وصل إيكر كاسياس إلى مدينة بورتو البرتغالية ليلعب في فريقها الأشهر الذي يحمل اسمها. باتت مدريد الإسبانية وفريقها ريال من الماضي. بات لزاماً على عشاق هذا الحارس أن يعتادوا واقعاً جديداً لنجمهم الذي أصبح يرتدي القميص الرقم 12 بعدما كان 1 في مدريد دوماً. ربما لغة الأرقام هذه تبدو معبّرة، في مكان ما، بين ما كان عليه حال هذا الحارس الكبير أيام «العزّ» في مدريد، وما وصل إليه الآن بعدما أصبح في الرابعة والثلاثين. المهم أن يوماً جديداً بدأ عند كاسياس، ومعه بدأت مرحلة جديدة ولو كان كثيرون لم يخفوا تفاجؤهم بأنها في بورتو.
لكن المسافة من مدريد إلى بورتو كانت، لا شك، رغم قربها، طويلة جداً على كاسياس ومليئة بالمشاعر والأحاسيس المتناقضة، إذ ليس بقليل ما عاشه هذا الحارس في الساعات الأخيرة له في العاصمة الإسبانية التي ظلّ حتى مغادرته لها القائد الذي حمى عرين فريقها الملكي بـ «رموش العين»، كاتباً قصة حارس لم يعشها ملعب «سانتياغو برنابيو» في تاريخه، غير أن طريقة الوداع الصادمة التي لا تليق بهذا اللاعب الأيقونة هي التي طغت على رمزية رحيله ومعانيها.
من المعلوم أن للدموع وقعها في عالم كرة القدم. إذ هنا دمعة لخسارة وهناك دمعة لفوز وأخرى لوداع الفريق والزملاء، لكن قبل أيام ذرف كاسياس دموعاً كانت مزيجاً بين الحرقة والحزن على ما لقيه من معاملة من فريقه الذي بذل الغالي لأجل شعاره، والحسرة على فراق مشجعي الفريق وزملائه وكل زاوية من زوايا الـ «برنابيو» الذي كان يعقد فيه مؤتمره الصحافي. كان لتلك الدموع وقعها الكبير على كل متابعي الكرة، وهم يشاهدون هذا الحارس يجلس وحيداً في القاعة دون حضور أي من مسؤولي الملكي، وإن حاول النادي في اليوم التالي تدارك الموقف - دون أن يكون «الإخراج» موفّقاً - عبر حفل صغير في ملعب الفريق مع صور تذكارية إلى جانب الكؤوس بحضور الرئيس فلورنتينو بيريز.

تعرّض كاسياس
لـ «حملة منظّمة» بغية إخراجه من مدريد

كان المشهد مخزياً إلى أبعد الحدود لإدارة بيريز في طريقة التعامل مع رمز من رموز الفريق سيقطع بالتأكيد زمن طويل لرؤية مثيل له، على الأقل في مركز حارس المرمى، وهذا ما يبدو غير مبرر على الإطلاق مهما كانت الظروف والملابسات التي أحاطت بانتقال كاسياس إلى بورتو، التي تستحق (الإدارة) عليها علامة «صفر».
وبغضّ النظر عن الهجمة التي شنّها والدا كاسياس - تزامناً مع إعلان رحيله إلى بورتو - على ريال مدريد، وتحديداً على بيريز، واتهامهما إياه بدفعه إلى الرحيل وبإساءة معاملته، فإن أيّ متابع لم يكن بحاجة لهذه الكلمات ليقتنع بأن هذا الحارس تعرّض لـ «حملة منظّمة» بغية إخراجه من مدريد استعداداً للتعاقد مع خليفة له عبر العودة إلى كثير من الوقائع المتسلسلة في الأعوام الأخيرة بدءاً من القرار الظالم للمدرب السابق البرتغالي جوزيه مورينيو بإجلاسه على مقاعد الإحتياط على مرأى من النادي، الذي لم يحرّك ساكناً، وليس انتهاء بالحديث المتكرر عن التعاقد مع ديفيد دي خيا حارس مانشستر يونايتد الإنكليزي وما بينهما الكثير الكثير، وهذا ما كان سبباً في وضع كاسياس تحت ضغط كبير، وما انعكس سلباً على أدائه من خلال أخطائه التي كثُرت في الفترة الأخيرة.
من حقّ ريال مدريد طبعاً أن يبحث عن حارس جديد لحقبة جديدة بعد وصول كاسياس إلى عامه الـ 34 وربما حتى قد يجد البعض أنه كان من الأجدى أن يعتزل هذا الحارس بعد إحراز الملكي لقب دوري أبطال أوروبا للمرة العاشرة عام 2014، وبعدما حقق كل شيء في الملاعب، لكن، وانطلاقاً من عراقة ريال ورمزية كاسياس، كان من المهم جداً والمفيد أكثر أن يكون كاسياس جزءاً في الإعداد لهذه المرحلة المستقبلية، والمشاركة في اختيار خلفه وتسليمه المشعل، وبالتالي أن تكون الخاتمة لائقة بهذا الحارس الكبير، أن تكون مذيّلة بعبارة: في مثل هذا اليوم غادر كاسياس ملعب «سانتياغو برنابيو»، لا... أُخرج منه!




شافي ينتقد الملكي

لم يتوان شافي هرنانديز، النجم السابق لبرشلونة الإسباني، عن توجيه انتقادات لمسؤولي ريـال مدريد بسبب رحيل قائده وحارس مرماه إيكر كاسياس دون أن يحصل على ما يستحقه من تكريم لائق. وقال شافي لصحيفة «لا فانغارديا» المحلية: «يبدو أنه يشعر بالمرارة وأعتقد أن الجميع في إسبانيا يشعرون بذلك»، وأضاف: «يحزنني ألا يحصل واحد من أبرز الرياضيين في اسبانيا على ما يستحقه من تقدير واحترام. ينسى هؤلاء الناس كل ما قدمه للرياضة ويركّزون على العيوب وربما كان ذلك بدافع نيات خبيثة».