بعد أربع سنوات بين أسوار القلعة الزّرقاء، انتقل حامي عرين تشيلسي تيبو كورتوا إلى ريال مدريد بصفقة احتلّت المركز الخامس في ترتيب أغلى صفقات الحرّاس عبر التّاريخ. وقد لفت تيبو كورتوا أنظار كشّافي تشيلسي عام 2011 بعد أن قدّم مستويات طيّبة برفقة جينت البلجيكي، ما دفع الرّئيسة التّنفيذيّة مارينا غرانوفسكايا لشراء ابن الـ 19 عاماً مقابل 9 ملايين يورو، وانتقل اللاعب فور توقيعه إلى أتلتيكو مدريد على سبيل الإعارة ليخلف ديفيد دي خيا المنتقل وقتها إلى مانشستر يونايتد. قضى كورتوا ثلاث سنوات في أتلتيكو تطوّر خلالها على يدي دييغو سيميوني. ثلاث سنوات كانت كفيلة لجعل كورتوا واحداً من أفضل حرّاس العالم، وذلك بعد أن حقّق لقب الدّوري عام 2014 وكأس ملك إسبانيا على حساب ريال مدريد، ليخسر بعدها نهائي دوري أبطال أوروبا على يد الجار المدريدي.
في حقبة مورينهو الثّانية مع تشيلسي، اتّخذ المدرّب قراراً جريئاً تمثّل بإرجاع ابن الـ22 عاماً إلى القلعة الزّرقاء وجعله الحارس الأوّل على حساب أسطورة النّادي الحارس التّشيكي بيتر تشيك، قرارٌ ارتأى به المدرّب الخيار الأمثل لمستقبل النّادي، وكان الحارس على قدر الثّقة حيث أظهر مهاراته وطينته بسرعة، فارضاً نفسه واحداً من أفضل الحرّاس في العالم. أداء اللّاعب الثّابت ساهم بشكل كبير في تتويج النّادي بلقبي الدّوري الإنكليزي برفقة مورينيو وأنطونيو كونتي، إضافةً إلى كأس الاتّحاد الإنكليزي وكأس رابطة الأندية الإنكليزيّة. وقد تجلّى نجم الحارس في كأس العالم عام 2018 المقام في روسيا، حيث قاد كورتوا منتخب بلاده إلى نصف نهائي البطولة ليُقصى بعدها على يد الفرنسيّين. أداء اللّاعب الكبير جعله يتوّج بجائزة القفّاز الذّهبي كأفضل حارس في البطولة ما صوّب أنظار العملاق الإسباني ريال مدريد نحوه.
بعد مجيء المدرّب الإيطالي ماوريسيو ساري إلى تشيلسي لقيادة الجهاز الفنّي خلفاً لمواطنه أنطونيو كونتي، كان بقاء الحارس البلجيكي في الفريق أحد مطالبه الأساسيّة، فطلب من الحارس الحضور إلى مقرّ التّدريبات لمناقشة مصيره، إلّا أنّ هذا الأخير تمرّد ورفض العودة مُبدياً رغبةً علنيّة بالانضمام إلى نادي ريال مدريد. وضع النّادي عندها بين خيارين، إمّا القبول بعرض ريال مدريد المقدّر ب 31 مليوناً، أو إبقاء اللّاعب في النّادي لموسم واحد حتّى ينتهي عقده ويذهب بعدها مجّاناً إلى الرّيال. وكان الخيار الأوّل هو الأفضل بطبيعة الحال لخزينة النّادي.
انتظر الرّيال نادي تشيلسي ليؤمّن بديلاً من كورتوا، وكان له ما أراد بعد أن وقّع مع كيبا حارس أتليتيكو بيلباو في صفقةٍ اعتبرت الأغلى في تاريخ الحرّاس، ما فتح الباب لانتقال كورتوا إلى الأبيض الملكي، وهو ما حصل مساء الخميس حيث وقّع العملاق البلجيكي لريال مدريد في صفقة قدّرت ب31 مليوناً بعقدٍ يمتدّ لستّ سنوات. وقد لاقت الصّفقة العديد من ردّات الفعل السّلبيّة في الوسط الرّياضي خاصّةً من مناصري ناديي تشيلسي وأتلتيكو مدريد، حيث عبّر أنصار تشيلسي عن غضبهم لتمرّد العملاق البلجيكي على ناديهم الّذي أتاح له فرصة اللّعب في نادٍ كبير مثل تشيلسي على صغر سنّه بعد أن كان يلعب في الدّوري البلجيكي، وانفجرت جماهير الرّوخي بلانكوس غضباً كون اللّاعب انتقل إلى غريمها التّقليدي ما جعل الأنصار يحرقون اسم اللّاعب قرب ملعب الواندا ميتروبوليتانو.
تعقيباً لما حصل، صرّح وكيل أعمال اللّاعب أنّ انتقال كورتوا إلى ريال مدريد لم يحصل إلّا لأسباب عائليّة تعود لبعد أولاده عنه حيث يقنطون برفقة أمّهم في إسبانيا، ولو أنّ العائلة تسكن في لندن لما اتّخذ اللّاعب هذا القرار. وسيشغل كورتوا بشكل كبير المركز الأساسي لحراسة مرمى النّادي الملكي، فعلى الرّغم من أداء الحارس الكوستاريكي الكبير في الأعوام الثّلاثة الماضية ومساهمته بتتويج النّادي بثلاث بطولات دوري أبطال أوروبا على التّوالي، إلّا أنّ النّادي كان يبحث عن حارس يشغل مركزه، ظهر ذلك منذ سنتين بعد أن كان الرّيال قريباً جدّاً من التّوقيع مع حارس مانشستر يونايتد دافيد دي خيا.
خبرة اللّاعب على صعيد الدّوريات الّتي لعبها والمباريات الدّوليّة، إضافةً إلى عمره سيجعلان الحارس البلجيكي مفضّلاً لشغل المركز الأساسي للنّادي، ولا يخفى أنّ اسم كورتوا سيدرّ الأموال على خزينة النّادي جرّاء بيع قمصانه، حيث أنّ اللّاعب يحظى باسم تسويقي جيّد في ملاعب كرة القدم. إلى ذلك، مجيء اللّاعب إلى الرّيال يعدّ إضافة قويّة بطبيعة الحال، ولكنّه سيشعل الحرب على مركز الحراسة بينه وبين نافاس الّذي لن يسلّم عرشه بسهولة، الأمر الّذي قد يتفاداه فلورينتينو بيريز خوفاً من تكرار سيناريو مشابه لما حدث بين لوبيز وكاسياس، بعد أن أدّت المنافسة وقتها إلى زعزعة أجواء غرفة الملابس خاصّة بعد المشاكل مع مورينيو، ما قد يدفع بيريز إلى بيعه إن حصّل سعر جيّد.
وقد يلعب كورتوا المباراة الأولى له بقميص الميرينغي ضدّ النّادي الّذي ترعرع به أتلتيكو مدريد في المباراة الّتي ستجمع النّاديين في كأس السّوبر الأوروبي الأربعاء المقبل.