دموع جيرار بيكيه وتصويته في استفتاء استقلال كاتالونيا والإهانات الموجَّهة اليه من قبل جماهير المنتخب. دعْم كارليس بويول وشافي هرنانديز للانفصال. مباراة برشلونة أمام لاس بالماس من دون جمهور الأحد وإضرابه أمس. أعلام إسبانيا في مباراة ريال مدريد وإسبانيول وترداد النشيد الإسباني...
هذا كان المشهد في الملاعب الإسبانية منذ الأحد، أي يوم الاستفتاء الذي قام به إقليم كاتالونيا للانفصال عن إسبانيا. مشهد كان متوقعاً، حتى يمكن القول إنه كان من الغريب لو حصل غير ذلك، إذ ببساطة، الكرة الإسبانية هي الوجه الساطع للأزمة في البلاد.
في بلاد مثل إسبانيا يمثّل فيها برشلونة إقليم كاتالونيا وريال مدريد العاصمة مدريد، من الطبيعي أن تكون الكرة موطناً للخلاف وصورة لإظهار المواقف والتأثير ولعب دور سياسي بارز.
المشهد الأحد، وحده كان كافياً لتأكيد هذا الأمر. في «كامب نو» لعب «البرسا» مباراته أمام لاس بالماس من دون جمهور. خيار لجأ إليه رئيس النادي جوسيب ماريا بارتوميو للاستنكار بطريقة صامتة لقمع السلطات للاستفتاء، بعد أن كان الخيار الأول تأجيل المباراة، وهذا ما لقي انقساماً في الآراء في النادي، وأدّى إلى استقالة نائب الرئيس كارليس فيلاروبي وعضو مجلس الإدارة جوردي مونيس.
عبّر برشلونة عن موقفه الداعم للاستفتاء بصمت، رغم أن «كامب نو» اعتاد أن يصدح بالهتافات المؤيدة للاستقلال وسط مشهد الأعلام الكاتالونية المرفرفة على المدرجات، حتى لو كلّفه الأمر غرامة مالية، كما حصل في عام 2015 في المباراة أمام باتي بوريسوف البيلاروسي في دوري أبطال أوروبا. بالطبع لو كانت الجماهير حاضرة الأحد، لكانت الصورة مختلفة تماماً، إذ إن برشلونة هو بمثابة الرمز والداعم الأساسي لاستقلال كاتالونيا.

الكرة الإسبانية
هي الوجه الساطع للأزمة في البلاد



أما في ملعب «سانتياغو برنابيو» مساء، في مباراة ريال مدريد وإسبانيول القادم من كاتالونيا، فقد كان المشهد مختلفاً. جماهير الملكي المحتشدة في المدرجات ترفع أعلام إسبانيا وتردّد النشيد الوطني. بوضوح كانت مدريد تردّ من قلبها النابض «سانتياغو برنابيو» على الاستفتاء.
هكذا تأخذ الكرة أهمية ودوراً كبيرين في الصراع حول استقلال إقليم كاتالونيا. الأمر لا يتوقف على ما حصل الأحد، بل إن خلفياته تعود لسنوات. أمثلة كثيرة تؤكد ذلك، وبينها في نهائي كأس ملك إسبانيا في 2016 بين برشلونة وأتلتيك بلباو في «كامب نو»، بحضور ملك إسبانيا فيليب السادس، عندما أطلقت الجماهير صفير الاستهجان عند عزف النشيد الوطني، ما أغضب حكومة ماريانو راخوي.
هذا الأمر لا يتوقف على المشجعين في المدرجات، بل يصل إلى اللاعبين في الملعب، تماماً كما حصل في صيف 2010 في احتفالات تتويج إسبانيا بلقب كأس العالم بالفوز على هولندا في النهائي بهدف «كاتالوني» من إمضاء أندريس إينييستا، عندما رفع بويول وشافي علم الإقليم، فيما اعتبر جمهور برشلونة أن اللقب كاتالوني، نظراً إلى إسهامات لاعبي «البرسا» في المنتخب بالتتويج به.

