ تُراكم الإخفاق فوق الإخفاق، ليستمر مسلسل الخيبات.
حسين شرف الدين، حسن مهنا، أليكس بطرس، محمد طه، مصطفى كساب، محمد قدوح، حسين منذر، أندرو قزي، موسى الطويل، مارك مهنا وغيرهم. جميع هؤلاء كانوا ضمن صفوف المنتخب الأولمبي قبل نحو ثلاث سنوات، خلال الاستعدادات لتصفيات كأس آسيا «الصين 2018». قلّةٌ منهم خاضوا التصفيات القارية، فيما انضم قسمٌ آخر إلى منتخب دون 20 عاماً لخوض بطولة الألعاب الفرنكوفونية في أبيدجان. كِلا المنتخبين خرجا بإخفاقٍ كان متوقعاً، ليُتركا لمواجهة مصيرٍ كُشف عنه أمس.
في التصفيات الماضية، واجه لبنان الإمارات وخسر بهدفٍ وحيد، بعدما سقط أمام أوزبكستان بثلاثية، واكتفى بفوزٍ واحدٍ على نيبال بهدفين. انتهت المشاركة القارية الشرفية الروتينية، وتفرّغ الجهاز الفني، لمنتخب لبنان الأوّل، الذي كان يخوض تصفيات كأس آسيا «الإمارات 2019» قبل أن يشارك في البطولة مطلع العام الجاري.
انتهت هذه المشاركة أيضاً، وانتظر المدرب أسابيع ليستدعي لاعبي المنتخب الأولمبي إلى الاختبارات، فهو، بطبيعة الحال، لم يُتابعهم بعد الإخفاق السابق. انشغل اللاعبون بمباريات فرقهم في بطولة الدوري ومسابقة كأس الاتحاد الآسيوي، وتغيّب أكثر من نصفهم عن التمارين التي أجريت في منتصف الأسبوع. الاتحاد اللبناني لكرة القدم استغنى عن فكرة إعداد المنتخب بمباريات وديّة، ولو حتّى مع فرقٍ محليّة، كما كان يفعل سابقاً، وتركه لمواجهة مصيرٍ كان متوقّعاً، أمام منتخبٍ يستعد لهذه التصفيات منذ العام الماضي. انتهى الصعب بخسارةٍ بسداسية، وسيأتي الأصعب غداً الأحد، حين يلتقي لبنان مع السعودية في ثاني المباريات.
الاتحاد اللبناني استغنى عن فكرة إعداد المنتخب بمباريات وديّة ولو حتّى مع فرقٍ محليّة


ما هو مؤسف، أن قائمة اللاعبين المستدعاة تضم لاعبين مميزين، منهم نجومٌ مع فرقهم، حاولوا قدر الإمكان تقديم أنفسهم في مباراة أمس، لكن المجموعة ككُل كانت ضعيفة، وذلك يعود إلى عدم الاستعداد وتجمّع اللاعبين بعضهم مع بعض لفترة. أسماءٌ أخرى غابت بغرابةٍ عن القائمة التي استدعاها المدرب الصربي، فيما لم يعمل المسؤولون عن المنتخب على استقدام المحترفين في الخارج، الذين سبق أن خاضوا التجارب مع منتخبات الفئات العمرية في لبنان، وكانوا ينتظرون التمثيل الدولي.
الجمهور عبّر عن غضبه على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الخسارة القاسية، موجّهاً أصابع اللوم إلى اتحاد اللعبة. من بين التعليقات، أسفٌ من والدة أحد اللاعبين الذين خاضوا مباراة أمس، على ابنها الذي سافر مع المنتخب بَلا تحضيرٍ ولا معسكر. «مش حرام؟» تُعلّق، حالها كحال جمهور اللعبة الآسفِ لحال اللاعبين.
على أرض الملعب، وجد المنتخب اللبناني نفسه متقدّماً بالنتيجة بعد مرور ربع ساعة بهدفٍ احتسب لفؤاد عيد، الذي ارتطمت به تسديدة الحارس محمد الشامسي ودخلت مرماه. بعدها، استغل لاعبو منتخب الإمارات أخطاء الدفاع وحارس المرمى، وسجلوا هدفين قبل انتهاء الشوط الأول عبر زايد العامري (28) وماجد راشد (41). ومع انطلاق الشوط الثاني، أضاف محمد الحمادي هدفاً ثالثاً للإمارات (53)، تبعه هدفٌ رابعٌ للعامري (59) من ركلةٍ جزاءٍ غير صحيحة، قبل أن ينهار الدفاع اللبناني، سامحاً للإماراتيين بتسجيل الهدفين الخامس والسادس عبر العامري (69) وجاسم يعقوب (76)، فيما لم يُحتسب هدف مهاجم المنتخب اللبناني كريم درويش في الدقائق الأخيرة بسبب التسلل.