كانت معظم التوقعات في بداية الموسم تستبعد إنتر ميلانو عن المنافسة على لقب الدوري الإيطالي بمواجهة فرق يوفنتوس ونابولي وجاره اللدود ميلان، الذي قام بتعاقدات مليونية شغلت سوق الانتقالات في الصيف، وخصوصاً أن "النيراتزوري"، الذي حلّ سابعاً في الموسم الماضي ليغيب هذا الموسم عن الساحة الأوروبية، كان خجولاً في الانتقالات وأبرم القليل منها دون وصول اسم كبير، حيث اكتفى بضم الإسباني المخضرم بورخا فاليرو من فيورنتينا وزميله الأوروغوياني ماتياس فيتشينو والسلوفاكي ميلان سكرينيار من سمبدوريا والبرازيلي دالبرت من نيس الفرنسي، كما استعار البرتغالي جواو كونسيلو من فالنسيا الإسباني، حتى إن الأسماء التي غادرته تبدو أهم مثل المونتينيغري ستيفان يوفيتيتش والفرنسي جيفري كوندوغبيا والتشيلياني غاري ميديل والأرجنتيني إيفر بانيغا والبرازيلي غابريال باربوسا.
لكن الواقع "على الأرض" جاء معاكساً تماماً، إذ أطاح إنتر جميع التوقعات. بعد مرور 10 مراحل، لا يمكن إلا القول إن "النيراتزوري" مرشح قوي للمنافسة على اللقب. الفريق لم يخسر أي مباراة حتى الآن، وقد حقق نتائج مميزة وتحديداً أمام الفرق الكبرى، إذ ألحق الهزيمة بروما في معقله "أولمبيكو" 3-1 بعد أداء رائع قلب به تأخره بالنتيجة، كما هزم جاره ميلان 3-2 وتعادل مع نابولي القوي في عقر داره "سان باولو" 0-0.
وللتأكد أكثر من قوة إنتر، تجدر العودة إلى الاستعدادات الصيفية، إذ إن "النيراتزوري" كان قد حقق نتائج لافتة مثل فوزه على بايرن ميونيخ الألماني وتشلسي الإنكليزي.
وهنا، طبعاً، يُطرَح السؤال حول الأسباب التي بدّلت حال إنتر ميلانو عن الموسم الماضي وجعلته منافساً على اللقب هذا الموسم؟
في الطليعة، يأتي قدوم المدرب لوتشيانو سباليتي. صحيح أن إنتر لم يبرم تعاقدات نوعية، لكن وصول هذا المدرب، صاحب التجربة في الملاعب الإيطالية، وتحديداً مع روما، إلى ملعب "سان سيرو" كان بمثابة نقطة التحوّل للفريق. سباليتي بدّل شكل "النيراتزوري"، صانعاً فريقاً جماعياً وذا نزعة هجومية وزارعاً الثقة لدى لاعبيه، وهذا ما تراكم مباراة بعد أخرى حيث بات "النيراتزوري" يظهر كفريق ثابت وواثق بقدراته، وهذا ما تجلّى مثلاً في المباراة أمام روما وأيضاً أمام ميلان عندما حقق الفوز في الثواني الأخيرة بعدما صدمه "الروسونيري" بهدف التعادل.

لعب المدرب سباليتي
دوراً أساسياً في تبدّل
شكل إنتر وزيادة قوته


السبب الثاني يتمثل بالفائدة التي حصدها إنتر من انتقالاته، إذ على عكس المتوقع فإن الصفقات التي أبرمها كان لها تأثيرها على شكل الفريق وتطوره، إذ كسب "النيراتزوري" مدافعاً واعداً هو سكرينيار وكذلك لاعب وسط صاحب مجهود كبير هو فيتشينو، فضلاً عن الإضافة التي قدّمها فاليرو بخبرته في منتصف الملعب.
السبب الثالث يكمن في الموسم الرائع الذي يقدّمه أبرز نجم في الفريق وهو الأرجنتيني ماورو إيكاردي، الذي يسجل أهدافاً رائعة في مختلف الملاعب وقد وصل عددها إلى 11 هدفاً، وهذا الأداء مردّه بطبيعة الحال إلى سعي المهاجم لحجز مكانه في تشكيلة الأرجنتين خلال مونديال روسيا 2018.
أضف إلى ذلك، فإن مسألة عدم مشاركة إنتر في المسابقات الأوروبية تصبّ في مصلحة الفريق وادخار مجهوده وتركيزه للدوري الإيطالي.
لكن هذا لا يمنع من أن "النيراتزوري" بحاجة الى تدعيمات في الانتقالات الشتوية بالعديد من الصفقات، ذلك أن مقعد بدلائه لا يمكن الاعتماد عليه إذا ضربت الغيابات الفريق، وكذلك للإرهاق الذي قد يصيب اللاعبين الأساسيين في المراحل المتقدمة من الموسم.
وجود إنتر ميلانو في المقدمة وعودته منافساً على اللقب يعيدان للفريق مكانته الطبيعية بين الكبار التي افتقدها في السنوات الأخيرة. لكن الأهم أنّ توهُّج إنتر مجدداً يصبّ في مصلحة البطولة الإيطالية وزيادة متعتها.