يرفع الحكم يده باحثاً عن الصمت في المدرجات. فيما يقف في مقابله اثنان ينظران إلى بعضهما وكأنهما يريدان المبارزة. تفصلهما طاولة خشبية لا يتجاوز طولها الثلاثة أمتار. يحملان في يدهما مضرباً أو ما يسمى بـ«الراكيت». تعطى إشارة الانطلاق فترتفع كرة صفراء في الهواء ومن بعدها تبدأ المباراة. كرة الطاولة لعبة باتت تتطور لبنانياً وعربياً في السنوات الأخيرة، فعلى الصعيد المحلي بات اللاعبون يذهبون خارج لبنان بحثاً عن مشاركة تزيد من خبرتهم. أما عربياً فمنتخب لبنان حقق نتائج إيجابية في بطولة العرب التي انطلقت في 31 تموز/يوليو، وما زالت مستمرة.البطولة العربية تنظم كل عام وتتنقل بين مختلف الدول العربية. وتتوزع المنافسات على مختلف الفئات العمرية. شارك في النسخة الـ26 للبطولة على صعيد المنتخبات 16 دولة في بطولة هذا الصيف. وفي مصر فرض المنتخب المستضيف للبطولة سيطرته على المنافسات كافة حيث حصد المركز الأول في منافسات السيدات والرجال، الشابات والشباب تحت 21 سنة، واحتلت الجزائر مركز الوصيف. ولدى الناشئين تحت 18 سنة جاءت مصر أيضاً في المركز الأول، فيما عزز الأشبال والشبلات تحت 15 سنة صدارة مصر لتنفرد بالذهبيات على منصة التتويج. أما لبنان فلم يلعب دور الزائر الذي يلقي التحية ثم يخرج من البستان خالي الوفاض من دون أي غلة في سلته. هزم لبنان العراق في فئتي الشابات والشبلات ليحصد البرونزية، وعلى الميدالية ذاتها لم تسلم قطر من لبنان الذي فاز في منافسات السيدات، وعلى نفس المنتخب ضمنت أصغر لاعبة في البطولة بيسان شيري (7 أعوام) برونزية تحت 12 سنة. ولدى الرجال فاز لبنان على البحرين 2/3 محرزاً البرونزية أيضاً. «إنجاز» لبناني على الصعيد العربي، نتيجة العمل الحثيث الذي بذله اللاعبون بالدرجة الأولى.
10 فقط من أصل 35 في البعثة سافروا على حساب الاتحاد

اللاعبون وحدهم يستحقون التحية والتكريم. المنتخب اللبناني لا يملك مدرباً، في الوقت الذي يرى فيه أحد أعضاء البعثة المؤلفة من حوالى 35 شخصاً أنه لو كان هناك من يهتم ويحضر اللاعبين، لحصد لبنان فضية على الأقل ولم لا المركز الأول. تقصير اتحاد رياضي في لبنان ليس بالأمر الجديد، لكن اللافت أن هذه اللعبة التي تحقق النتائج للبنان لا تلقى اهتماماً. ولأن لبنان يعتمد قاعدة «متعودة دايماً»، فإن كرة الطاولة اللبنانية لم تخلُ من «المحسوبيات»، فتشكيل الفرق يتأثر بـ «الواسطة»، وقد يفضل لعب شخص على آخر بغية تحسين الصورة عند واحد من أصحاب «المعالي». وبعيداً عن هذا كله 10 فقط من البعثة سافروا على حساب الاتحاد، أما البقية فقد قاموا بجمع «قروشهم» من أجل المشاركة وتمثيل بلدهم الذي يعاني اتحاده على ما يبدو من «الفقر» وعدم قدرته على دعم لاعبيه، وإذا قمنا بالبحث عن الأرقام التي تُضخّ في هذا الاتحاد ربما وجدنا أن الطيور تتغذى عليها.
وفي سياق آخر، قررت اللجنة التنفيذية في الاتحاد العربي لكرة الطاولة، إنشاء لجنة للاعبين العرب خلال الفترة المقبلة، وذلك من أجل تسهيل عملية توصيل صوت اللاعبين إلى المكتب التنفيذي باعتبار أنهم يشكلون المحور الرئيسي للعبة. السعي العربي لتطوير اللعبة لم يتوقف هنا، إذ اتُّخذ قرار بفصل البطولات العربية بالنسبة إلى الفئات المختلفة وإقامة كل بطولة على حدة، في توقيت متقارب مع البطولات الدولية التي تقام في البلدان العربية وذلك من أجل إتاحة الفرصة للاعبين العرب للمشاركة في هذه البطولات الدولية. ما يساعد على وجود أكبر عدد ممكن من العرب في قائمة اللاعبين المصنفين دولياً. إذاً، ما لا يقل عن 200 لاعب ولاعبة من الدول العربية استطاعوا أن يربطوا أسماءهم في التصنيف الدولي للاعبين العالميين. ولكن السؤال أين اللبنانيين من هذه المجموعة؟ آمالهم في المضي قدماً على الصعيد الدولي يحطمها الركود البيروقراطي «تحت الطاولة»، في «مكاتب» هذه اللعبة وفي ملاعبها.