ربّما وضع جميع المدريديون والمشجعين المتيّمين بالنادي الملكي أيديهم على قلوبهم بعدما شاهدوا «الهاتريك» الذي سجّله النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي أمام أشبيلية. صحيح أن ميسي اليوم يعيش أفضل فتراته في هذا الموسم، ولطالما حدث هذا السيناريو، الذي يحمل فيه الأرجنتيني فريقه على كتفيه، وينقذه من هدر النقاط في الدوري، إلاّ أن مقولة «الفوز يغطّي العيوب»، تنطبق تماماً على فريق برشلونة.النادي الكاتالوني يسير نحو تحقيق لقب الدوري الإسباني، لكن الأداء الذي اعتاده مشجعو هذا النادي اندثر تماماً، وأصبح «فريق ميسي» يفوز بشق الأنفس في أغلبية مبارياته. بهذا الأداء المتواضع، لا يمكن لبرشلونة مجاراة فرق كمانشستر سيتي مثلاً في دوري الأبطال، وباريس سان جرمان، وبايرن ميونيخ أو ليفربول وأتلتيكو مدريد، وذلك بسبب الضعف الدفاعي الذي يعاني منه الفريق هذا الموسم.
سيلعب ميسي دور المنقذ مجدداً ( خورخي غيريرو - أ ف ب)

أضف إلى ذلك أن المدرب أرنستو فالفيردي، ومع الوصول إلى أهم المراحل في الموسم الحالي، لا يزال متردداً في وضع تشكيلته، التي لم يثبت عليها مباراتين متتاليتين. غياب لاعب خط الوسط الشاب البرازيلي آرثر ميلو، له تأثير كبير على خط وسط «البلاوغرانا». ليس تقليلاً من قدرات المحارب التشيلياني آرتورو فيدال، بل إن قيمة آرثر في خط الوسط أصبحت غير قابلة للتعويض، نظراً إلى ما يقدّمه «تشافي الجديد» من أدوار مهمة وتمريرات حاسمة. ميسي، الذي يتصدّر ترتيب الهدافين في الدوريات الخمسة الكبرى بـ25 هدفاً، إضافة إلى تصدّره ترتيب أفضل ممرر بواقع 11 تمريرة حاسمة، لا يمكن أن يكون هو «المخلّص» لبرشلونة، ومن الصعب أن ينقذ الفريق في كل المباريات. لحسن حظ النادي الكاتالوني أنه سيواجه ريال مدريد في إياب دور النصف نهائي لكأس ملك إسبانيا (الساعة 22:00 بتوقيت بيروت)، في أسوأ فتراته (خسارة أمام جيرونا في السانتياغو بيرنابيو، فوز صعب أمام ليفانتي بهدفين مقابل هدف واحد).
الكلاسيكو يبقى مباراة مختلفة ومنفردة عن كل أحداث الموسم، يبقى له وقع خاص، وتركيز مضاعف. أبناء المدرب سانتياغو سولاري، المدرب الذي لم يكوّن حتى الآن هويته الخاصة، باستثناء مشاركة الشاب البرازيلي المتألق فينيسيوس جونيور، سيحاولون جاهدين إيقاف «البرغوث» الأرجنتيني الذي، وبكل بساطة، إذا استطاع المدريديون تضييق الخناق عليه، فهذا يعني أمراً واحداً، أن برشلونة سيتوقّف عن العمل. ميسي، لاعب لا يعوّض في النادي الكاتالوني، خصوصاً في الموسمين الحالي والماضي، فلم يعد هناك من يساعد ليونيل، لا في صناعة اللعب، ولا في تسجيل الأهداف (في ظل التراجع الكبير لمهاجم الفريق الأوروغواياني لويس سواريز والجناح البرازيلي فيلبيبي كوتينيو). مباراة الذهاب، التي لم يشارك فيها ميسي سوى دقائق، انتهت بالتعادل الإيجابي بهدف لمثله، نتيجة إيجابية لمدريد، لكن هذه المعطيات (أفضلية الهدف خارج الأرض) لا تنفع في موقعة الـ«كلاسيكو»، إذ إن الفريقين يعلمان جيداً ملعب الخصم، وكيف تكون الأجواء.
الفرق الوحيد بين النادي الكاتالوني وريال مدريد هو وجود ميسي، فإذا قارن المتابعون أداء برشلونة من دون نجمه الأوّل، يصبح قريباً جداً لما يقدّمه المدريديون هذا الموسم. صحيح أن الهدف الأول لإدارة برشلونة ولميسي على وجه الخصوص هو دوري الأبطال، إلا أن تصريحات قائد برشلونة كانت واضحة تماماً بعد مباراة أشبيليّة حيث قال، «سنحارب للفوز بالألقاب كلها، هذا هو هدفنا». مباراة الإياب ستكون صعبة على الطرفين، مع أفضليّة طفيفة لبرشلونة، بسبب ميسي، وبسبب النتائج الجيدة والانتصارات المتتالية في المباريات الأخيرة (باستثناء موقعة ليون في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال أوروبا). يجب على سولاري أن يتحلّى بالصبر، وأن يضع خطّة تقوم على إيقاف محرك الفريق الكاتالوني. في آخر ثمانية مواسم، حقق برشلونة لقب كأس الملك 5 مرّات، وفي الثلاث مرّات التي لم يحقق فيها اللقب، كان النادي الملكي هو المسؤول الأول، وهذا يعطي دلالة عن مدى شجاعة ريال مدريد التي تختلف عن غيرها من الفرق في إسبانيا، عندما يواجه العملاق الكاتالوني، ولو أن هذا العملاق بانت عليه الكثير من الجروح في المواسم الثلاثة الأخيرة.