في نهائي مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، كان حاضراً في تلك المباراة منتخب البرازيل ومنتخب ألمانيا... وبيار لويجي كولينا. لم تكن حينها الأضواء مسلّطة قبل ذلك النهائي على ريفالدو ورونالدو في الجانب البرازيلي والحارس أوليفر كان في الجانب الألماني فحسب، بل كان للحكم الإيطالي كولينا حيّز وافر منها.قبل المباراة، لم يخف الحارس الألماني الكبير خشيته من وجود كولينا، قائلاً: «لا شك أن الكل يعرف أن كولينا حكم عالمي وهو من أفضل الحكام إن لم يكن أفضلهم، لكن للأسف لا يجلب الحظ لي». كان الحارس يشير حينها إلى خسارته التاريخية مع بايرن ميونيخ أمام مانشستر يونايتد في الوقت بدل الضائع في نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999، بعد أن كان البافاري متقدماً 1 ــ 0، ومن ثم الخسارة الشهيرة أمام إنكلترا 1 ــ 5 في ميونيخ عام 2001 في تصفيات المونديال اللتين كان الإيطالي حكماً فيهما.
في نهائي 2002 تألق ريفالدو صناعة وبرع رونالدو في تسجيل هدفين قادا البرازيل للقبها العالمي الخامس، أما كان الذي قام ببطولة رائعة حينها وشكّل إلى جانب مايكل بالاك وميروسلاف كلوزه أبرز العناصر التي أدّت إلى تأهل «المانشافت» إلى النهائي، فإنه ارتكب خطأ غير معتاد في كرة هدف رونالدو الأول. إنها لعنة كولينا تصيب الحارس الكبير مجدداً. كانت الثالثة ثابتة. أما كولينا فكان «نجماً» في تلك المباراة كما النجوم في الملعب. بدا، كعادته، حازماً في قراراته. لم يخطئ. كانت تلك المباراة بالنسبة له أيضاً الأهم في مسيرته الزاخرة بعد أن قاد مباراتين فقط في دور المجموعات في مونديال 1998 ونهائي أولمبياد 1996 بين الأرجنتين ونيجيريا. خرج من نهائي 2002، كما البرازيليين، منتصراً. أن تتذكر مونديال 2002 يعني أن تتذكر كولينا كما النجوم في تلك البطولة. هو الذي اعتاد أن يكون طيلة مسيرته نجماً. لقد تميّز كولينا بعدم ارتكابه الأخطاء وقراراته الصائبة وشخصيته القوية التي كان يفرضها على اللاعبين لكنه كان يبرع أيضاً في لغة التواصل معهم. كان قريباً منهم في الملعب، ولطيفاً رغم قراراته الحازمة التي لا يجادل فيها، هو الذي لم يخف مثلاً بعد اعتزاله أنه تعاطف مع لاعبي بايرن بعد تلقّيهم الهدف الثاني من مانشستر بعد أن اعتبرهم الأفضل في النهائي الشهير بقوله: «تعاطفت حينها مع لاعبي بايرن وقلت لهم انهضوا لديكم 20 ثانية كاملة». لكن أبرز ما كان يميّز كولينا هي شخصيته الكاريزماتية وصلعته الشهيرة.
كل هذا جعل كثيرين يعتبرون أن كولينا أحد أفضل الحكام في التاريخ إن لم يكن أفضلهم، إذ فضلاً عن براعته التحكيمية وأسلوبه وشخصيته فإنه كان من أوائل الحكام الذين يحصلون على شهرة توازي شهرة اللاعبين ويجعلون للحكم حيثية. مكانة كولينا تجلّت بعد اعتزاله من خلال تعيينه من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم رئيساً للجنة الحكام في «يويفا». هكذا، فإن حكام مونديال 2018 الأوروبيين سيمرّون من «تحت يدَي» الإيطالي. طيف كولينا سيكون حاضراً في روسيا.