دبي | ما حدث قبل المباراة لبنان مع السعودية ضمن منافسات المرحلة الثانية من المجموعة الخامسة في بطولة آسيا كان هو الحدث المفاجئ للجميع. قبل تسعين دقيقة على انطلاق المباراة صدرت اللائحة الرسميّة لمباراة لبنان مع السعودية. لائحة تضم أسماء الحكّام واللاعبين والمدربين. في القسم المخصص للبنان كانت هناك أسماء اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين. كثيرون كانوا يترقبون شكل التشكيلة والتغييرات التي طرأت عليها بعد لقاء قطر، والمطالبة بنفس هجومي داخل تشكيلة المنتخب. بالفعل كان هناك تغييران. محمد حيدر وقاسم الزين أساسيان بدلاً من باسل جرادي ووليد اسماعيل. نظرة على أسماء لاعبي الاحتياط، تؤكد غياب اسم اللاعب باسل جرادي. قد يكون مفهوماً أن يغيب اسم جرادي عن اللائحة الرئيسيّة، لكن أن يغيب عن اللائحة بالكامل، فهذا أمرٌ غريب جداً وغير متوقّع. هناك مشكلة.بالعودة أربع وعشرين ساعة إلى الوراء، وتحديداً عقب المؤتمر الصحافي الرسمي للمباراة، حيث تحدّث المدير الفني ميودراغ رادولوفيتش عن المباراة وعن تغييرات ستدخل على التشكيلة والأسلوب بعد لقاء قطر الذي خسره لبنان (0-2).
غادر جرادي الإمارات إلى كرواتيا (عن موقع الاتحاد الآسيوي)

بعد المؤتمر وخلال حديث لرادولوفيتش مع «الأخبار» تحدث مدرب منتخب لبنان عن الأسماء التي يفكر في إشراكها في المباراة الثانية، وهي المباراة الأصعب حسابياً أمام السعودية. قاسم الزين كظهير أيسر بدلاً من وليد اسماعيل المرهق بعد مباراة قطر. عدم حسم مشاركة نادر مطر بدلاً من فيليكس ملكي، وإشراك محمد حيدر كأساسي. نسأل المدرب رادولوفيتش، بدلاً من أي لاعب سيدخل حيدر، وهل مكان القائد حسن معتوق. فيجيب المدرب المونتينيغري، «بدلاً من باسل جرادي». جواب مفاجئ. نستوضح أكثر فيقول رادولوفيتش: «أريد أن أستغل حيدر على الجهة اليمنى لأكسب قدراته بكسر الكرة ورفعها باليسار إلى العمق الهجومي مع وجود هلال الحلوة واحتمال تقدم فيلكس إذا شارك، كونه طويل القامة ويمكن أن يسجل بالرأس». و«هكذا أكون قد كسبت لاعبين على الأطراف قادرين على إيصال الكرات إلى منطقة الجزاء السعودية، كما أستفيد من حيدر بارتداداته الدفاعية». اللاعبان هما محمد حيدر وحسن معتوق لكن ماذا عن باسل جرادي؟
يجيب رادولوفيتش: «حيدر ما زال غير جاهز للعب مباراة كاملة. من الممكن أن يلعب 45 دقيقة لكن أكثر من ذلك سيتراجع حضوره البدني. حينها يدخل جرادي مرتاحاً ويشكّل إضافة للفريق أمام المنتخب السعودي».
هكذا فكّر رادولوفيتش قبل المباراة، وقام بتنفيذ مخططه، حيث أبلغ جرادي بعد التمرين الأخير للمنتخب على ملعب المباراة عشيّة اللقاء بأنه لن يكون أساسياً وأنه سيبدأ بحيدر من بداية اللقاء على أن يلعب جرادي في الشوط الثاني. بعد التمرين تصل رسالة نصية لرادولوفيتش على هاتفه الخاص مرسلة من باسل جرادي.
لم يتوقع رادولوفيتش أن يقرأ ما تضمنته الرسالة. جرادي يرفض أن يكون احتياطياً وإما يكون أساسياً أو يغادر البعثة. رسالة صادمة بمضمونها والعبارات المهينة التي وجهها جرادي لزملائه اللاعبين واصفاً إياهم بمجموعة من اللاعبين السيئين، لكنه هنا استعمل عبارة قاسية جدّاً ووصفها البعض بـ«المشينة» بحق زملائه في المنتخب.
