بداية موسم مميّزة يعيشها الأرجنتيني ليونيل ميسي. «البرغوث» يتوق لمحو آثار الفشل الأوروبي مع برشلونة في الأعوام الأخيرة وخيبة مونديال روسيا هذا الصيف، والردّ على خروجه من المنافسة على الجوائز الفردية التي كان مَلِكها. خمسة أهداف في الدوري الإسباني حتّى الآن، إضافة إلى 4 تمريرات حاسمة لزملائه، يقابل ذلك خمسة أهداف أخرى في دوري الأبطال، وفوز أمام توتنهام الإنكليزي في «ويمبلي» الملعب المحبب بالنسبة له. ميسي جاهز ليرفع العالم اسمه من جديد بأحرف من ذهب، ذهب اعتاد على رفعه هو بنفسه في السنوات الماضية بات ليونيل ميسي وحيداً في برشلونة. غادر تشافي هرنانديز قبل سنوات وبعده أندريس إينييستا. لكن ميسي ظل هنا. هو القائد الآن في ملعب كامب نو. كبُر «ليو» في السن وكبُر الحمل. وحلم جماهير «البلاوغرانا» لا يزال كبيراً على اتساع الحب لنجمها الأرجنتيني. حلم باستعادة المجد الأوروبي. الرهان كله على ميسي، هو الآن حامل الأحلام والآمال الكاتلونية. لا شك بأن الموسم الحالي سيكون مختلفاً، المسألة لا تتوقف على أنه بات قائد السفينة الكاتلونية، بل لأن «ليو» يخوض الموسم الجديد بعد نكسات غير قليلة مرّ بها.البداية كانت في الموسم الماضي. صحيح أن ميسي توِّج هدافاً للدوري الإسباني وأحرز فريقه اللقب لكن في المقابل فإن الخيبة كانت كبيرة بالخروج من ربع نهائي «التشامبيونزليغ» أمام روما. كانت الخسارة كبيرة لـ«البرسا» وبالدرجة الأولى لميسي. كان موسماً ثالثاً على التوالي يغيب فيه النجم الأرجنتيني عن نهائي دوري الأبطال. كثير هذا على «ليو»، فيما كان طيلة كل تلك السنوات غريمه البرتغالي كريستيانو رونالدو يصول ويجول في البطولة. انتهى الموسم الماضي. طويت صفحة دوري الأبطال المخيبة وفتحت الصفحة الكبيرة. صفحة مونديال روسيا. كل الأنظار كانت على ميسي. الآمال الأرجنتينية كانت كبيرة عليه لفكّ نحسه مع «الألبيسيليستي» وقيادة البلاد إلى لقب عالمي طال انتظاره 32 عاماً. لكن، مجدداً، وكما عادته مع الأرجنتين في الاستحقاقات المهمة، ميسي لم يكن ميسي. ظهر «ليو» الأرجنتين شبحاً لـ«ليو» برشلونة. بدا الفارق شاسعاً بين الاثنين. اكتفى ميسي بهدف واحد في مرمى نيجيريا ولم يقوَ على قيادة «التانغو» إلى أبعد من دور الـ 16. ضاعت الآمال الموندياليّة لميسي مجدداً. ضاعت على الأرجح هذه المرة للأبد. هكذا دخل ميسي الموسم الجديد بخيبة كبيرة. أمام هذا المشهد كان متوقّعاً أن تكون الآثار السلبية كبيرة على ميسي. لكن النجم الأرجنتيني يقدّم بداية موسم رائعة للغاية. أولى الخطوات التي صبّت في مصلحة هذه البداية المميزة كان قرار «ليو» بأخذ استراحة محارب من المنتخب الأرجنتيني، وهذا قرار مهم وفي وقته يُبعد ميسي عن الضغوطات في بلاده جرّاء الفشل المونديالي والمرحلة المقبلة التي يبدو أن «ليو» يدرسها بتأنٍّ إذ إنه لم يستعجل القرار باعتزال اللعب الدولي، كما فعل العديد من النجوم في المنتخبات الأخرى بعد المونديال الروسي.
يلعب ميسي هذا الموسم وهو بعيد عن ضغوط المنتخب


بعد ذلك وقبيل انطلاق الموسم خرج ميسي أمام وسائل الإعلام واثقاً ومتحفّزاً معلناً أن هدفه هو قيادة برشلونة إلى الريادة الأوروبية مجدداً. «التشامبيونز ليغ» تشغل رأس الأرجنتيني إذاً. أولى المؤشرات حول جاهزية ميسي كانت إيجابية حيث سجل «ليو» 4 أهداف في «الليغا» وضعته في صدارة الهدافين مبكراً وقد قدّم مباراة أخيرة خيالية أمام هويسكا مسجلاً هدفين أولهما ساحر، كما صنع اثنين ببراعة. إضافةً إلى تقديمه أفضل مستوى في البطولة التي وعد الجماهير الكاتلونية بأن يعيدها لهم، حيث سجّل 5 أهداف في أوّل مباراتين له في دوري الأبطال. ليتصدّر ميسي قائمة هدّافي البطولة بواقع خمسة أهداف. ثمة مسألة أخرى بالغة الأهمية هنا تقود لأن يكون ميسي في القمة هذا الموسم وهي خروجه من المنافسة على الجوائز الفردية. غير قليل طبعاً أن لا يكون ميسي بين المنافسين على الأفضل في العالم. وهذا ما حصل في جائزة أفضل لاعب في أوروبا المقدّمة من «يويفا» والتي أحرزها الكرواتي لوكا مودريتش متقدّماً على رونالدو ومحمد صلاح، ثم تلا ذلك إعلان «الفيفا» مرشّحيه الثلاثة الأخيرين للمنافسة على جائزة أفضل لاعب في العالم والتي ضمّت الأسماء ذاتها أي مودريتش ورونالدو وصلاح، والتي رفعها الكرواتي أيضاً. ما هو متوقّع كذلك سيكون بالنسبة إلى جائزة الكرة الذهبية الممنوحة من مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية التي ربما قد يخرقها فقط «ابن البلد» أنطوان غريزمان. كل هذا يجعل ميسي هذا الموسم أمام تحدي التألق واستعادة مكانته في عالم الساحرة المستديرة رغم أن الجوائز لا تحجبها طبعاً لكن هذه الأخيرة تبقى ذات أهمية بالنسبة للنجوم في المنافسة بينهم.
على أي حال، بدأ الموسم بالنسبة لميسي بأفضل ما يكون. «ليو» جاهز للتحديات الجديدة والملايين من محبيه ينتظرون إبداعاته. البرازيلي رونالدينيو أحدهم. أفضل لاعب في العالم وزميل ميسي لفترة وجيزة سابقاً كان صريحاً قبل شهر من الآن بقوله إنه يجب سحب القميص رقم 10 من برشلونة بعد اعتزال ميسي. قول معبّر جداً من «روني»، النجم الكبير الذي سبق «ليو» إلى ارتداء هذا القميص في «البرسا». جواب ميسي سيكون مجدداً في الملعب، إذ إن صاحب القميص رقم 10 في برشلونة لا يزال يمتلك الكثير لإسعاد العالم.