بلحظةٍ سجل فيها المنتخب الكوري الجنوبي الهدف الأول في مرمى بطل العالم (السابق)، كان فيديو تسجيل عباس عطوي هدف الفوز لمنتخب لبنان على كوريا الجنوبية على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضية، قبل سبع سنوات، قد انتشر على جميع وسائل التواصل الاجتماعي، مع صورٍ لنتيجة 2-1 التاريخية، التي وضعت لبنان في التصفيات النهائية المؤهلة إلى مونديال البرازيل 2014 للمرة الأولى، والأخيرة. المعادلة التي أصبحت مادة للسخرية هي: لبنان فاز على كوريا الجنويية، وكوريا فازت على ألمانيا، إذاً لبنان أقوى من ألمانيا. هذا، قبل الاصطدام بواقع أن كوريا، حقاً فازت على ألمانيا! وأن كوريا هذه، ستلعب في بطولة كأس آسيا التي تنطلق مطلع السنة المقبلة، والتي يشارك فيها لبنان، في مجموعة، تضم السعودية، الفائزة على مصر في المونديال الروسي. وأن البطولة عينها، تشارك فيها اليابان، التي تأهّلت إلى دور الـ 16، وإيران التي تعادلت مع البرتغال، بطل أوروبا، وفازت على المغرب، إلى جانب أوستراليا أيضاً.
لبنان ليس مطالباً بالظفر بلقب كأس آسيا، ولكن بتقديم مستوى مشرّف

مرَّ أكثر من سنتين على آخر خسارة لمنتخب لبنان. 14 مباراة و1260 دقيقة على أرض الملعب لم يُغلب فيها «رجال الأرز». أرقامٌ تُقارع أقوى منتخبات العالم، بل تتخطى معظمها أيضاً. إلا أن المباريات الـ 14 هذه، التي التقى فيها لبنان مع عشرة منتخباتٍ آسيوية ومنتخب أفريقي، كانت جميعها أمام منتخبات «الصفين الثالث والرابع»، اللذين (لم) يعد لبنان ينتمي إليهما بعد تقدّمه في التصنيف العالمي، ليحل بين أفضل عشرة منتخبات آسيوية. تصنيفٌ يُشير الى أن لبنان أفضل من العراق وأوزبكستان وقطر وأوغندا وكندا وغيرها. الخسارة الأخيرة التي مُني بها المنتخب اللبناني كانت أمام نظيره الكوري الجنوبي، وقبلها بمواجهات مع أوزبكستان والبحرين والعراق والكويت والإمارات وقطر وإيران. منتخباتٌ «للمفاجأة» لم يواجه لبنان أياً منها في سلسلة المباريات الـ 14 من دون خسارة، وسيلتقي في البطولة الآسيوية منتخبين منهما (السعودية وقطر) في المجموعة التي يلعب ضمنها، إلى جانب كوريا الشمالية، قبل خوضه ست مباريات ودية مع الصين وأوستراليا والأردن وعُمان وتايلاند. في الحقيقة، أقوى منتخب فاز عليه لبنان في السنوات الخمس الأخيرة كان المنتخب السوري، في مباراة ودية لُعبت عام 2013 في بيروت. أساساً، منذ الفوز على إيران عام 2012، التقى المنتخب اللبناني بمنتخبات: قطر، الكويت، إيران، أوزبكستان، البحرين، كوريا الجنوبية، العراق، السعودية، الإمارات والأردن، ذلك قبل السنتين الأخيرتين. لم يفز في لقاء.
المستوى الذي ظهرت فيه المنتخبات الآسيوية الخمسة في كأس العالم كان مقلقاً بالنسبة إلى الشارع اللبناني الكروي، فرغم أن أربعة منها لم تتأهل إلى الدور الثاني (وهو أمر يتكرر عادة في كل نسخة مونديالية)، إلا أنها استطاعت مقارعة كبار اللعبة، وقدمت أداءً أشادت به وسائل الإعلام العالمية. صحيحٌ أن بطولة كأس العالم تختلف عن نظيرتها في كأس آسيا، وأن المنتخبات المشاركة تحفّز على تقديم مستويات أقوى، إلا أن رغبة الفوز في أي مباراة تبقى هي نفسها، وإذا كانت كوريا قادرة على أن تفوز على ألمانيا، وإيران تستطيع مجاراة إسبانيا والبرتغال وتخطّي المغرب، واليابان تتأهّل إلى دور الـ 16 من مجموعة تضم بولندا وكولومبيا والسنغال، فهي بدون شك، ستنجح في التغلّب على أي منافس في البطولة الآسيوية، لم يحجز مكاناً له في المونديال الروسي.
لبنان ليس مطالباً بالظفر بلقب كأس آسيا، ولا الوصول إلى النهائي، ولا حتى نصف النهائي، إلا أن المراد من مشاركته تخطّي دور المجموعات في المرحلة الأولى، إذا كان فعلاً، كما يتفاخر المسؤولون عن اللعبة، قد أصبح بين كبار القارة، نسبة إلى تقدّمه في تصنيف المنتخبات. الخوف هو أن يصطدم لبنان بالواقع، الذي يشير إلى أن حتى نتائجه التي حققها على منتخبات «ضعيفة»، لم تأتِ بفعل أداءٍ عالٍ، فهو لم يفز بأي مباراة بفارق أكثر من هدفين (باستثناء فوزه على كوريا الشمالية بخمسة أهداف دون رد). ربما الوقت لم يعد يسمح بتغيير جذري في المنتخب، إلا أن الجهاز الفني، بمساعدة اتحاد اللعبة، عليهما أن يستفيدا من المباريات التحضيرية الست، وخاصة أن بعضاً منها ستكون أمام منتخبات أقوى من تلك التي لعبها في السنتين الأخيرتين.