هي مباراة تجسّد التغيير الكبير الذي حدث في عالم كرة القدم. مباراة تثبت أن هذه اللعبة الشعبيّة لم تعد كذلك أبداً، بل الأمر لم يعد يرتبط بالشعب بأي صلة. مباراة بين كل من صاحب الأرض، الفريق التاريخي في ألمانيا، نادي شالكه، والنادي الـ«مستحدث» والجديد على منصّات التتويج، فريق المدرب الإسباني بيب غوارديولا، مانشستر سيتي. في الحديث عن التاريخ، ربّما مقولة «من له تاريخ، حتماً سيعود» لا تنطبق على الفريق الأزرق الملكي. آخر لقب للدوري الألماني حققه فريق «الرويال بلوز» كان في سنة 1958، أي منذ أكثر من 60 سنة، اشتاقت خلالها جماهير شالكه لرؤية فريقها يرفع الكأس من جديد. هو أيضاً فريق زعيم الحزب النازي الألماني، أدولف هتلر، وليس من الصدفة أن الفريق سيطر على ألمانيا وبطولاتها في تلك الفترة التي كان فيها هتلر الآمر الناهي في ألمانيا. استطاع فريق شالكه، وتحديداً بين عامي 1933 و1943، الوصول الى نهائي بطولة ألمانيا تسع مرات، حقق البطولة في ست مناسبات منها، إلا أن الأمور لم تسر على أكمل وجه بعد انتحار هتلر وخسارته الحرب العالمية الثانية على يد الاتحاد السوفياتي، فبدأ يتراجع من حيث النتائج. أوروبياً، لم تكن إنجازات الفريق الذي يملك أكبر قاعدة جماهيرية في ألمانيا (يأتي خلفه كل من بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند)، إلا أنه تمكن في سنة 1997 من تحقيق لقب الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ». شالكه لا يتصدّر ترتيب الأندية الألمانية من حيث القاعدة الشعبية أو الجماهيرية فقط، بل إنه يعد ثاني أغنى ناد في ألمانيا بعد العملاق البافاري بايرن ميونيخ الذي بدوره، سيطر على جل بطولات كرة القدم الألمانية في السنوات الخمس الماضية. أمّا على الصعيد العالمي، وبعيداً عن الترتيبات المحليّة، فإن فريق «الأزرق الملكي» يحتل المركز العاشر عالمياً في ترتيب أغنى فرق العالم.
يمتلك نادي شالكه أكبر قاعدة جماهيرية في ألمانيا

وعندما يكون الفريق تاريخياً، لا بد من وجود صراع تاريخي أيضاً، يصطدم فيه شالكه في كل موسم، وهو الدربي الكبير بينه وبين «المارد الأصفر» بوروسيا دورتموند. المباراة تعتبر من أهم المباريات التي تخص «الدربيات» في العالم. ومن يشاهد المباريات الألمانية، يعلم مدى تعلّق الجماهير بفرقها، من خلال الأعداد الكبيرة التي تتهافت إلى الملاعب مع كل صافرة بداية لأي مباراة. ويطلق على هذا الدربي إسم «دربي الرور»، وهو على اسم نهر يمر بين مدينتي الفريقين. الجدير بالذكر أن نادي شالكه الألماني لكرة القدم تأسس في عام 1904، وقد اكتسب اسمه الشهير (شالكه) من أحد أحياء مدينة «جيلسنكيرشن» في مقاطعة شمال الراين وستفاليا في غرب ألمانيا، حيث تنتمي أندية ألمانية كبيرة إلى تلك المقاطعة مثل بوروسيا دورتموند.
سيحمل المدرب الإيطالي الألماني دومنيكو تيدسكو تاريخ فريقه على كتفيه ليحارب به، فهو سيفه المتوفر الوحيد، نظراً الى الحالة الصعبة التي يمر بها الفريق في العقدين الأخيرين. مواجهة صعبة أمام فريق يعتبر الوجه الثاني والمختلف كلياً عن شالكه، النادي الإنكليزي مانشستر سيتي. الأول يحارب بتاريخه، والثاني، حاضره ومستقبله يمثلان كل شيء بالنسبة اليه. فريق «السيتيزنس» يمر بأفضل فتراته، بعد النكسة أمام نيوكاسل في ملعب سانت جيمس بارك. السداسية في مرمى تشيلسي، كانت بمثابة جرعة من الحياة، أخذها كل من بيب وفريقه، ليعودوا ويتصدروا الدوري من جديد، بعد التعثرات المتتالية وغير المبررة من الفريق المنافس على اللقب، فريق المدرب الألماني يورغن كلوب، ليفربول. على الورق، المباراة ستكون «سهلة» بالنسبة الى السيتي، نظراً الى الفروقات الكبيرة في المستويات وفي العناصر التي يمتلكها السيتي. ستكون مباراة الذهاب في الملعب الألماني «فيلتينز أرينا»، وهو من أكثر الملاعب تطوراً في العالم، حيث إنه مصمم على شكل غرفة لها سقف متحرك، كما أن أرضية الملعب تسحب إلى الخارج لكي تتعرض للشمس، ويتسع لحوالى 62,271 متفرجاً، ويشتهر بمدرجه الشمالي الذي يتجمّع فيه أكثر المشجعين تعصباً. من الصعب أن يحقق شالكه المفاجأة، بل إنها مهمّة شبه مستحيلة، لكن ما يميّز كرة القدم عن غيرها من الرياضات، أنها تفاجئ الجميع عندما يفوز الفريق المتواضع على الفريق المرشّح وبقوّة للفوز. (المباراة 22:00 بتوقيت بيروت)