لم يكن أكثر المتشائمين في كرة السلّة اللبنانيّة يتوقع خروج مدرب نادي بيروت لكرة السلّة باتريك سابا قبل أيّام بهذه الطريقة. خسر النادي أمام بطل لبنان الموسم الماضي نادي هومنتمن ـ بيروت بفارق زاد على 30 نقطة في المرحلة الثامنة من البطولة (100 - 68) لتنتهي بذلك مسيرة سابا مع بيروت، وتتعاقد الإدارة مع الصربي ميودراغ بيريسيتش. ولكن، هل سيكون قادراً على إعادة إنجاز الموسم الماضي الذي حققه سابا، والحلول بين الأربعة الكبار؟مع بداية تصفيات كأس العالم لكرة السلّة، كان المدرّب الليتواني راموناس بيتاوتاس هو الذي يشرف على تدريب منتخب لبنان، ولكن الإقالة كانت قريبة بعد الخسارة في المراحل الأولى أمام الأردن على أرض الأخيرة. بعدها تعاقد المنتخب مع المدرب باتريك سابا، بعد المستوى الكبير الذي قدّمه نادي بيروت تحت إشرافه الموسم الماضي، ووصوله إلى المربع الذهبي منذ الموسم الأوّل له في دوري الدرجة الأولى، كذلك فإنه حقق لقب بطولة لبنان للسيدات مع نادي هومنتمن، بفارق كبير في المستوى عن باقي الأندية.
مشوار سابا مع المنتخب كان جيّداً، فاستعاد التوازن وحقق سلسلة انتصارات على سوريا والهند وبعدها على الأردن في لبنان، ولكن رغم ذلك أقيل من منصبه وعُيِّن مدرب نادي الرياضي ـ بيروت السابق اليوناني ـ السلوفيني سلوبودان سوبوتيتش مدرباً لمنتخب لبنان. وقيل حينها إن الإقالة سببها عدم ظهور منتخب لبنان بالصورة المناسبة على مستوى الأداء الهجومي.
المدرب باتريك سابا الذي عرف نجاحاً كبيراً في دوري السيدات، وخاصة مع هومنتمن، أظهر نفسه بقوّة الموسم الماضي مع نادي بيروت، لكن الخسارة أمام هومنتمن، وعدم الظهور بصورة قويّة في المباريات الأخرى، وضعا حدّاً لمسيرة سابا، الذي قدّم استقالته بعد مباراة هومنتمن، وقبلتها الإدارة فوراً. معروف عن سابا أسلوبه الدفاعي القوي الذي يعتمده مع جميع الفرق التي يشرف عليها، وهو الأمر الذي أدّى إلى وصول بيروت الموسم الماضي إلى المربع الذهبي، كذلك نجح بتحقيق لقب وصيف العرب، في البطولة التي استضافها على أرضه في ملعب الشياح، والتي شارك فيها للمرة الأولى في تاريخ.
مصادر مقرّبة من نادي بيروت تحدّثت لـ«الأخبار» عن جملة من الأمور التي أدت إلى استقالة سابا، وقبول الإدارة لهذه الاستقالة، وبعدها التعاقد مع مدرّب أجنبي. وقالت المصادر إن نادي بيروت في الموسم الماضي لعب من دون ضغوط، بعكس نادي هومنتمن الذي كان يسعى للفوز باللقب في الذكرى المئوية لتأسيسه، كما نادي الرياضي الذي كان يسعى للحفاظ على لقبه. اللعب من دون ضغوط ساعد النادي على الذهاب بعيداً في البطولة وتقديم مستوى مميّز. الأمر الآخر، الذي يُعَدّ الأهم، تعاقد النادي هذا الموسم مع أسماء كبيرة، سواء على مستوى اللاعبين المحليين أو الأجانب. في هذا الإطار، تقول المصادر لـ«الأخبار» إن تعامل المدرب مع عدد من الأسماء الكبيرة لم يكن سهلاً خلال الفترة الماضية، وهو ما أدّى إلى توتر الأجواء في أكثر من مناسبة داخل غرف الملابس في نادي بيروت. كذلك حصل أكثر من سوء تفاهم بين الجهاز الفني واللاعبين. وكان النادي قد تعاقد خلال الصيف مع مجموعة من اللاعبين، أبرزهم لاعب الرياضي السابق علي حيدر، إضافة إلى اللاعب المغربي ـ الأميركي موسى عبد العليم الذي سبق لسابا أن طالب بتغييره، لكونه لا يقدم المستوى المطلوب.
توتر الأجواء بين بعض اللاعبين والجهاز الفني، أدى إلى خروج سابا من ملعب الشياح، بعد أن قاد النادي إلى الدرجة الأولى في الموسم ما قبل الماضي، وإلى تقديم مستوى كبير الموسم الماضي محليّاً وعربيّاً. لكن رغم هذه الصورة الجيّدة، فإن الأمور لم تكن تسير بالصورة التي يتمناها سابا، وعدد كبير من المتابعين لدوري كرة السلّة اللبناني، الذين كانوا يرون في المدرّب الوطني إضافة إلى كرة السلّة اللبنانيّة على صعيدي الأندية، والمنتخب.
النصف الثاني من عام 2018 لم يكن جيّداً بالنسبة إلى المدرب اللبناني، فأقيل سابا من تدريب المنتخب، رغم النتائج الإيجابيّة، وها هو اليوم خارج أسوار نادي بيروت. صدمة كبيرة تلقاها الشارع السلّوي، فيما يبقى السؤال الأبرز عن قدرة المدرب الصربي ميودراغ بيريسيتش على قيادة سفينة نادي بيروت إلى برّ الأمان، وإعادة النتائج الإيجابية للنادي في البطولة المحليّة. وتوقعت مصادر أن لا يكون «مشوار» بيريسيتش سهلاً مع بيروت لأسباب عدّة، أبرزها عدد الأسماء الكبيرة الموجودة في النادي، التي تحتاج أكثر من التطوير الفني، إلى عمل إداري سليم لتوظيف اللاعبين بالصورة المطلوبة داخل الملعب، إضافة إلى اعتماد أسلوب تدوير اللاعبين بصورة لا تؤدي إلى حصول مشاكل في غرف الملابس.
وكان المدرب الصربي الجديد قد درّب سابقاً في الدوري المحلي أندية بيبلوس والتضامن الزوق، ولكن لم تكن له بصمات حقيقية في الدوري المحلي، كما على مستوى البطولات. ومن الأمور التي يمكن أن تكشف قدرات المدرب الجديد، الاستقرار المالي الذي يعيشه نادي بيروت، والذي من الممكن أن يستفيد منه المدرب لبناء الفريق الذي يريده، وبالتالي يجري تقييم المدرب بالصورة الصحيحة، التي تعكس فعلاً قدراته الفنيّة، وعلى مستوى إدارة الأندية. وسيكون أمام بيريسيتش فرصة للتعرف إلى اللاعبين، والقيام بعدد من التمارين قبل العودة إلى المنافسات الرسمية. ويمتلك بيروت 12 نقطة، من 4 انتصارات و4 هزائم.