بيكيه رأس حربة

وبالحديث عن اللاعبين، فكما هو معلوم، فإن بيكيه يشكّل رأس حربة في الصراع. سواء في مناسبة أو من دونها، فإنه يمثّل العنصر الأبرز والأكثر تعصّباً لاستقلال كاتالونيا، وهذا ما يستفزّ المدريديين وكل الرافضين للاستقلال، وهذا ما وضعه أيضاً في قلب مشكلات كثيرة، تحديداً مع المنتخب الإسباني.
وبطبيعة الحال، فإن بيكيه كان حاضراً بقوة الأحد، حيث أدلى بصوته والدموع تنهمر منه تأثراً بمشاهد القمع، وقد ذهب إلى حدّ إبداء استعداده للرحيل عن صفوف «لا روخا» قبل موعد اعتزاله عقب المونديال المقبل، في حال كان يمثّل مشكلة للمدرب خولين لوبيتيغي والاتحاد الإسباني لكرة القدم.
الردّ على موقف مدافع برشلونة لم يطل، إذ خلال خوضه أول من أمس الحصة التدريبية مع المنتخب الوطني استعداداً لتصفيات المونديال، قوبل من الجماهير بالشتائم والدعوات لرحيله عن «لا روخا».
ما حصل غير جديد بالنسبة إلى بيكيه، إذ إنه لطالما كان عرضة لصفير استهجان الجماهير المدريدية، وذلك لمواقفه السابقة الكثيرة، سواء من خلال تصريحاته الصحافية أو عبر تغريداته على «تويتر» أو تصرفاته على أرض الملعب، مثل قطعه كمّي قميصه الذي يحمل علم إسبانيا في مباراة المنتخب الوطني أمام ألبانيا في تصفيات مونديال روسيا، أو كما في رفع نجله الصغير العلم الكاتالوني خلال الاحتفال على أرض ملعب برلين الأولمبي بالتتويج بلقب دوري أبطال أوروبا عام 2015.

تهديدات المسؤولين

كذلك، وفي إطار دور الكرة، تبرز التهديدات التي يوجهها الاتحاد الإسباني لبرشلونة وباقي أندية إقليم كاتالونيا، والتي تجددت أخيراً بإقصائه من الدوري الإسباني في حال الانفصال، والتي يمكن وضعها في خانة الضغط ليس إلا على النادي للتراجع عن مواقفه المؤيدة للاستقلال، وما لذلك من تأثير، نظراً إلى دور «البرسا»، إذ لا يمكن تخيّل «ليغا» من دون برشلونة ومن دون «كلاسيكو»، حيث إن الخسارة لن تتوقف على برشلونة بل ستطال الجميع.
هكذا كان ملعب «كامب نو» صامتاً الأحد، أما أمس فكان برشلونة في إضراب. هو الهدوء الذي يبدو أنه يسبق العاصفة.




ستويتشكوف يهاجم السلطات الاسبانية

شنّ النجم البلغاري السابق هريستو ستويتشكوف، الذي برز مع برشلونة في حقبة التسعينيات تحت قيادة الأسطورة الهولندي الراحل يوهان كرويف، هجوماً على السلطات الإسبانية بعد استخدامها القوة خلال الاستفتاء الذي جرى في إقليم كاتالونيا الأحد الماضي.
وقال قائد منتخب بلغاريا السابق الذي يقيم حالياً في ميامي، في مقابلة تلفزيونية وهو يلف علم كاتالونيا على ذراعه: «إذا كان المقيمون في كاتالونيا يريدون التصويت، يجب أن يتمتعوا بالحرية للتصويت. قبول النتائج أو لا شيء آخر. لكن استدعاء القوى المسلحة وضرب النساء والرجال والأطفال لا أعذار له».