صدمتان لا صدمة واحدة تلقّاهما مانشستر سيتي في ظرف 3 أيام. 7 أشهر من موسم «السيتيزينس» في كفّة و3 أيام في كفّة أخرى. في 7 أشهر خسر فريق المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا مباراتين بين مسابقَتي دوري أبطال أوروبا والدوري الإنكليزي الممتاز، وفي 3 أيام فقط خسر مثلهما. البداية كانت يوم الأربعاء بالهزيمة المدوّية أمام ليفربول 0-3 في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، ثم حل السبت وحلّت معه الخسارة المفاجئة أمام مانشستر يونايتد، على ملعب «الاتحاد»، في الـ «البريميير ليغ»، 2-3 بعد التقدّم في الشوط الأول 2-0. لم تكونا فقط صدمتان، كانتا ضربتان في الصميم أصابتا فريق الملايين. ضربتان في توقيت غير مثالي على الإطلاق. صحيح أن مسألة تتويج «السيتيزينس» بلقب الدوري الممتاز محسومة، إلا أنه كان لحسم اللقب على ملعبه بوجه غريمه الأزلي، خصوصاً بعد التقدّم 2-0 نكهة مختلفة، خصوصاً أكثر أن سيتي كان قد هزم يونايتد في «مسرح الأحلام» ذهاباً. ضربة السبت كان لها مفعولها السلبي بشكل آخر، إذ إن فريق غوارديولا دخل المباراة واضعاً هدفاً آخر غير حسم اللقب وهو التعويض والاستعداد من الناحية المعنوية لموقعة ليفربول الأوروبية، الليلة، في الإياب، لكن الأمور انقلبت عليه.اللافت أنه في كلتا المباراتين فإن سيتي انهار في أقل من عشرين دقيقة متلقياً 3 أهداف متتالية، وهذا ما يفتح باب النقاش أمام نقاط ضعف فريق كان طيلة الموسم مرعباً لخصومه، وبدا الفريق الذي يقدّم الكرة الأجمل والأقوى من الناحية الهجومية. بالعودة إلى المباراة الأهم أمام ليفربول الأسبوع الماضي، يجدر التوقّف عند رجل قبل غيره. صحيح أن النجم المصري محمد صلاح سجل هدفاً وصنع آخر قبل خروجه مصاباً وقد اختاره زوار الموقع الإلكتروني للاتحاد الأوروبي لكرة القدم لاعب الأسبوع في الـ «تشامبيونز ليغ» على رغم تألق النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو لاعب ريال مدريد الإسباني وهدفه الأكروباتي المدهش أمام يوفنتوس الإيطالي، فإن الفضل الأول في فوز «الريدز» الكبير يعود إلى مدربه الألماني يورغن كلوب. كلوب وجد الدواء لـ «داء سيتي» مرتّين. كان الأول الذي تفوّق على غوارديولا ملحقاً به الهزيمه الأولى في الـ «بريميير ليغ» في مباراتهما في الإياب 4-3 بعد التقدّم 4-1 حتى الدقائق الأخيرة. إنه التكتيك الناجح للألماني. ليس بغريب بعد الفوز الثاني له على سيتي، أن يتردّد أن ريال مدريد الإسباني يضع كلوب في قائمة أولوياته بعد فترة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان.
من المعلوم أن قوة سيتي تكمن في الاستحواذ واللعب في منطقة الخصم. لكن ماذا لو فقد الفريق الكرة؟ كلوب عمل على هذا الجانب. اعتمد إلى المبادرة في الضغط على خصمه وعدم الافساح في المجال أمامه للعب بأريحية عبر تغطية المساحات والانقضاض عليه بالهجمات.
هذا الأمر كشف العيب الآخر لدى فريق غوارديولا. الدفاع. ما بدا واضحاً في المباراتين أمام ليفربول ومن ثم في المباراة أمام يونايتد أن دفاع سيتي يعاني. نحن نحكي هنا عن الدفاع الأغلى في التاريخ. لم تنفع التعاقدات المليونية التي أبرمها غوارديولا عبر ضم كل من جون ستونز وكايل ووكر والفرنسي أيميريك لابورت ومواطنه بنجامان ميندي والبرازيلي دانيلو ليلتحقوا بالأرجنتيني نيكولاس أوتاميندي والبلجيكي فينسنت كومباني ومن ورائهم ثاني أغلى حارس في التاريخ، البرازيلي إيدرسون، في أن يكوّن الإسباني منظومة دفاعية متينة. الارتباك الدفاعي بدا واضحاً في آخر مباراتين. ليس معقولاً أن فريقاً يتّجه ليكون بطلاً لإنكلترا وكان من أبرز المرشّحين للقب «التشامبيونز ليغ» أن يتلقى 6 أهداف في مباراتين متتاليتين وسط أخطاء كبيرة في التمركز والتغطية، لتضاف هذه الأهداف الستة إلى الرباعية أمام ليفربول قبل شهرين، ما يعني 10 أهداف في 3 مباريات فقط. رقم كبير طبعاً. ثمة مسألة أخرى في سقطة «آنفيلد» الأربعاء. الاستعلاء. نعم، فقد دخل سيتي المباراة معتقداً أنه متفوّق على خصمه استناداً إلى ابتعاده في صدارة الـ «بريميير ليغ» واقترابه من اللقب وسط الإطراءات الموجّهة إليه ووفقاً لما كانت تذهب إليه التوقعات، لكنه فوجئ برد الفعل المباغت والسريع لليفربول. هنا الفرْق على المستوى الأوروبي بين سيتي والفرَق الكبرى الأخرى التقليدية في دوري الأبطال كريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين وبايرن ميونيخ الألماني التي تتّجه بخطى واثقة نحو نصف النهائي. هذه الفرق تخوض مبارياتها بواقعية، وبخبرتها الكبيرة في التعامل مع هذه الأدوار المتقدّمة أياً كانت الظروف. يحدث أن تحصل بعض العثرات لسبب أو آخر، لكن، بصفة عامة، فإن هذه الفرق تشكّل «مدرسة». لهذا نرى، كما في الموسم الماضي، برشلونة يخسر أمام باريس سان جيرمان 0-4 ذهاباً ثم يحقّق الـ «ريمونتادا» التاريخية إياباً 6-1. بالمناسبة سان جيرمان، الحالم بدوره بلقب دوري الأبطال، وسيتي، على صعيد أوروبا، وجهان لعملة واحدة.
