صحيح أن المفاجأة تحضر حالياً عند النظر إلى جدول ترتيب الدوري الإسباني لكرة القدم بأن الفريق الذي يحتل الوصافة خلف برشلونة ليس ريال مدريد أو جاره أتلتيكو، بل هو فالنسيا، لكن كلمة مفاجأة تسقط عندما نعود بالذاكرة إلى مطلع الألفية الجديدة، إذ إن فالنسيا توّج حينها بلقب «الليغا» عامي 2002 و2004، وقدّم مستويات مميزة في البطولة الأهم أوروبياً، دوري الأبطال، عندما وصل إلى النهائي في عامي 2000 و2001 وخسرهما بصعوبة بالغة أمام ريال مدريد وبايرن ميونيخ الألماني على التوالي في حقبة جيل رائع أمتع إسبانيا وأوروبا على غرار غييزكا مينديتا تحديداً، ومعه دافيد ألبيلدا وروبن باراخا والحارس سانتياغو كانيزاريس والأرجنتينيان بابلو أيمار وروبرتو أيالا وغيرهم، حتى إنه ظل في السنوات اللاحقة حتى 2012 تحديداً يلعب الأدوار الأولى في «الليغا» مع نجوم أمثال فرناندو موريانتس ودافيد فيا وخواكين وغيرهم.
إذاً، عند النظر إلى التاريخ القريب لنادي «الخفافيش»، يصبح وجوده في الوصافة حالياً غير مفاجئ، فهو، هنا، في موقعه الطبيعي الذي اعتاده سابقاً.
كذلك، إن وصول فالنسيا إلى المرحلة الحادية عشرة من البطولة الإسبانية دون تلقّيه أي خسارة، ومحققاً نتائج لافتة وانتصارات كاسحة على غرار فوزه على ريال بيتيس 6-3 وعلى ملقة 5-0 وعلى إشبيلية 4-0 الذي عانى أول من أمس برشلونة للفوز عليه 2-1، وكذلك تعادله مع ريال مدريد في ملعبه «سانتياغو برنابيو» 2-2 ليمتلك أقوى خط هجوم حتى الآن إلى جانب «البرسا» بـ 30 هدفاً، كل ذلك يؤكد أنه في الوصافة عن جدارة، ووصوله إليها ليس مفاجئاً، بل مستحَق، خصوصاً أنه شهد تراجعاً في السنوات الأخيرة، حتى وصل به المطاف في الموسم الماضي إلى احتلال المركز الثاني عشر بفارق 47 نقطة بالتمام والكمال عن ريال مدريد البطل. وهنا، بطبيعة الحال، يُطرح السؤال: ما هو السبب في هذا التحوّل الذي حصل مع فالنسيا في ظرف أشهر معدودات منذ الموسم الماضي وازدياد قوة هذا الفريق الذي لا يمتلك في صفوفه أندريس إينييستا أو الأرجنتيني ليونيل ميسي أو الأوروغواياني لويس سواريز وغيرهم كما في برشلونة، أو إيسكو وسيرجيو راموس والبرتغالي كريستيانو رونالدو وغيرهم كما في ريال مدريد أو كوكي وساوول نيغيز والفرنسي أنطوان غريزمان، كما في أتلتيكو مدريد (وهذا تأكيد إضافي لجدارته)؟

لم يتلقّ فالنسيا أي خسارة حتى الآن، محتلاً وصافة «الليغا»



ليس مبالغاً القول هنا إن وصول المدرب مارسيلينو غارسيا تورال هذا الصيف كان «ضربة معلم» من فالنسيا، والعلامة الفارقة في تبدّل شكل «الخفافيش»، إذ إن هذا المدرب صاحب التجربة مع فياريال وقبله مع إشبيلية استطاع بسرعة قياسية بثّ روح الانتصارات في فالنسيا، معتمداً على قدرته العالية في إخراج الأفضل من لاعبيه ونقل إليهم فكره التكتيكي القائم على الكرة الهجومية والسرعة في الأداء ليزرع في فالنسيا الثقة التي افتقدها طويلاً، إذ لا بد من الإشارة إلى أن النادي شهد منذ انتهاء فترة المدرب أوناي إيمري بين 2008 و2012 تبديل 11 مدرباً، بينهم 4 في 2016 وحده، ومن ضمنهم الإنكليزي غاري نيفيل والإيطالي تشيزاري برانديللي.
ورغم عدم وجود نجوم في الفريق، فإن التشكيلة الحالية واعدة وباتت متجانسة على نحو كبير، وهي تضم مواهب أمثال سانتي مينا، وتحديداً البرتغالي غونسالو غويديش المُعار من باريس سان جيرمان الفرنسي والذي يقدّم مستويات مذهلة جعلت أعين الفرق الكبرى مصوّبة عليه، فضلاً عن الإضافة التي قدّمها الفرنسي جيفري كوندوغبيا في وسط الملعب بعد قدومه معاراً هذا الصيف من إنتر ميلانو الإيطالي. كذلك استفاد «الخفافيش» من استعادة المهاجم الإيطالي سيموني زازا فورمته، حيث سجل حتى الآن 9 أهداف يحتل بها المركز الثاني في لائحة هدافي «الليغا» خلف ميسي صاحب 12 هدفاً.
عودة فالنسيا إلى المنافسة مهمة جداً للدوري الإسباني وإثرائه بالإثارة ولكسر أحادية الصراع بين برشلونة وريال مدريد. طموح الفريق حالياً هو العودة للمشاركة في دوري أبطال أوروبا، وهو يمضي، بثبات، نحو هذا الهدف. أما هل نادي «الخفافيش» قادر على لعب دور أتلتيكو مدريد في 2014 والتتويج على غراره باللقب؟ فهذا، لا شك، سؤال كبير ينتظر أسابيع إضافية لاتضاح إجابته.