لم يؤُكَّد ما إذا كان مارادونا «سقط» بسبب انفعاله بعد الهدف، أو لسبب صحي آخر، إلا أن حامل لقب كأس العالم 86، الذي كان قريباً من الموت قبل نحو عشر سنوات، لم يكن «طبيعياً» ليلة أول من أمس. الطبيعي، هو مشهد رفع مارادونا إصبعه الوسطى. أمرٌ تقبّله الجمهور، لأنه مارادونا، ولو كان شخصاً آخر، لما كانت ردود الفعل هي عينها. الفيديو الذي يظهر فيه وهو يخرج من المنصة ليتلقى العلاج قبل نقله إلى المستشفى بعد نهاية المباراة، يوضح أن دييغو ربما كان مخموراً. هذه ليست انفعالات شخصٍ متأثرٍ من فوز منتخب بلاده في الدقائق الأخيرة، لكن مرة جديدة، لأنه مارادونا، ستتخطى الجماهير الموضوع وكأنّه لم يكن. هذا مارادونا الشغوف، والعالم شغوف بمارادونا أيضاً.
يعلم الأسطورة أن الكاميرات دائماً مصوبة نحوه
شيءٌ ما يربط الجماهير بابن الأرجنتين. شيءٌ من الـ«نوستالجيا» للاعبٍ قاد منتخب بلاده إلى الفوز بكأس العالم، وجاء بلقب الـ«سكوديتو» لنابولي الايطالي. شيءٌ، يُجبرنا على أن لا نكره مارادونا اللاعب، الذي تحوّل إلى مدمن بعيون الميديا، وأسهمت الدعاية الأميركية بتشويه صورته لأنه يحب غيفارا وفيديل والأرجنتين، انتظر الفرصة أول من أمس، ورفع إصبعه الوسطى في الملعب. يقول عنه بيليه، إنه مثالٌ سيئ للشباب ــ لكن لبيليه أمراضه فهو «حديث نعمة» ــ ويقول عن نفسه أيضاً، أنه لا يجب أن يكون مثلاً أعلى للاعبين. ولأنه مارادونا، ستكون الصورة التي التقطت له لحظة تسجيل الهدف، مادة لطيفة، وسيتمنى الجمهور عودته إلى الملعب في المباراة المقبلة، لمشاهدة جديد الرجل، الذي طبعاً، سيرقص، وسيحمل صورة له أو للأرجنتين أو لميسّي، وسينفعل، وهو يعلم أن الكاميرات مسلّطة عليه، ثم سيعود إلى حيث يمكث، ليفعل ما يفعله مارادونا.
الجمهور يحب البطل، بعيوبه أيضاً، طالما أنه بطلهم الخاص. مارادونا أيقونة الأرجنتين، كان وسيبقى، مهما فعل، حتى وإن التف حوله مساعدون لمنعه من السقوط من على حافة المنصة الرئيسية. مارادونا هو المخلّص، «يد الله» التي سطّرت تاريخاً للأرجنتين، وأبناء هذا البلد اللاتيني، يريدون البطل، أو أكثر من بطل، كرسمة لتشي غيفارا يرتدي قميص مارادونا. وسواءً رفع ميسّي كأس العالم أو لم يفعل، دييغو أرماندو مارادونا سيبقى أيقونة الأرجنتين الرياضية. وليسعد العالم بميسّي وبالكأس الذي جاء به «إلدييز» إلى بيونس آيرس منذ 32 عاماً.