أتيت لأجعل اللبنانيين فخورين بمنتخبهم وسنتأهّل إلى كأس العالم مستقبل كرة السلّة اللبنانيّة مميّز في ظل وجود المواهب
اللاعب اللبناني تطوّر خلال السنوات الماضية وبات يعرف الأسلوب الأوروبي

يعود المدرب السلوفيني ـ اليوناني سلوبودان سوبوتيتش إلى لبنان من بوابة المنتخب الأول لكرة السلة. المدرب المحنّك، صاحب الخبرة الكبيرة في الملاعب الأوروبيّة، والشخصيّة القويّة على أرض الملعب. مدرب نادي الرياضي بيروت السابق، يحمل آمال اللبنانيين بالتأهّل إلى نهائيات كأس العالم المقبلة المقررة في الصين (2019). يعود سوبوتيتش الى لبنان ليكمل ما بدأه المدرب الوطني باتريك سابا مع المنتخب، والذي أوصل لبنان الى الدور الثاني. مهمة «بيكسي» كما يُسمّى في الملاعب لن تكون سهلة، خاصة أمام منتخبات تعتبر من الأفضل في القارّة الآسيويّة وهي الصين وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا. فكيف يرى مهمته الجديدة؟

عدت إلى لبنان اليوم بمهمة مختلفة، لماذا عدت في هذا التوقيت وما هو هدفك وأين كنت خلال فترة ابتعادك عن لبنان؟
أولاً أود أن أعبّر عن سعادتي بالعودة إلى لبنان هذا البلد الذي أمضيت فيه ما يقارب الخمس سنوات، وحقيقة أغرمت به وبشعبه. عدت بعد حصولي على عرض من الاتحاد اللبناني لكرة السلّة. جلست مع رئيس الاتحاد أكرم الحلبي وشعرت أن هؤلاء الأشخاص يريدون تحقيق شيء لكرة السلة اللبنانية. لم يستغرق اجتماعنا أكثر من عشرين دقيقة حيث اتفقنا على جميع التفاصيل. وانطلاقاً من تجربتي كمدرب لمنتخب سلوفينيا 2002-2004 ضمن بطولة أوروبا في السويد، اعتبرت أن هذا تحدٍ جديد لي على صعيد المنتخبات. حين درّبت منتخب بلادي أحرزنا المركز الثامن من أصل 32 منتخباً وكان هذا أفضل إنجاز للمنتخب السلوفيني حتى تلك الفترة.
لم أصل إلى مسابقة كأس العالم كمدرب بعد، واعتقد أن اللاعبين اللبنانيين منذ حضوري إلى لبنان قبل خمس سنوات قد نضجوا وتطوّر مستواهم. فهم لم يعودوا يتابعون الدوري الأميركي للمحترفين فقط، بل يتابعون كرة السلة الأوروبية وهذا أمرٌ مهم، لأن كرة السلة الأوروبية أقرب الى السلة اللبنانية من الدوري الأميركي للمحترفين. وبرأيي هناك مستقبل للسلة اللبنانية مع لاعبين من نوعية وائل عرقجي وعلي مزهر، رغم أنهما لن يكونا معي في المنتخب بسبب الإصابة. في أوروبا يبحثون عن صانعي الألعاب ويقومون بتجنيسهم، لكن في لبنان ليس هناك مشكلة على صعيد هذا المركز.
أما عن الفترة الماضية، فقد درّبت فريق سيبونا في كرواتيا لكن غادرت بعد خمسة أشهر لعدم التزام إدارة الفريق بالوعود التي قدمتها. وكانت هناك عروض من فرق لبنانية لكني رفضتها لقناعتي بعدم صوابية تسلم فريق في منتصف الموسم. كنت أقوم بذلك سابقاً، لكن حالياً لم أرغب بتسلم أي فريق إلا من بداية الموسم، حيث أقوم بتحضيره على طريقتي ووفق رؤيتي.

