قد يكون من حق أي مشجّعٍ أو لاعبٍ أو إداريٍّ أن ينتقد عمل المدرب وأن يعطي رأيه فيه. في «جَمعة» بين «الأصحاب»، في خلوةٍ أمام التلفزيون، أو بحضور مشجعين آخرين على المدرجات. يبقى ذلك رأياً شخصيّاً غير مؤثّر غالباً في عمل المدرب أو القرارات الإدارية، إلا أن نقل المشجّع من المدرجات إلى الاجتماعات يُصبح تهديداً لمنصب المدير الفني، بل للفريق أجمع. في لبنان، مصير المدرب معلّق دائماً بمزاجيّة رئيس النادي، وإذا كان هو خارج الصورة، فلـ«حاشيته» التنفيذ بعد اتخاذ القرار من الرئيس. لا لجان فنيّة ولا فنيّين، بل من يتفنّون. غالبيةُ أندية كرة القدم اللبنانية لا لجان فنيّة لها. لمَ تُصرف رواتب إضافية ويتم إدخال أشخاصٍ جُدد ضمن إطار الصورة إذا كان الأمر لرئيس النادي؟ هو المموّل، والكلمة له. هذا إلى جانب وجوب تسليط الضوء عليه، وأن يكون لغيره قرارات مصيرية يعني ذلك انتقاصٌ من سُلطته. مشكورون رؤساء الأندية، يؤمّنون ميزانيات أنديتهم ويساعدون اللعبة على الوقوف عبر أموالهم من دون مقابل ماليّ في أغلب الأحيان، ولكن أحداً لا يقدّم هذه الأموال من دون أن يكون له مصلحةٌ من جانبٍ آخر. لا يتحمّل أحدٌ سخط الجماهير وتوجيه أصابع الاتهام إليه لدى كل فشل من دون الفوز بشيء في المقابل، إلّا أن هذا فقط في لبنان، ذلك لأن رؤساء الأندية عوّدوا الجماهير على أن يكونوا هم الواجهة لكلّ نجاحٍ، وإخفاق أيضاً بطبيعة الحال، في حين أن مهامهم محصورة بإدارة النادي وتمثيله. لم يُذكر أن للرئيس مهمّة تقييم الجهاز الفني واللاعبين والمشاركة في التعاقدات، لكن رئيس النادي اللبناني «بتاع كلّه». يبدو مستغرباً حين يُعلن رئيس نادٍ إقالة المدرب وتعيين غيره. يستعمل «نون الجماعة» في كلماته للدلالة غالباً على أن القرار مشترك بينه وبين باقي الإداريين، على الرغم من أن كلمة الفصل تكون دائماً له، في حين أنّها من المفترض أن تكون للجنة الفنيّة، إذا وجدت. تلك التي يجب أن تضم لاعبين سابقين ومدربين وخبراء، إلا أن المشكلة هي في تعيين أعضاءٍ لا هم لاعبين ولا مدربين ولا خبراء. هم «حاشية» الرئيس.
في دردشةٍ مع مدربٍ لفريقٍ «طليعي» استقال من منصبه منذ فترة، يُشير إلى أن الإدارة عيّنت بعض الأشخاص ليكونوا ضمن اللجنة الفنيّة لتقييم عمله، وهو لم يمانع ذلك، بل شجّع على الموضوع، شرط أن يكون هؤلاء الأشخاص من ذوي الخبرة في هذا المجال، إلا أن المفاجأة كانت في تعيين أعضاء أقرب إلى الإداريين من الفنيين. «أحدهم سألني في اجتماعٍ بعد المباراة عن سبب عدم تسديد أحد اللاعبين على المرمى. هذا على أساس أنني ألعب «بلاي ستيشن» وأتحّكم في اللاعب خلال سير المباراة. هذا وحده دليلٌ كافٍ عن نوعية الأعضاء الذين يُعيّنون ضمن اللجان الفنيّة»، يقول المدرب.
هذا بالنسبة إلى بعض الأندية التي لديها لجانٌ فنيّة، ولكن ماذا عن تلك التي تكتفي بالقرارات الإدارية؟ الموضوع لا يتوقّف عند الانفراد بالرأي الفنيّ، بل ينسحب إلى طريقة اختيار التعاقدات ومتابعة جميع فرق النادي، إذ أن العديد من المدربين ينتقون اللاعبين الذين يريدونهم ويطلبون الاستغناء عن غيرهم، وللجنة الفنية دورٌ في المشاركة في مثل هذه القرارات، كما أن الأمر عينه ينطبق على رؤساء الأندية في طريقة اختيار المدربين واللاعبين. ثُم من يحاسب الجهاز الفني لدى الإخفاق وبمن يتسلّح هو أيضاً تجنبّاً للمواجهة مع الإدارة؟
الواقع أن غياب اللجان الفنية عن الأندية، أو الاختيارات العشوائية لأعضائها، تؤدّي حتماً إلى إلقاء المسؤولية على شخصٍ واحدٍ بدلاً من أشخاص عدة، إضافةً إلى التقييم الخاطئ للأجهزة الفنية، الذي يؤدي لاحقاً إلى المحاسبة عبر الإقالة، في حين يُشار إلى أهمية توزيع الأدوار الفنية والإدارية على المسؤولين في الأندية بدلاً من الانفراد بالقرار.