الأكيد ان الاكثرية الساحقة من متابعي كرة القدم حول العالم والدوري الاسباني بشكلٍ خاص توقعوا أنه عندما ستستضيف العاصمة الاسبانية مدريد قمة «الليغا» هذا الموسم فإن هذه القمة ستحل ضيفة على ملعب «سانتياغو برنابيو» الخاص بالنادي الملكي ريال مدريد. إلا أن القطب الآخر في العاصمة، أي اتلتيكو مدريد، فرض معادلة مغايرة تماماً عندما وضع نفسه امام جاره على لائحة الترتيب العام، لا بل أخذ على عاتقه الدور الذي قام به «لوس بلانكوس» في المواسم القريبة الماضية، ويتمثّل في مزاحمة برشلونة على اللقب المحلي بحيث وصل الى المرحلة الاخيرة من الذهاب وهو على مسافة واحدة من النادي الكاتالوني.
والاكيد ايضاً ان برشلونة يشعر بالانزعاج كثيراً من اتلتيكو مدريد، فهو يخوض مبارياته كل اسبوع تحت ضغطٍ ناتجٍ من القلق على فقدان الصدارة إلى درجة بدا كأن نصيب الكاتالونيين هو أن يشعروا دائماً بإزعاج المدريديين لهم، فاذا غاب ريال حضر اتلتيكو...
وما وقف عنده «لوس كولشونيروس»، عشية انتصاف الموسم، يزيد من قلق برشلونة، إذ إن الفريق المدريدي سيقاتل حتى آخر قطرة دم من أجل ان ينهي الذهاب متربعاً على الصدارة. وهذا أمر تحمّضت فكرته أكثر في اذهان لاعبي اتلتيكو، وخصوصاً انهم يؤمنون اليوم بأن مركزهم الثالث في الموسم الماضي لم يكن صدفة، بل انهم يسيرون بمستوى تصاعدي حتى بعد رحيل هدافهم الرهيب راداميل فالكاو، ما يجعلهم يفكرون كثيراً في أن بإمكانهم جلب اللقب الى «فيسنتي كالديرون» للمرة الاولى منذ موسم 1995-1996.
وصحيح ان فارق الاهداف هو الذي يفصل حالياً بين «البرسا» والـ«أتليتي»، الا ان فريق العاصمة هو ما يستحق الحديث عنه، وخصوصاً ان اللقاء سيكون اختباراً حقيقياً لقدرته في معركة تكتيكية بين مدربين يعتمدان الثقافة اللاتينية نفسها في اللعب، أي الارجنتينيين تاتا مارتينو ودييغو سيميوني.
وإذا كان كلٌّ من المدربين من جيلٍ مختلف، فإن ما قدّمه سيميوني حتى الآن يعطي مؤشرات إلى أن الرجل قد يصيب في التدريب أكثر مما أصاب لاعباً بارزاً في اسبانيا وايطاليا ومع منتخب بلاده.
أما ما يفترض ان يقلق منه سيميوني فهو قدرة الفريق الكاتالوني على ضربه عند الاطراف. ففي وجود بدرو رودريغيز ونيمار واليكسيس سانشيز ستتعقّد المهمة كثيراً على اصحاب الارض. لكن ما قد يخفّف الضغط عنهم هو «الارهاب» الذي يمكن أن يمارسه دييغو كوستا في منطقة الجزاء الكاتالونية بهدف تشتيت تركيز «البرسا» ووضعه تحت ضغط القيام بحسابات كثيرة قبل إطلاق أسلحته الهجومية.
كذلك، يفترض ان يقلق سيميوني من عودة مواطنه ليونيل ميسي الذي وقّع على هدفين ضد خيتافي (4-0) في مسابقة كأس اسبانيا. لكن حتى «البرغوث» سيكون حذراً، فهو إذ اعتاد هزّ شباك اتلتيكو مدريد طوال المواسم الاخيرة، فإن مدافعي الـ«روخيبلانكوس» اعتادوا التعامل معه على طريقة الجلادين، وهو أمر سيحصل لا محالة في أمسية السبت في حال مشاركة الثنائي البرازيلي جواو ميراندا والاروغوياني دييغو غودين.
وميسي بدوره هو أحد الارجنتينيين الذين يمكنهم رسم النتيجة النهائية للقاء، فإذا لم يكن مارتينو أو سيميوني سيكون «ليو» من يحدد ما ستؤول اليه الامور، ولو أن هناك بعض العناصر المحلية، وتحديداً ناحية اتلتيكو مدريد، يمكنها أن تغيّر الامور ومنها دافيد فيا الذي أذاق «البرسا» سمومه عندما التقى الفريقان في بداية الموسم على الكأس السوبر المحلية، إضافة الى كوكي الذي بدأ يخط اسمه في ملاعب «الليغا» في المستوى ذاته حيث يوجد اسمي عملاقين في خط الوسط، أي شافي هرنانديز واندريس إينييستا.
ببساطة، سيكون برشلونة في حقل ألغام جديد في مدريد، وهو حقل لن تقل خطورة ما زُرع فيه عن ذاك الذي اعتاد الكاتالونيون التنقل بين ألغامه هناك، فالخطر يكمن للكاتالونيين أينما ذهبوا في العاصمة الاسبانية التي اصبحت بالنسبة اليهم كما كانت فيتنام بالنسبة الى الاميركيين.

يمكنكم متابعة شربل كريم عبر تويتر | @charbel_krayem




مارتينو: سيميوني أفضل مني

اشاد تاتا مارتينو بمواطنه دييغو سيميوني قائلاً: «ما فعله دييغو في اتلتيكو أكثر ابهاراً مما فعلته انا في برشلونة، اذ علينا الاخذ بعين الاعتبار التشكيلة الموجودة بين يديه، مقارنة بتلك التي أملكها».