لكنك تسلمت المنتخب اللبناني في منتصف الطريق، كيف ذلك؟
صحيح، حين أتيت لأدرب المنتخب اللبناني كان لدي فترة شهر لتحضير الفريق، وهي فترة كافية رغم أن أي مدرب دائماً ما يحتاج إلى المزيد من الوقت. لكن اعتبرت أن هذا تحد جديد لي.

كيف وجدت المنتخب اللبناني وما هي حظوظ لبنان في مواجهة ثلاثة منتخبات قوية في مشوار التصفيات؟
اللاعبون «جائعون» لتحقيق إنجاز ما. يريدون الفوز والتأهل الى كأس العالم وهذا أمرٌ مهم. وعلى صعيد الحظوظ، أنا كمدرب لا أفكر سوى بالفوز، وفي حال قدّم اللاعبون ما يقدمونه في التمارين فحظوظنا كبيرة بالتأهّل كأس العالم.
هناك موضوع الجهوزية البدنية، حيث أن اللاعبين توقفوا عن اللعب منذ ثلاثة أشهر، في حين أن المنتخب الصيني يلعب منذ شهرين وخاض مباريات ودية، ولديه لاعبون في الدوري الأميركي، لكن لا أهتم لذلك. على اللاعبين أن يكونوا جاهزين وسيكونون كذلك أنا متأكّد. لا أود أن أتكلم عن نسب الحظوظ، فنحن سنفوز.

ماذا ستفعل بغياب عرقجي ومزهر وجان عبد النور؟
لدي ثلاثة لاعبين في المركز رقم 1: ميغيل مارتينيز، رودريغ عقل وجاد خليل. الأخير لاعب صغير السن ويمتلك إمكانيات كبيرة. وهذه فرصتهم ليثبتوا أنهم حاضرون وقادرون على الذهاب مع منتخب لبنان بعيداً.

لماذا لا يتم البحث عن لاعبين مغتربين جدد؟
لا حاجة لذلك الآن. نحن لدينا أفضل اللاعبين في الدوري اللبناني ويعرفون بعضهم جيداً، وليس بالأمر الصائب إدخال عناصر جديدة تكون غريبة عن اللاعبين وطريقة لعبهم، والأمر ينطبق على اللاعب الجديد الذي سيكون ضائعاً بدوره.

آتير ماجوك هو لاعبنا المجنّس حالياً، هل من الممكن تجنيس لاعب أوروبي سبق ودربته أو تعلم عنه؟
من الصعب جداً. هناك لاعبون كثيرون يمكن التعاقد معهم، لكن هؤلاء مرتبطون بعقود مع أنديتهم. والأخيرة لن توافق على مشاركة لاعبيها مع منتخبات مخافة تعرضهم للإصابة. سنكون محظوظين لو نجد لاعباً غير متربط بعقد مع نادي والتعاقد معه، لكن هذا أمرٌ شبه مستحيل.

في إحدى المرّات تحدثت عن اللاعب اللبناني بأنه صعب المراس، كيف تستطيع التعامل مع اللاعبين الآن؟
صحيح بعض اللاعبين اللبنانيين أنانيّ، لكني تحدثت إلى لاعبي المنتخب لدى تسلمي مهمة التدريب بأن عليكم وضع «الأنا» جانباً. وهذا ينطبق عليّ أيضاً. فهذا هو طريقنا الوحيد للنجاح. وضع «الأنا» خارج الملعب والعقل والجسد داخله وحينها سننجح، وسنحقق الفوز. أما إذا أراد كل لاعب القيام بأمور يعتقد أنها صحيحة فحينها سنفشل.

أنت من المدربين القلائل الذين نقلوا الأسلوب الأوروبي الى كرة السلّة اللبنانيّة، وتحديداً إلى الرياضي بيروت، فهل ستكرر هذا الأمر في المنتخب اللبناني؟
كرة السلة تغيّرت كثيراً اليوم. في لبنان، هناك العديد من اللاعبين الأميركيين الذين حضروا ولعبوا خلال المواسم الماضية، بعد أن كانوا يلعبون في أندية أوروبية، وهذا ما ساعد اللاعب اللبناني على التعرّف على الأسلوب الأوروبي. قواعد كرة السلة ذاتها سواء في آسيا أو أفريقيا أو أوروبا. فالجميع يريد الدفاع والهجوم، وبالتالي ليس من الصعب تلقين اللاعبين هذا الأسلوب. قبل خمس سنوات كانت المهمة صعبة جداً في الرياضي، لكن حالياً المهمة أسهل.

