تمكن المدرب سلافيسا يوكانوفيتش الموسم الماضي، من انتشال فولهام إلى الدوري الإنكليزي الممتاز من جديد بعد أن قدّم نسخةً رائعة للنادي اللندني في دوري الدرجة الأولى. أداءٌ كبير كوفئ عليه المدرب بمنحه ميزانيّة ضخمة لتدعيم صفوف الفريق قبيل العودة إلى دوري الأضواء من جديد، بعد أربع سنواتٍ من الغياب. قام الميلياردير الأميركي من أصول باكستانية شهيد خان بتقديم ميزانية تجاوزت الـ 100 مليون في الصيف الماضي، تمكن فولهام إثرها من خطف متوسط ميدان نيس جان ميكيل سيري بعد أن ارتبط اسمه كثيراً بناديي برشلونة وتشيلسي، كما تعاقد النادي مع أليكساندر ميتروفيتش مهاجم نيوكاسل، إضافةً إلى تمكنه من إقناع جناح بروسيا دورتموند أندري شورلي بالعودة مرة أخرى إلى إنكلترا بعد تجربة سيئة مع تشيلسي. فيما تمثل النجاح الأكبر ليوكانوفيتش في إقناع نجم الفريق الصاعد رايان سيسينيون بالبقاء بين أسوار النادي.المدرب الذي كان بطلاً بين أنصار فولهام منذ خمسة شهورٍ مضت، بات اليوم مطلباً أساسيّاً للتنحي عن مركزه. انتصارٌ وتعادلان من 12 جولة حتى الآن، جعلت فولهام يتذيّل الترتيب بـ 5 نقاط، خلف كلٍ من هادرسفيلد وكارديف سيتي. عوّل الأنصار على أفكار مدربهم، ليمكّن فولهام من الصمود في الدوري الممتاز على أقل تقدير. هزائم متتالية، وأداءٌ متخبّط جعلا النادي اللندني يستقبل 25 هدفاً حتى الآن، لتطال الانتقادات رجلها الأول منذ شهورٍ مضت. لم يجد المدرب التوليفة المناسبة، أوراقٌ جديدة بعثرت مخططات المدرب الذي بدا تائهاً أكثر من فريقه. قراءات فنية سيئة، وتبديلات غير مبررة أدخلت النادي في مسارٍ ضبابي أدّت إلى إقالته أخيراً. وبالرغم من كونه سبباً رئيسياً من الحالة المزرية، إلا أن الإدارة تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية. شهد صيف فولهام حركة كبيرة في سوق الانتقالات، تصدر النادي على إثرها برفقة ويستهام جدول أكثر الأندية استقطاباً للاعبين جدد إلى فريقها. على الرغم من حركة الفريق الناشطة آنذاك، تسبب توقيت الصفقات بإدخال النادي إلى طريقٍ سرابية.
لم تجد الإدارة من الفريق النتائج المرجوة

لعب فولهام أول مباراة له في الدوري أمام بيرنلي في حين وقّعت الإدارة مع 9 لاعبين قبل 11 يوماً من بداية الدوري، جاء 5 منهم في اليوم الأخير من سوق الانتقالات الصيفية. أسماءٌ كثيرة جعلت المدرب يحتار في اختيار التشكيل الأساسي. بدأت المشاكل من خط الدفاع، حيث دفعت حيرة المدرب أمام كارديف سيتي ليلعب ب 4 قلوب دفاعية، واضعاً كالوم تشامبيرز وماكسيم لو مارشان في مركزي الأظهرة. عقمٌ دفاعي عاد بخسارة مخيبة تمثلت بأربعة أهدافٍ لهدفين. صفقاتٌ كثيرة في فترة زمنية قصيرة خلقت أجواء مشوشة داخل النادي، أصبح المدرب إثرها ضحيّةً لضيق الوقت. تصبو المباريات التحضيرية لاكتشاف نقاط قوة وضعف الفريق، إضافةً لاستعادة اللياقة البدنية والذهنية للمنظومة. في حين حظيت جميع أندية الدوري الإنكليزي بجولة تحضيرية قبيل بداية الدوري، تمثلت جولة فولهام بخوض نصف لاعبيه وشبابه مباريات كانت بمثابة حصص لاستعادة اللياقة لا أكثر، بينما تمثلت التجربة الأولى للوافدين الجدد في الدوري الإنكليزي مباشرةً. بين قلة اللياقة وجهل المدرب بقدرات الأسماء الجديدة، سقط نادي فولهام. بأكثر من 100 مليون يورو دفعت في الصيف، لم تجد الإدارة من الفريق النتائج المرجوة، حتى أن الأخطاء الكثيرة المرتكبة من اللاعبين عكست سوء الأداء أيضاً. رغم ذلك، ظهر تحسن ملحوظ بأداء الفريق في المباراة الأخيرة أمام ليفربول على الرغم من تلقيه هزيمة بهدفين نظيفين. هزيمةٌ جديدة زادت سلسلة الخسارات لسبع توالياً ما أجبر الإدارة على إقالة المدرب، جاعلةً من يوكانوفيتش شماعة تلقي عليها أخطاءها، وعيّنت مكانه كلاويديو رانييري. مدربٌ جديد بأفكارٍ جديدة في ظل مجموعة غير متجانسة كهذه، قد يزيد طين الفريق بللاً، لكنّ كلاوديو سبق له أن حوّل الطّين إلى ذهب مع ليستر، فهل يقف فولهام على قدميه مجدداً مع العجوز الإيطالي؟



