حاول البعض ربط اسم سيرينا بمنظمة «الفهود السوداء»
سيرينا من جهتها لم تقف مكتوفة الأيدي، الأميركية صاحبة الأصول الافريقية تعرف حقوقها جيّداً، وتعلم أيضاً أنها صنعت مجداً كبيراً للولايات المتحدة الأميركية بعد تحقيقها عشرات الألقاب. رفضت ويليامز أن تكال لها التهم، وأن تُتهم بالعنصرية من دون وجه حق، علّقت على القرار الفرنسي وجميع الانتقادات بالقول «هذا الزي جعلني أشعر كأنني «بطلة خارقة»، و«ملكة واكندا» (في إشارة منها إلى شخصيّة الـ«بلاك بانتر» الافتراضية والتي تأخذ من المدينة الافتراضية الأخرى واكندا مقراً لها في شمال أفريقيا)». مشيرة في الوقت عينه إلى أن الدوافع التي جعلتها ترتدي الزي الأسود الكامل هي في المقام الأول دوافع طبيّة.
وكان لافتاً خروج بعض الأميركيين أيضاً لاتهام سيرينا بأنها عضو في منظمة «الفهود السوداء» وهي الحركة الحقوقية التي نشأت في أميركا بعد مقتل مالكوم إكس للدفاع عن حقوق أصحاب البشرة السمراء في أميركا، نظراً إلى ما كانوا يتعرّضون له من اضطهاد. ووضعت هذه المنظمة على اللوائح الإرهابية بسبب دخولها بصدامات مع الشرطة. وفي حديثنا عن الحرّيات، فإن قضيّة بطلة رولان غاروس في ثلاث مناسبات (2002/2013/2015) قد وصلت بصداها إلى الرئيس الإيراني السابق أحمدي نجاد الذي غرّد على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» قائلاً: «لماذا البطولة الفرنسية لا تحترم سيرينا ويليامز؟ مع الأسف، بعض الأشخاص في جميع البلدان بما فيها بلدي إيران، لم يعوا المعنى الحقيقي للحرية». في إشارة منه إلى التقييد الذي عانت منه ويليامز في الآونة الأخيرة من قبل الاتحاد الفرنسي.
الجدير بالذكر هنا بأن «الملكة» سيرينا ويليامز، لم تقدم على مثل هذه الخطوة هباء، فلا دخان بلا نار. ارتدت اللاعبة الأميركية الفائزة بـ23 بطولة «غراند سلام» خلال مسيرتها، الرداء الأسود المصمم خصّيصاً لها بسبب معاناتها الصحية، بعيد إنجاب طفلتها. ودعمت شركة «نايك» التي صنّعت اللباس خصيصاً سيرينا بطلتها بالقول: «يمكنك أخذ «البطل الخارق» من زيّها، ولكن لم ولن يمكنك أبداً أخذ «الثقة الخارقة» من جسدها». تغريدة لم تكن الوحيدة، فضج موقع «تويتر» بالكثير من التغريدات الداعمة لسيرينا والمعارضة لـ«عنصرية» الاتحاد الفرنسي من جهة. ما حدث مع سيرينا لا يمكننا التغاضي عنه وبأن نبتعد عن فكرة واحدة فقط: عنصرية فرنسا والدول الأوروبية. ففي 1985، ارتدت اللاعبة الأميركية آن وايت رداء شبيهاً لما ارتدته سيرينا ولكن باللّون الأبيض، ـ اللون المفضل لكارهي المهاجرين، رغم أن هؤلاء المهاجرين في كرة المضرب وكرة القدم، هم من يحققون الإنجازات للغرب في فرنسا وأميركا ومختلف الدول. لم يلق هذا الرّداء آنذاك الضجّة أو «البلبلة» الإعلامية كما حصل مع سيرينا ويليامز، ليس لشيء إلا لأنّه أبيض.
ما حدث مع سيرينا، إحدى «أيقونات» لعبة كرة المضرب عبر التاريخ، يحدث كل يوم، ولكن الفارق أن سيرينا هي رياضيّة معروفة على مستوى العالم، وبالتالي كل شيء يكون مكشوفاً وواضحاً. بينما هناك الكثير ربما من الرياضيّات والرياضيين الذين يتعرّضون لمثل هذه الأمور من دون أن يعرف العالم بالأمر. وتذكّر حادثة سيرينا، بأحدث الاعتداءات العنصرية التي تشهدها إيطاليا، بعد أن أصيبت دايزي أوساكوي، وهي رياضية إيطالية سمراء البشرة، بجروح في عينها بعدما ألقيت على وجهها ببيضة، في اعتداء قالت الضحية ذات الأصول النيجيرية، إنه «بدافع عنصري». وتتزايد هذه الأحداث في أوروبا وأميركا مع صعود الحكومات اليمنية في العالم.