لم يكن ما قدّمه لاعبو النجمة في مباراتهم مع طرابلس ضمن الأسبوع الرابع عشر من الدوري اللبناني لكرة القدم عادياً. فاز النجمة بخمسة أهداف على الضيف الطرابلسي العنيد. خرج جمهور النجمة الكبير من ملعب المدينة الرياضيّة راضياً. كثيرون يعتقدون أن اللاعبين قاموا بواجبهم وأنهم كانوا في يومهم، لكن لا يمكن أن يعلم الجمهور حجم ما قدمه اللاعبون على ملعب المدينة الرياضية، إلّا إذا عُرف ما يعانونه وناديهم على الصعيد المالي. اللاعبون يقدمون كل شيء «لكنزة النجمة» وللجمهور الذي يقف خلفهم. قلّة تعلم أن ما قام به اللاعبون إنجازٌ وتعالٍ على الجراح وعلى رأسهم حسن معتوق. نجم النجمة قدّم أداء أعاد إلى الأذهان صورة معتوق «الفنان»، النجم الساحر صاحب القدم الذهبية. بدا معتوق وكأنه يوجّه رسالة إلى من يعنيهم الأمر، «أنا ألعب للقميص ولهذا الجمهور العظيم وليس للمال». قلّة تعلم أن معتوق ما زال ينتظر مبلغاً مالياً كبيراً بلغ الخمسة وسبعين ألف دولار استُحق منذ أربعة أشهر ورضي معتوق أن يتم تأجيله أشهراً تفهماً منه لأزمة النادي المادية، لكن لم يتلقَّ سوى الوعود. وصلت الأمور إلى حدود التفكير بتوكيل محامٍ لتحصيل حقوقه، قبل أن يتم أمس دفع جزء من المبلغ المستحق مع وعدٍ بتسديد الجزء المتبقي بعد أسبوعين. بدا معتوق في المباراة أمام طرابلس كأنه يلعب من «حلاوة الروح»، أبدع وسجّل هدفين ومرر ثلاثة. ويحسب لمعتوق أنه لم ينقل معاناته إلى أرض الملعب.حقوق معتوق المادية قد تكون الأكبر، لكنها ليست الوحيدة. تؤكّد مصادر أنه مع نهاية الشهر الجاري كانت ستصل الرواتب المستحقة إلى الشهرين. واقع «تفجّر» بعد مباراة طرابلس في غرفة الملابس حين طالب أبو بكر الملّ بالرواتب بعد مرور 12 يوماً على نهاية أول شهر لكنه لم يلقَ آذاناً صاغية، قبل أن تحصل مشادة كلاميّة مع مسؤول كبير في النادي ويتم إيقاف المل أمس. حادثة استوجبت تحركاً سريعاً لاستيعاب غضب اللاعبين، حيث تم أمس دفع راتب شهر للاعبين باستثناء المل، وفي هذا الإطار قالت مصادر أن دفع الرواتب تم بعد ضغط من مرجعيات سياسية على إدارة الفريق. واللاعبون أيضاً لم يتقاضوا «بونس» الفوز في سبع مباريات. واقع مالي صعب في النادي، قد يهدّد مسيرة النجمة بدءاً من الموسم المقبل.
لعلّ أكثر ما يقلق النجماويين العارفين بخبايا الأمور أن تتكرر أزمة مطلع الألفية حين توفي حسان منصور، وغرق النادي في ديون كانت متراكمة عليه. يتخوّف محبو النادي أن يدير المسؤولون ظهرهم مع نهاية الموسم ويتركون النادي غارقاً في الديون. لم ينتهِ الموسم بعد وديون النادي لامست حدود النصف مليون دولار بحسب متابعين للملف.
أكثر ما يقلق النجماويين العارفين بخبايا الأمور أن تتكرر أزمة مطلع الألفية


يحتار أحد النجماويين القدماء من أين يبدأ. من مستحقات معتوق والقائد علي حمام، إلى المبلغ المتبقي لحسن المحمد. أم مستحقات ثلاثة فنادق لم تدفعها إدارة النجمة بعد (الفندق الأوّل يريد مبلغ 2800 دولار أميركي وهو في صدد تقديم شكوى قضائية)، ووصلت الأموال المتوجبة على النجمة في فندق آخر في بيروت إلى 5100 دولار. وهناك مستحقات للفندق الذي استضاف بعثة نادي الأهلي المصري خلال مباراة النادي في كأس الأندية العربية.