بالتأكيد لم يتقبل المدرب رادولوفيتش هذا التصرف من باسل جرادي، فقرر المدرب المونتينيغري طرد جرادي من المنتخب وأن يغادر الإمارات. أبلغ رادولوفيتش المسؤولين الاتحاديين الموجودين في الإمارات، وتقرر طرد اللاعب المحترف في كرواتيا. تحرك مدير المنتخب فؤاد بلهوان سريعاً وقطع له تذكرة سفر، ليغادر جرادي دبي. ساعات وينشر اللاعب اللبناني على حسابه على إنستاغرام كلاماً مضمونه، «سأتكلّم بعد كأس آسيا».
بعد مباراة السعودية وخلال المؤتمر الصحافي الرسمي، سألت «الأخبار» رادولوفيتش عن سبب غياب جرادي عن التشكيلتين الأساسية والاحتياطية. جواب مفاجئ من رادولوفيتش. اللاعب أبلغه أنه مصاب وناديه استدعاه للعودة إلى كرواتيا. بدا واضحاً أن رادولوفيتش لا يريد التحدّث في المؤتمر الصحافي، وأمام عدسات الإعلام العربي والعالمي عن ما حدث داخل المنتخب، وعن التصرّف غير اللائق من لاعب يمثّل منتخب بلاده في أكبر بطولة آسيويّة. لكن بعد المؤتمر الصحافي التقت «الأخبار» قائد المنتخب حسن معتوق في منطقة اللاعبين المختلطة وسألته عن ما حدث. لم يستطع قائد المنتخب سوى قول الحقيقة. «جرادي أخطأ كثيراً حين رفض قرار المدرب ونعت زملاءه بما نعتهم. منذ معسكر البحرين حصلت بعض الأمور وعملتُ على معالجتها مع جرادي. لكن أمس لم يكن بالإمكان فعل أي شيء. فالخطأ كبير، كما أن اللاعب لم يقدّر للمدرب استدعاءه إلى نهائيات كأس آسيا رغم أنه لم يشارك في التصفيات ولا كان له دورٌ في التأهل إلى هذه البطولة. رغم ذلك استدعاه المدرب حرصاً على مصلحة المنتخب.
أكّد قائد المنتخب حسن معتوق أن خطأ جرادي كان كبيراً ولم يكن بالإمكان فعل شيء لتصحيح الأوضاع

من غير المقبول أن يتصرف لاعب محترف بهذه الطريقة. لاعبون كثيرون احترفوا في الخارج، كيوسف محمد ورضا عنتر وحتى أنا، ولا يمكن أن نفكر بالتصرف بهذه الطريقة». لم يكن أحد يتوقع ما حدث. بغض النظر عن قرار رادولوفيتش الفني ومدى صوابيته، فبالنهاية هو المدرب والقرار الأول والأخير له. لا يمكن تقبّل تصرّف جرادي المفترض أنه لاعب محترف ويعرف تماماً كيفية التعاطي مع قرار مدرب. هذا ما أكده جميع المراقبين، والذين يعرفون جيّداً كيف تكون كرة القدم الاحترافيّة، فالقرارات التي يتخذها المدرب تُحترم، ويتم النقاش في التفاصيل أو المحاسبة بعد المباريات أو البطولات بناء على النتائج. واعتبرت العديد من الجهات أيضاً والمراقبين، أنه من غير المقبول وصف زملائه اللاعبين بما وصفهم في رسالته للمدرب رادولوفيتش.
أسئلة عديدة طُرحت بعد تصرّف جرادي. لماذا فعل ذلك؟ لماذا لم يقبل أن يكون احتياطياً؟ هل أراد من خلال مشاركته مع منتخب لبنان الإطلالة على الساحة الآسيوية للحصول على عقد احتراف، وبقاؤه على مقاعد الاحتياط يعرقل مخططه؟ رغم أن المدرب كان قد أعلمه أنه سيكون بديلاً ويشارك في شوط المباراة الثاني.
والسؤال الأهم: هل أتى جرادي بناءً على وعدٍ بأنه سيكون أساسياً في المباريات الثلاث الأولى من بطولة آسيا، وهل هناك من وعده بذلك؟ الأيام المقبلة ستحمل الكثير من الإجابات.