قلنا «ريمونتادا» إذاً. هذه الكلمة تتردّد الآن في مانشستر. ثمة سعي، إذا ما قلنا حلم، لدى غوارديولا، هذه الأمسية، للسير على خطى فريقه الأول «البرسا». لكن، يجدر القول، أن كلوب ليس مدرب سان جيرمان الإسباني أوناي إيمري. شتّان ما بين الإثنين. ليس متوقّعاً على الإطلاق الليلة أن ينتظر ليفربول سيتي في منطقته. المتوقّع مشهد جديد من الضغط والهجوم. هدف واحد سيكون مدمّراً لـ «السيتيزينس»، ولن يكون صعباً طبعاً الوصول إليه بوجود «الثلاثي الذهبي» صلاح والبرازيلي روبرتو فيرمينو والسنغالي ساديو ماني.
المتوقّع أن لا يركن كلوب إلى نتيجة مباراة الذهاب، على رغم أهميتها، والفارق فيها. ثمة 90 دقيقة بكاملها في ملعب «الاتحاد». يُدرك الألماني ذلك جيداً. الأمور، منطقياً، في مصلحته. في المقابل، إنه أصعب امتحان لغوارديولا. ماذا لدى الإسباني يا ترى؟


إياب ربع النهائي: تحصيل حاصل؟
تُحسم، اليوم وغداً، هوية الفرق المتأهلة إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. لكن النقطة المشتركة بين المباريات الثلاث الأخرى أن هوية المتأهلين قد اتّضحت في شكل كبير، حتى لا نقول حُسمت، الأسبوع الماضي في ذهاب ربع النهائي. باستثناء حصول مفاجآت ضخمة أو فلنقل «معجزات» - لا تبدو متوقعة - فإن فرق برشلونة وريال مدريد الإسبانيان وبايرن ميونيخ الألماني تتّجه بخطى واثقة نحو المربع الذهبي. اليوم يحل «البرسا» ضيفاً على روما الإيطالي في الـ «أولمبيكو». فريق المدرب إرنستو فالفيردي فاز ذهاباً على ملعبه «كامب نو» بنتيجة كبيرة 4-1. إذاً يحتاج «الجيالوروسي» إلى الفوز 3-0 على الأقل للتأهل. المهة تبدو أقرب إلى المستحيلة.
غداً، يستضيف يوفنتوس الإيطالي ريال مدريد. الهزيمة الكبيرة التي تلقاها «اليوفي» ذهاباً بين جماهيره 0-3 لا يزال وقعها كبيراً وصداها يتردّد. الأمور تبدو منتهية إياباً. ليس أمام «البيانكونيري» إلا محاولة تحقيق فوز شرفي يمحو به بعضاً من آثار السقوط المدوّي ذهاباً، لكن للتذكير فإن نجمه الأرجنتيني باولو ديبالا لن يلعب بعد طرده ذهاباً، علماً أيضاً أن مدافع الريال سيرجيو راموس يغيب بدوره للإيقاف. يبقى أن مباراة بايرن ميونيخ وضيفه إشبيلية الإسباني، غداً أيضاً، يمكن أن تحمل بعضاً من النديّة. كل ذلك يتوقّف على تمكّن النادي الأندلسي من التقدّم في النتيجة. لكن مع فوز البافاري 2-1 ذهاباً في ملعب خصمه «رامون سانشيز بيزخوان» وخوضه الإياب بين جماهيره وتصميمه على المضي قدماً نحو نهائي كييف وبوجود المدرب القدير يوب هاينكس، فإن مهمة الأندلسيين تبدو صعبة للغاية.

تقام جميع المباريات الساعة 21,45 بتوقيت بيروت