حادثة أخرى مع صورة أُرسلت إلى أحد المسؤولين الكبار في النادي، تُظهر اللاعبين الأجانب ومعهم لاعب لبناني ينتظرون في صالة الانتظار في أحد الفنادق وهم ممنوعون من الدخول إلى غرفهم قبل تسديد المستحقات الماليّة المترتبة على النادي. شركة نقليات لها في ذمة النادي ما يقارب الـ50 ألف دولار بحسب ما تؤكد مصادر. كل هذا يضاف إلى المدرب الصربي بوريس بونياك واللاعب البرازيلي فيليبي دوس سانتوس اللذين ينتظران مستحقاتهما المالية، وهما أيضاً في صدد التوجّه إلى الفيفا، (مستحقات بونياك هي شهر واحد بقيمة ثمانية آلاف دولار). هؤلاء قادرون على تقديم شكوى أمّا المدرب التونسي طارق جرايا فلا يستطيع ذلك لتحصيل أمواله البالغة عشرة آلاف دولار كونه لا يملك الوثائق وهو عمل مع النادي على أساس الثقة، بحسب ما تؤكد المصادر.
لا تتوقف ديون النجمة عند هذا الحد. فهناك مبلغ الـ45 مليون ليرة المستحقة للمدينة الرياضية والتي كادت أن تحرم الفريق من اللعب على المدينة، لولا التدخل السياسي. وقد يكون هذا من الأسباب التي نقلت مباراة الفريق مع شباب الساحل من المدينة إلى ملعب جونيه ضمن الأسبوع الخامس عشر من الدوري. لا يتوقف الكلام عن الديون مع مبلغ الخمسة آلاف دولار المستحقة لنادي الأنصار بعد إعارة لاعبه عبد الفتاح عاشور، والشيك الذي ارتجع من المصرف ودائماً ضمن «مشكلة» التوقيع كما حصل مع نادي الإصلاح البرج الشمالي.
هناك أيضاً دعوى قضائية بصدد رفعها نادي البقاع لتحصيل مبلغ 14 ألف دولار، مقابل انتقال علي بزي قبل سنتين والتي ما زالت عالقة في دهاليز الوعود الإدارية. أمرٌ يؤكده رئيس نادي البقاع أحمد الموسوي في اتصال مع «الأخبار» حين أشار إلى أن توجهه للقضاء وارد بعد مرور ما يقارب السنتين على انتقال بزي إلى النجمة وعلى رغم ذلك لم يتم تسديد ثمن انتقال اللاعب، «المبلغ كان أكثر من ذلك لكن حصلنا على اللاعب حمزة عبود مطلع هذا الموسم ما أدى إلى تقليص المبلغ إلى 14 ألف دولار» يختم الموسوي حديثه.
لعل ما حصل الأسبوع الماضي يعطي فكرة عن واقع الفريق. فقالت مصادر أن المدير الفني موسى حجيج لم يكن راضياً عن طريقة إدارة الأمور. وفي التفاصيل أن المايسترو اتفق مع رئيس النادي على أن يتم دفع قسم من مكافآت اللاعبين في أحد التمارين والاجتماع معهم عن الأمور المادية. وأخذ حجيج وعداً بذلك من الرئيس الذي لم يحضر، وهو ما انعكس عدم رضى عند المدرب.

الوضع المالي انسحب على الظروف الإداريّة، بعد خروج كلام عن استقالة عضو اللجنة الإدارية خليل الغول، وأنها بقيت طي الكتمان حرصاً على صورة اللجنة الإدارية، وبطلب من المرجعية الرياضية التي ينتمي إليها النادي. كما هناك كلام في أروقة النادي عن ابتعاد آخرين داخل الإدارة عن الصورة. ولكن الغول نفى خبر استقالته في حديث مع الأخبار، مؤكداً أنه يتابع العديد من الأمور داخل النادي، لا سيّما موضوع مكتب الجمهور. وقال الغول إن الابتعاد قليلاً عن النادي وعن الظهور العلني بسبب بعض الظروف الخاصة، لا يعني أبداً أن يكون قد استقال، مستغرباً الحديث عن الاستقالة. لكن معلومات «الأخبار» تؤكّد الاستقالة نتيجة لخلافات عدة حول العديد من الأمور.
الصورة تتحدّث عن واقع صعب يعيشه نادي النجمة. كثيرون يعلمون حقيقته، وآخرون يرفضون الاعتراف، ولكن الأكيد أن لا أحد يتمناه، لما يمثله نادي النجمة في الرياضة اللبنانية.