في عز مواسم كرة القدم العالمية والقارية والمحلية العربية تستنفر المحطات التلفزيونية الناقلة كوادرها من معلقين ومحللين، وتستقطب الشاشات الملايين من المتابعين من كل الأقطار بأطيافها الملونة وميولها الكروية والسياسية وصولاً إلى فواصل العرقية أيضاً.
ومن هنا، تبدو كل كلمة محسوبة على المحللين والمعلقين تطرق أسماع جماهير اللعبة على الشاشات خصوصاً.
مع انطلاق البطولات الآسيوية تبرز اللقاءات العربية - العربية بكل مفاعيلها من منافسات حادة كروية مروراً بألغام من الحساسيات السياسية تبعاً لصراعات بعض الدول العربية وحروبها المنوعة إعلامياً وعسكرياً وصولاً إلى مقاطعات شتىّ.
وفي هذا الواقع، تدور الرياضات العربية بين دفع الأثمان ومقاومة الصراعات المكلفة والمؤسفة. وعليه، تبرز أهمية «التعليق الرياضي» في لعب أدوار العلاجات، ثقافياً وأدبياً، وفي تقريب الأبعاد، وإطفاء الأحقاد، وترسيخ العلاقات فيما تفرقه السياسات.
ولعلّ أخطر ما في مجال «التعليق» هو تكليف أشخاص لتحوير فوائد التعليق إلى مهام غير رياضية لإثارة نعرات طائفية - سياسية، أو مبادرة ذاتية من معلّقين يوظفون ميولهم وأهواءهم في طرح مواقف أو عبارات مشبوهة تثير الغرائز والنعرات + المُستفزة بحدة حالياً، لدرجة أن شرائح من المتابعين قد يفسرون عبارة يطرحها أي معلق على أنها استفزاز لشرائح أخرى!
ومثالاً على ذلك، ما مرّ من معلق مباراة «العهد اللبناني والزوراء العراقي» على شاشة: bEIN، عبارة «المباراة الرافضة الرافضة» وفسّرها البعض على أنها إشارة من المعلق إلى «فريقين» من مذهب واحد يلقبهما خصوم سياسيون «بالرافضة»، وفهمها آخرون على أن الكرة رفضت أن تدخل المرمى بعد اصطدامها مرتين بالقائم.
وهذا على براءته ما يستدعي دقة الألفاظ من المعلقين!
وفي مجال آخر، رفض الاتحاد الآسيوي طلب اتحاد عربي خليجي أن تجري مباراة فريقه مع فريق خليجي آخر (الإمارات وقطر) على أرض محايدة، في مسابقة آسيوية.
وعلى ذكر اللقاءات العربية - الآسيوية يبدو عدم الاهتمام من بعض المعلقين في التحضير جيداً لها، كما ظهر في لقاء العهد اللبناني والزوراء العراقي مثلاً حيث غابت أسماء اللاعبين تماماً وبدا التعليق مجرد كلام وجمل إنشائية وصفية لا علاقة لها بالمباراة.
وخلاصة القول، فإن مهمات التعليق الرياضي كبيرة بكل ما تحمله الرياضة من فوائد ومتعة وتوحيد وتقارب وأدبيات وثقافة قانونية ولغوية لتبقى حروب الرياضة هي أرقى الحروب والمنافسات في حضارات الدول والشعوب.