حين تسأل رئيسة جمعية بيروت ماراثون مي الخليل عمّا إذا فقد ماراثونها وهجه، تجيب بسرعة: «قطعاً لا». فالأرقام تتكلم عن نفسها، من 6000 مشارك عام 2003، إلى 47 ألفا سيركضون غداً في شوارع بيروت، ليصبح عدد المشاركين على مدى 15 عاماً 393 ألف مشارك. حين ينطلق برنامج 542 المخصص لإعداد عدائين يشاركون في ماراثون 42 كلم، ويكون عدد المشاركين فيه قبل سنوات 80 مشاركاً ويصل اليوم إلى 400 مشارك، 64% منهم سيدات، فلا شك في أن ماراثون بيروت في حالة تصاعدية.
لا يختلف اثنان على أن ماراثون بيروت الذي تلقّى سهاماً كثيرة لقدرته على جذب الأموال وأخذها من أمام رياضات أخرى، ليس بالحدث العادي. كل بلد يحلم بأن يكون لديه ماراثون، وتخصص الدولة له ميزانيات ضخمة. لبنان نجح قبل 15 عاماً في أن يضع نفسه على خريطة الماراثونات العالمية. حاز عام 2012 التصنيف البرونزي، وعام 2015 الفضي، فهل يكون هناك التصنيف الذهبي؟ «أمر صعب للغاية»، تجيب الخليل في حديثها مع «الأخبار».

يحقّق ماراثون
بيروت فوائد مالية بقيمة 13 مليون دولار


فالتصنيف الذهبي يحتاج إلى مقومات لا يملكها لبنان، خصوصاً على الصعيد المادي من جهة، وعلى صعيد الاستقرار من جهة أخرى. لكن لا شك في أن التصنيف الفضي يُعَدّ إنجازاً.
السؤال الأول الذي يتبادر إلى الذهن: ماذا استفاد لبنان من حدث يستنزف أموالاً طائلة، وتُقفل شوارع بيروت نصف نهار من كل سنة على مدى 15 عاماً؟
الأجوبة حاضرة لدى الخليل التي أيضاً ترتكز على الأرقام.
تشير الخليل إلى نقطة مهمة جداً نجح الماراثون بعد 15 عاماً في ترسيخها، هي ثقافة العطاء. فعدد الجمعيات المستفيدة من الماراثون هذا العام بلغ 188 جمعية. إذ دأبت جمعية بيروت ماراثون على تشجيع الناس على التسجيل من خلال جمعيات، إذ يذهب 25% من قيمة رسم التسجيل البالغ 40 دولاراً لسباق الـ42 كلم لتلك الجمعيات، أي 10 دولارات عن كل مشترك. ومن خلال 15 عاماً، حصلت الجمعيات على ما يقارب 1.3 مليون دولار، بمعدل 155 ألف دولار سنوياً كعائدات من سباق يوم واحد هو يوم الماراثون. فجمعية «بريفهارت» على سبيل المثال تجري 6 عمليات قلب مفتوح مجانية من خلال العائدات التي تحصل عليها من ماراثون بيروت.
ولا يتوقف الجانب الإنساني عند الجمعيات، ذلك أن هناك برامج أخرى تقوم على دعم المعوزين وتقديم معدات رياضية لهم وتشجيعهم على ممارسة الرياضة وتسجيلهم مجاناً في السباق من خلال مشاريع تبرعات للوازم لا يحتاجها أشخاص تُقدَّم إلى اللاجئين والفقراء.
في الجانب الاقتصادي، تبلغ كلفة تنظيم ماراثون بيروت سنوياً 1.3 مليون دولار، أما عائداته فتبلغ 13 مليوناً، وفق دراسة أجرتها مؤسسة «&Strategy» العالمية. فيوم السباق يستقطب ما يقارب 4000 آلاف شخص من خارج لبنان، ما يؤدي إلى تنشيط الحركة السياحية من فنادق ونقليات ومطاعم. أضف إليهم الفوائد الاقتصادية المباشرة من معدات وطباعة وحملات إعلانية وميداليات وتجهيزات، إلى جانب الفوائد غير المباشرة كاليد العاملة الإضافية وشراء المعدات واللوازم الرياضية للحدث. إذ تشير الأرقام إلى أن الماراثون يؤمّن ما يقارب ألف وظيفة إضافية على مدى ستة أشهر لتنظيم الحدث.
رياضياً، وضعت جمعية بيروت ماراثون هدفاً حتى عام 2020، هو الوصول إلى رقم 5000 آلاف مشارك في السباقات الطويلة 42 كلم و21 كلم. حتى الآن بلغ العدد 3000، وهذا يساعد في اكتشاف المواهب التي يصبح من واجب الأندية والاتحاد اللبناني لألعاب القوى رعايتها وتطويرها.
بالنسبة إلى الجمعية، تجري رعاية عدد من العدائين والعداءات اللبنانيين المحترفين، كشيرين نجيم، ماريا بيا نعمة، نسرين نجيم وغدوار معلوف. وترى الخليل أن دعم الجمعية لشيرين نجيم ساعد في وصولها إلى العالمية والمشاركة في الأولمبياد.
أما بالنسبة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة، فمن خلال برنامج «Ability»، جرى تأمين 11 كرسياً متحركاً، ما ساعد على مشاركة 11 رياضياً كمحترفين وتدريبهم.