ما هو الفرق بين تدريب الرياضي وتدريب المنتخب؟
نعم هناك فارق. في نادي الرياضي المجموعة عينها تلعب مع بعضها منذ سنوات. في المنتخب هناك لاعبون مختلفون من أندية مختلفة، عليك توليفهم وخلق تجانس في ما بينهم. في الرياضي السنة الثانية كانت أسهل بكثير من الأولى مع تأقلم اللاعبين، وانسجامهم مع أسلوبي في اللعب، وهنا الوضع أصعب بكثير لكن هذا جزء من المهمة.

المدرب السابق باتريك سابا كان يعتمد على الأسلوب الدفاعي، هل تغيير الأسلوب سيشكّل صدمة للاعبين؟
لا الوضع لن يتغيّر، اللاعبون يعرفون تماماً بأني أميل أيضاً الى الأسلوب الدفاعي. وفي الرياضي أحرزنا الألقاب بهذه الطريقة، حينها لم يكن هناك لاعب يسجّل 30 أو 35 نقطة في المباراة الواحدة. فهدفي الأساسي كان الدفاع، وهذا سينطبق على عملي في المنتخب. الدفاع هو ما يؤمّن لك الانتصارت والنتائج الجيدة.

هل أنت راضٍ عن الجهاز الفني المساعد؟
أنا راضٍ جداً. حتى أن الرئيس أكرم الحلبي ترك لي الحرية بأن أستعين بمساعد أجنبي، لكني رفضت رغم أني أعرف العديد من المدربين الجيدين، لكني رفضت لسببين: الأول هو عامل اللغة. لن يكون سهلاً على المساعد الأجنبي التواصل مع اللاعبين كالمدرب اللبناني. السبب الثاني هو عدم معرفة المدرب الأجنبي بالعقلية اللبنانية على عكس المدرب اللبناني.

بعيداً عن المنتخب اللبناني، هل كرة السلة اللبنانية في تراجع؟
كلا، مطلقاً. بل على العكس تتقدم. قد تكون هذه الفكرة قائمة بسبب اعتزال لاعبين كبار كفادي الخطيب وعلي محمود وغيرهما، إضافة إلى اعتماد ثلاثة لاعبين أجانب على أرض الملعب في البطولة المحلية. لكن هناك مواهب ممتازة، وما حققه المنتخب اللبناني للناشئين (دون 16 عاماً) في إيران مع إحراز لقب بطولة غرب آسيا يؤكد أن كرة السلة اللبنانية بخير.

بالحديث عن عدد اللاعبين الأجانب في البطولة، هل أنت مع موضوع الثلاثة أجانب أم ضده؟
أنا ضد مشاركة ثلاثة لاعبين أجانب. فهذا سيأخذ من حصة اللاعبين اللبنانيين وخصوصاً الصغار منهم. فمع اعتماد ثلاثة لاعبين أجانب لن يبقى سوى مركزين للبنانيين وبالتالي ستبحث الأندية عن النجوم القادرين على التسجيل وحمل الفريق، وهذا سيحرم اللاعبين الصاعدين من فرصة المشاركة وتطوير أنفسهم. فاللاعب الأجنبي غالباً ما يكون فردياً الى حد كبير. هو يهتم بالأرقام والإحصاءات للحصول على عقود أفضل. لا أعمم هذا على جميع اللاعبين الأجانب، لكن معظمهم كذلك. لذا عليك إعطاء الفرصة للاعبين اللبنانيين، وبالتالي لاعبَين أجنبيين على أرض الملعب كافٍ في البطولة المحلية.

سؤال أخير، هل سنتأهّل إلى كأس العالم؟
نعم سنتأهل. أتيت لهذا الهدف وليس للسياحة. حضرت مرات عدة كسائح لكن هذه المرة أتيت لأجعل اللبنانيين فخورين بمنتخبهم.