مرة جديدة تتشح حلبات الفورمولا 1 بالسواد معلنة الحداد على أحد سائقيها. كان ذلك مع البرازيلي أرتون سينا عام 1994 على حلبة «إيمولا» الإيطالية، وقبله مع الكندي جاك فيلنوف عام 1980 في سباق بلجيكا وغيرهما الكثير، والآن مع الفرنسي الشاب جول بيانكي (25 عاماً) الذي توفي متأثراً بإصابته جراء الحادث الذي تعرّض له في جائزة اليابان الكبرى في 5 تشرين الأول 2014 حيث دخل في غيبوبة منذ ذلك اليوم المشؤوم.
مرة جديدة تتحوّل الأجواء الصاخبة على الحلبات والاحتفالية على منصات التتويج التي تشتهر بها الفورمولا 1 إلى صمت وسكون عميقين وحزن يلف عالم الفئة الأولى ويعود معها الجدل وعلامات الاستفهام حول مخاطر وإجراءات السلامة في رياضة السرعة والمحركات.
هكذا إذاً، تلقى عالم الفورمولا 1 النبأ المفجع برحيل بيانكي، سائق ماروسيا، الذي فارق الحياة مساء الجمعة في المركز الطبي الجامعي لمدينة نيس الجنوبية، بحسب ما أعلنت عائلته صباح السبت في بيان، قبل سنة على خروجه عن المسار نتيجة فقدانه السيطرة على سيارته عند المنعطف السابع من حلبة سوزوكا واصطدامه بسرعة بلغت نحو 200 كلم/ ساعة برافعة كانت تسحب سيارة الألماني أدريان سوتيل (ساوبر) عن أطراف الحلبة بعدما خرج عن المسار في اللفة 43.
وكتبت العائلة في بيان نشرته على «فايسبوك»: «قاتل جول حتى النهاية، كما كان يفعل دائماً. لكن اليوم وصلت معركته الى نهايتها»، معبّرة عن «ألم عميق غير قابل للوصف».
وشكرت العائلة العاملين في مستشفى مدينة نيس، حيث كان يرقد ابنها في غيبوبة.

دخل بيانكي في غيبوبة منذ الحادث قبل 9 أشهر


وينحدر بيانكي من عائلة رياضية فقدت أيضاً عمه لوسيان في حادث اثناء تسابقه عام 1969 عن 34 عاماً.
ووضع الحادث حداً لطموحات بيانكي الكبرى والذي كان على استعداد للانتقال الى صفوف فريق فيراري، إذ كشف قبل ثلاثة أيام من سباق اليابان أنه «جاهز» لهذه الخطوة في الموسم التالي.
وقال فريق ماروسيا الذي أصبح اسمه «مانور اف 1»: «لقد دمرنا رحيل جول بعد هذه المعركة الشرسة. يشرّفنا أن يكون قد سابق في فريقنا».
ولفّ الحزن عالم الفورمولا 1، وقال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند: «الحزن يعتصرني بعدما علمت بوفاة جول بيانكي. فقدت الرياضة الفرنسية واحداً من مواهبها الواعدة».
من جهته، ذكر الاتحاد الدولي للسيارات في بيان: «فقدت الرياضة واحداً من أكثر السائقين الموهوبين في جيله، وهو ينتمي إلى عائلة لها حضور قوي في تاريخ الرياضة».
وتابع البيان: «يعرب جان تود رئيس الاتحاد الدولي عن خالص تعازيه لعائلة جول، ويستشعر مدى الألم الذي تحسه عائلة بيانكي والمجموعة القريبة منه».
وقال البريطاني جنسون باتون، سائق ماكلارين مرسيدس: «فقدنا الليلة الماضية إنساناً بكل ما تحمله الكلمة من معان. كان مقاتلاً حقيقياً. خالص التعازي لأسرته وأصدقائه».
كما عبّر بطل العالم السابق الفرنسي آلان بروست عن شعوره بالأسى لرحيل بيانكي، قائلاً: «كان ينتظره مستقبل واعد. فقد كان مقاتلاً بكل ما تحمله الكلمة من معان. تشرفت بمعرفته ولمست الروح التنافسية الكبيرة التي كان يتحلى بها. أعتقد أن خطأ حدث كلّفه الكثير».
ولم تمض ساعات على نبأ الوفاة حتى خرج البريطاني بيرني إيكليستون، مالك الحقوق التجارية في الفورمولا 1، بتصريح اعتبر فيه أن إجراءات السلامة ستظل متوفرة في السباقات، لكنه أقرّ بأن الخطورة ستبقى جزءاً من هذه الرياضة.
وتحدث ايكليستون إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) قائلاً: «ما حدث حقاً مع جول كان أمراً مؤسفاً للغاية. بالطبع، هناك خطورة. المتسابقون يشاركون في 20 سباقاً خلال العام. يمكنك متابعة عدد الحوادث. نحن نبذل وبذلنا قصارى جهدنا لضمان سلامة السائق».
واعتبر ايكليستون أن «الرافعة ما كان يجب أن تكون موجودة في هذا المكان»، مضيفاً: «قمنا بعمل هائل للتأكد من أن السيارة إذا خرجت عن مسارها واصطدمت بشيء فستصطدم بحواجز الإطارات أو ما شابه. حينها لن تكون هناك خطورة كبيرة».
وختم قائلاً: «الاصطدام بهذا الشيء (الرافعة) له نفس الأثر لو كان الشخص يقود سيارة عادية أو حتى دبابة».