إستعراض هجومي جديد للأنصار الفائز على ضيفه السلام زغرتا (4-0)، في افتتاح المرحلة الـ 15 من الدوري اللبناني لكرة القدم، في مباراة أقيمت على ملعب بيروت البلدي الذي عاد إلى الحياة بعد غيابٍ طويل، إستمر لأكثر من عامين.عودة الملعب لاستضافة المباريات وخلقه حركة طبيعية في محيطه في منطقة الطريق الجديدة، لم يكن العنوان الوحيد لهذه المباراة، بل العرض الأنصاري الجميل مجدداً، والذي من خلاله رفع «الأخضر» غلّته التهديفية في شباك السلام إلى 10 اهداف، بعد أن فاز ذهاباً (6-2) في المرداشية.
فارق المستوى بدا كبيراً بين الفريقين، أقلّه بسبب النضج التكتيكي العالي عند لاعبي المدرب عبد الله أبو زمع، إذ لا يمكن التصديق بأن هذا الفريق الممتع كان قبل اللقاء يقف على مسافة 10 نقاط من العهد المتصدر وحامل اللقب، وهو الذي حقق انتصاره الرقم 10 هذا الموسم بمواجهة الضيف الزغرتاوي. لكن هذه الحقيقة لم تعد مريرة على الجماهير الأنصاريّة التي ظهر على محياها الرضا، إذ لم يعد جمهور الأنصار يفكّر باللقب بقدر ما يستمتع بأداء فريقه ولسان حاله يقول لادخال المواساة الى قلبه، «نحن أفضل من يلعب الكرة حالياً».
الواقع هذا أمر لا جدال حوله، لكن عوامل عدة تخدم الأنصار حالياً، وهي التوظيف الصحيح للاعبين على أرض الملعب، وحتى اولئك الذين يلعبون بعيداً من مراكزهم الأصلية، إضافةً إلى الإنسجام الكبير الذي وجد بينهم وتحديداً في الشق الهجومي، ووصولاً إلى خوض «الزعيم» لمبارياته من دون ضغوط وتوتر بعكس منافسيه، ومنهم السلام الذي سقط في هذا الفخ على الملعب البلدي ليتلقى هزيمة ثقيلة جديدة.
(عدنان الحاج علي)

الهداف السنغالي الحاج مالك تال كان نجم الشوط الأوّل بتوقيعه على هدفين مستغلاً نقطة ضعف السلام على الجهة اليسرى المتمثلة بياسر عاشور رغم محاولاته المتكررة للوقوف على قدميه في مواجهة المدّ الهجومي الأنصاري. سجل الحاج مالك من كرة مرتدة إليه من الحارس ثم من ركلة جزاء حصل عليها من عاشور نفسه، ليرفع رصيده إلى 17 هدفاً في 15 مباراة، متخطياً رقمه في الموسم الماضي (15 هدفاً)، وواضعاً نفسه في موقفٍ قوي للحصول على جائزة الحذاء الفضي لافضل هدافي البطولات العربية، كون الحذاء الذهبي أصبح مضموناً بشكلٍ كبير للجزائري بغداد بونجاح لاعب السد القطري.
وإذا كان الحاج مالك «رمز» الأنصار حالياً، فإن القادم من بلاد «العم سام» سوني سعد فتح علاقة سريعة مع شباك ملعب بيروت البلدي من خلال تحفة فنية رائعة جداً تمثلت بتسديدة صاروخية من حوالي الـ 30 متر انفجرت في أعلى الزاوية اليمنى لمرمى الحارس مصطفى مطر، مسجلاً أجمل أهداف الموسم حتى الآن، ومؤكداً بهدفه الثالث منذ قدومه بأنه صفقة ناجحة جداً للأنصار حيث اندمج بشكلٍ كبير مع المجموعة وبرهن عن تكيّف تكتيكي عالٍ وعن قدرات بدنية قلّ نظيرها في الملاعب اللبنانية، إضافةً إلى انضباطه الدفاعي وعدم مبالغته هجومياً.
وبقدر النقاط الإيجابية التي طبعت أداء الأنصار، تحيط السلبيات حالياً بالسلام من كل النواحي، حيث لا صورة هجومية واضحة، ولا منظومة دفاعية متماسكة، فباستثناء الصربي ماركو ميهايلوفيتش يعيش السلام صعوبات كثيرة وسط عدد اخطاء رهيب اكتملت مع الخطأ القاتل لمطر الذي اهدى عباس عطوي «أونيكا» هدفاً رابعاً.
عاد الإنصار إلى عرينه، وأعاد إلى الأذهان الروح الإنتصارية التي تمتع بها أيام كان ملعب بيروت البلدي الحصن المنيع الذي فتح له الطريق إلى منصات التتويج. هو ربما ضل الطريق هذه المرة على صعيد بطولة الدوري، لكن بلا شك يوجّه انذاراً غير مباشر إلى غريمه النجمة قبل «دربي» كأس لبنان، وهي المسابقة التي يفترض أن يؤكد من خلالها نادي الأنصار انه يستحق كل الإشادات التي حصل عليها، وإلا سيكون كل الكلام مجرد حبرٍ على ورق، كون الكؤوس والالقاب هي وحدها التي تبقى مخلّدة في السجلات الذهبية.