لم تفارق عدسات الكاميرات الموجودة في «ستاديو اولمبيكو» الشهير في العاصمة الايطالية روما خلال مباراة لاتسيو وضيفه يوفنتوس المتصدر، في المرحلة الحادية والعشرين من الدوري الايطالي لكرة القدم، النجم الألماني ميروسلاف كلوزه كيفما تحرك. رغم أن الخصم يوفنتوس، الذي فشل في أمسية السبت في تحقيق فوزه الثالث عشر على التوالي بخروجه متعادلاً أمام أصحاب الأرض، يضم أكثر من نجم مخضرم وصاعد في صفوفه، إلا أن عدسات المصورين كانت تلاحق «ميرو». كيف لهذه العدسات ألا تتبع خطوات كلوزه، ألا تحب كلوزه؟ وكيف إذا كان ميروسلاف يدنو من ختام مسيرته؟ عندها تصبح اللقطة لهذا النجم تساوي ذهباً.
يصبح السباق محتدماً بين المصوّرين لتأريخ اللقطة الأجمل وإضافتها الى موسوعة لقطات لاعب ما برح يغني الكاميرات بأجملها، إن كان في بطولة كأس العالم أعوام 2002 و2006 و2010 مع المنتخب الألماني والتي جعلت منه ثاني أفضل هداف في تاريخ المونديال (14 هدفاً) متخطياً أسماءً أسطورية يكفي ذكر منها «ملك» الكرة البرازيلي وأول لاعب في التاريخ يسجل أربعة أهداف على الأقل في ثلاث نسخ مونديالية والثاني الذي يسجل خمسة في نسختين، أو في أكثر المباريات مع «المانشافت» التي جعلته على مرتبة واحدة مع الهداف التاريخي للأخير غيرد مولر بـ68 هدفاً، وهو بالتأكيد ماضٍ قدماً لينتزع منه هذا اللقب، أو مع كافة الفرق التي ارتدى قمصانها.
مدهش هذا الـ«ميرو». لا يبخل على العدسات بلقطات جديدة رغم بلوغه السادسة والثلاثين. قبل أيام قضى على انتر ميلانو بلقطة واحدة خيالية عندما تابع الكرة «على الطائر» في الشباك رغم الرقابة الدفاعية اللصيقة. أما أول من أمس فأتحفنا بثلاث لقطات في الموقعة أمام «اليوفي». أيتحف لاعب المتابعين وهو لم يسجل؟ نعم، كلوزه يفعل ذلك، ومقارنة بسنيّه الست والثلاثين تصبح اللقطة معه درساً يُحتذى. قلنا ثلاث لقطات بارزة وعميقة العِبَر أمام يوفنتوس إذاً؛ اللقطة الأولى في الدقيقة الـ25: العدسات ترصد كلوزه وهو يتحرك مع تمريرة بينية من الفرنسي عبدالله كونكو. يا لذكاء هذا الالماني وحاسته التهديفية العالية كيف انسل بين المدافعين ووصل الى الكرة ليصبح في مواجهة جانلويجي بوفون، وهي المواجهة التي كانت العنوان الأبرز المترقب قبل المباراة. «ميرو» يراوغ «جيجي» والأخير يسقطه أرضاً، والنتيجة: طرد لبوفون وركلة جزاء للاتسيو. قلنا طرد بوفون، وما أدراك من هو بوفون وما تعنيه مراوغته والتسبب في طرده. كلوزه يقدم الدرس الأول: الهداف الكبير لا توقفه السنوات الست والثلاثون.
اللقطة الثانية في الدقيقة الـ48: الكرة بين قدمي المدافع أندريا بارزاغلي. كلوزه ينطلق مسرعاً من الخلف كلاعب في العشرين من عمره لينقضّ على الكرة وينتزعها من خصمه، رغم أن الحكم أعطى الأخير خطأً لم يكن واضحاً البتة. «ميرو» يقدم الدرس الثاني: العطاء لا توقفه السنوات الست والثلاثون.
اللقطة الثالثة في الدقيقة الـ76: المباراة تقترب من نهايتها ولاتسيو يبحث عن الفوز. كرة عرضية من ركلة ثابتة من كريستيان ليديسما يصل اليها كلوزه في التوقيت المناسب ويرسلها «صاروخية» برأسه، إلا أن الحارس البديل ماركو ستوراري ينجز تصدي «العمر» بمساعدة العارضة. الكرة لم تدخل الشباك بغرابة شديدة، لكن اللقطة عنوان لدرس ثالث من «ميرو»: ثقافة الفوز وعدم الاستسلام لا توقفها السنوات الست والثلاثون.
في السادسة والثلاثين من عمره يكفي اختصار ما يقدمه «ميرو» بكلمة واحدة: ميروسلاف كلوزه... مدرسة.