العجوز جاهز
«تطفّل» المدرب الإيطالي على كتاب الإنجازات، مدوّناً فصلاً كاملاً عمّا أحرزه في ليستر سيتي. سنواتٌ ثلاث مرّت على تحقيق ليستر سيتي لقب الدوري الإنكليزي الممتاز، في إنجازٍ يعدّ من الأهمّ في تاريخ كرة القدم. بميزانيّةٍ قليلة، ولاعبين مغمورين، تمكّن كلاوديو رانييري من بناء منظومة تفوّقت على روّاد الأموال والمجد في البريمييرليغ، جاعلاً من لاعبين كأنغولو كانتي، رياض محرز وجيمي فاردي أسماء يحلم بها كبار الأندية الأوروبية. يُنتظر الكثير من كلاوديو، أحد أهم المدربين في البريمييرليغ رغم قلة شهرته قبل عام 2015.
(بن ستانسال - أ ف ب)

تجربة رانييري في البريمييرليغ بدأت مع تشيلسي، قبيل شراء المالك الروسي رومان أبراموفيتش النادي. وفي حقيقة الأمر، فإنّ كلاوديو شكل التربة الخصبة لمجد تشيلسي الحديث. بالرغم من تردّي الحالة المالية للنادي اللندني قبيل مجيء الحوت الروسي، تمكن كلاوديو من بناء منظومة متماسكة قبعت بين رباعي القمة. تكمن المفارقة أنّ الصفقة الأولى التي أبرمها رانييري في حقبته الأولى مع تشيلسي كانت سلافيسا يوكانوفيتش، مدرّب فولهام المقال. وفي ظل الحال الذي يعاني منه فولهام أخيراً، يبقى الهدف واحداً، البقاء في البريمييرليغ. لن يأمل مالكو فولهام من مدربهم الجديد تكرار إنجاز ليستر بطبيعة الحال نظراً لوجود الفريق أسفل الترتيب، كما أنهم لا يعولون على تحقيق اللقب في المستقبل القريب أيضاً نظراً لتضاعف قوة رواد البريمييرليغ وزيادة ميزانياتهم عما كانوا عليه في 2015. أمرٌ أكده رانييري نفسه عندما قال لجماهير فولهام بألّا يفكروا حتى بتكرار المعجزة. في الواقع، يختلف رانييري عن المدرب المقال يوكانوفيتش، حيث يعد كلاوديو من الإيطاليين المحافظين على ثقافتهم الدفاعية. في إطار ذلك ولضمان بقاء الفريق في الدوري الممتاز يتوجب على رانييري ترميم الدفاع بالدرجة الأولى، الخطّ الذي طالما شكّل نقطة قوة المدرب الأولى والأخيرة. الدفاع نفسه كان له الفضل الأكبر في تحقيق إنجاز 2015 حيث فاز الفريق وقتها في أغلب مبارياته بهدفٍ نظيف. الأمر نفسه سيتكرر مع فولهام حيث سيعتمد الإيطالي على سرعة أندري شورلي وريان سيسينيون في الهجمات المرتدة إضافةً لحيوية سيري في خط الوسط. بالسيطرة على غرفة الملابس سيتمكن المدرب الإيطالي من فرض أسلوبه بسرعة. شخصية المدرب كفيلة بإعادة تنظيم الأوراق مجدّداً لاستعادة مسار الانتصارات الغائب منذ سبع مبارياتٍ مضت. رغم كل شيء، يتّسم تعيين رانييري بحسن التوقيت. أسبوعان كاملان توقفت فيهما الدوريات نظراً للمباريات الدولية، كافيان لأن يعرف المدرب الجديد خفايا الفريق لخلق التوازن من جديد. خبرة رانييري كفيلة بإعادة الأمور إلى مسارها الصحيح. محطات ناجحة عديدة عرفها الإيطالي في إيطاليا، إسبانيا، فرنسا وإنكلترا يأمل منها المناصرون انتشال الفريق من قعر الزجاجة وتحقيق الانتصار الغائب منذ فترة عندما يواجه ساوثهامبتون في الجولة المقبلة.