مع بداية مرحلة الإياب من الدوري الإنكليزي الممتاز، يتصدّر ليفربول ومدربه الألماني يورغن كلوب الترتيب العام. 54 نقطة من أصل 60 ممكنة، هي حصيلة الـ«ريدز» مع نهاية الجولة العشرين. تألّق كبير وأداء مميز يقدمهما الفريق هذا الموسم. فمع الأداء الهجومي المميّز، الذي كان حاضراً في الموسم الماضي (ثلاثي الهجوم المكوّن من محمد صلاح، روبيرتو فيرمينو وساديو مانيه)، كان التوازن الدفاعي للفريق موجوداً بسبب الجدار الهولندي فريجل فان دايك، إضافةً إلى أداء حارس المرمى البرازيلي أليسون بيكير (أكثر من حافظ على نظافة شباكه في الدوري حتى الآن). لم يتعرّض فريق كلوب لأي خسارة مع انقضاء 20 جولة من الدوري. ولكن يبقى السؤال، ما السر خلف هذه النجاحات، ومن اللاعب الأهم والأكثر تأثيراً بين ثلاثي هجوم ليفربول؟ ولا سيما أن النادي سيواجه ثالث الترتيب مانشستر سيتي الليلة (22:00 بتوقيت بيروت) حيث سيكون الامتحان الحقيقي.
محمد صلاح
حسابياً، وبالأرقام، يعتبر النجم المصري محمد صلاح هو أبرز لاعبي الفريق هذا الموسم أيضاً. فبعد أن قدّم موسماً استثنائياً على الصعيد الفردي في 2018، ها هو صلاح يؤكّد للجميع، من جديد، أن ما قام به الموسم الماضي ليس صدفة أو «ضربة حظ» كما وصفها البعض. يشارك أبو مكّة في سباق الحذاء الذهبي كأكثر من سجّل أهدافاً في الدوري في الموسم الحالي. سجّل صلاح 13 هدفاً حتى الآن، من بينها الهاتريك في مرمى بورنموث. أضف إلى ذلك، صناعته لثمانية أهداف أخرى، أي إن الفرعون المصري شارك في 21 هدفاً. أرقام مميزة من لاعب يقدّم نفسه مرّة أخرى للعالم، ويبرهن للجميع أنه من طينة النجوم الكبار. طريقة لعب صلاح تغيّرت مع تقدّمه في العمر، مستفيداً، وبشكل كبير، من خبرة المباريات السابقة التي خاضها في أكثر من تجربة أوروبية (بازل في سويسرا، فيورنتينا في ايطاليا، تشيلسي في انكلترا وروما في ايطاليا). لم تكن هذه المحطّات التي مرّ بها صلاح عاديّة، بل إن «أبو صلاح» استفاد وبشكل كبير من هذه التجارب. أصبح لاعباً ناضجاً، يعرف كيف يتمركز في الملعب، وكيف يسجّل الأهداف وكيف يصنعها.
قوّة ليفربول تكمن في التفاهم العالي والانسجام الواضح بين ثلاثي الهجوم

تطوّر كثيراً في السنوات الماضية، ليصبح اليوم، أحد الأعمدة الخمسة الأبرز في الـ«ريدز»، والتي من الممكن أن تهدي الجماهير لقباً، ابتعد عنها لسنوات عديدة. السؤال هنا، هل صلاح هو النجم الاول في ليفربول؟ في منظومة المدرب الألماني يورغن كلوب، المدرب الذي يعرف ماذا يخرج من اللاعبين، والمدرب الأهم في تطوير الأوراق التي بين يديه، لا يوجد نجم أوحد. تارة يكون مانيه هو من حسم اللقاء، وتارة أخرى يحسم المباراة فيرمينو. وصلاح، يختلف عن كل من مانيه وفيرمينو، بإصراره وقوّة شخصيته في الملعب، حيث إن الفرعون المصري فرض نفسه نجماً للفريق، رغم أن أهميّة الثنائي الآخر لا تقل عنه.

ساديو مانيه
كما الحال مع صلاح، الأسد السنغالي ساديو مانيه يعدّ من بين اللاعبين الذين تطوّروا أيضاً تحت قيادة كلوب. مانيه، لم يكن ذاك اللاعب "المهاري" والهدّاف، عندما كان في ساوثهامبتون. تعاقدت إدارة الـ«ريدز» مع مانيه في الموسم ما قبل الماضي، لتبدأ مسيرة لاعب جديد، يختلف بعقليّته وبحماسته للمباريات وبمهاراته حتّى، عن مانيه الذي كان مع «القديسين». يعد النجم السنغالي اليوم من بين أبرز الأجنحة «العصرية» التي يتمناها أي مدرب في فريقه. "مهاري"، يتميّز بسرعته، كما بتسديداته التي أصبحت أدق مع المباريات. قيمة مانيه مع فريقه ليفربول لا تقل عن قيمة اللاعب الأفريقي الآخر محمد صلاح. على سبيل المثال، في حال غاب ساديو مانيه عن الفريق، أي إن مركز الجناح الأيسر يصبح شاغراً، من سيعوّض عن مانيه، وسرعته ومهارته، وانسجامه الكبير مع الثنائي صلاح وفيرمينو؟ لا أحد. ثلاثية مانيه وصلاح وفيرمينو من الصعب تعويضها في الفريق، بل من الصعب أن تجدها في فريق أوروبي آخر (الأقرب هو باريس سان جرمان بوجود كلّ من ايدنسون كافاني ونيمار وكيليان مبابي). يقدّم مانيه حتى الآن موسماً يعدّ جيداً، بتسجيله لثمانية أهداف، أي إن تأثير النجم السنغالي واضح في الفريق. لكن الزخم الإعلامي الذي يتمتع به صلاح، أدّى إلى وجود نوع من «الغيرة» بين كل من النجم المصري ومانيه، إلاّ أن أهميّة اللاعبين بالنسبة إلى الفريق متقاربة جداً.

روبيرتو فيرمينو
بغض النظر عن أهمية كل من صلاح ومانيه، يبقى اللاعب الذي يحظى بأقل اهتمام إعلامي بين الثلاثي «الليفربولي» هو المهاجم البرازيلي فيرمينو. على صعيد الأدوار على أرضيّة الملعب، يقوم فيرمينو بالدور الأهم، الذي يتطلّب جهداً كبيراً أيضاً. لا يوجد مركز معيّن ومحددّ يسرح فيه المهاجم «الوهمي» البرازيلي. فكل مكان في الملعب هو مكان لفيرمينو. بمعنى أدق، كلوب أعطى «بوبي» الحريّة المطلقة. يعتبر فيرمينو صانع ألعاب الفريق، وهدافه أيضاً، وقاطع الكرات، وأكثر اللاعبين تحركاً في «أنفيلد». دور كبير ومهم يقوم به البرازيلي. يضاف إلى ذلك، الثقة الكبيرة التي يتمتّع بها؛ فمع بداية الموسم، لم يسجّل الكثير من الأهداف، بل إنه لم يسجّل أهدافاً حتى. إلاّ أن الإصرار الذي يمتلكه، جعله يسير من جديد على السكة الصحيحة، وليسجل 7 أهداف في الدوري، إضافةً إلى صناعة أربعة أهداف أخرى. عودة فيرمينو إلى مستواه تعدّ من أبرز الأسباب في نجاح الفريق هذا الموسم. الأمر عينه بالنسبة إلى كل من مانيه وصلاح. ثلاثيّ يجب أنلا ينفصل بعضه عن بعض، لأن قوّة ليفربول تكمن في تفاهمه وانسجامه.