عاد النجم واين روني ليكون الحدث ومحور الحديث في إنكلترا. فعل ذلك بتألقه في الجولتين الأوليين من الموسم الجديد للدوري الإنكليزي الممتاز مع فريقه إفرتون العائد إليه من مانشستر يونايتد هذا الصيف، وأمس حين أعلن على نحو فاجأ كثيرين اعتزاله اللعب دولياً.
لكنْ ثمة رابط ما بين الحدثين وقرار "الغولدن بوي" طيّ صفحته الدولية في هذا التوقيت بسن 31 عاماً قبل أشهر من مونديال 2018.
البداية من إفرتون، إذ إن المحصلة التي حققها روني حتى الآن تفوق ما كان متوقعاً. فقد استطاع بمفرده منح "التوفيز" أربع نقاط بتسجيله هدف الفوز الوحيد أمام ستوك سيتي بتسديدة رأسية رائعة في الجولة الافتتاحية، والهدف الوحيد في المباراة التي انتهت بالتعادل على ملعب مانشستر سيتي، الاثنين، في ختام المرحلة الثانية ليصل بذلك إلى هدفه رقم 200 في مسيرته في الـ"بريميير ليغ".
يبدو روني في الوقت الحالي كمن ولد من جديد في ملاعب إنكلترا بعدما خبا نجمه في الفترة الأخيرة، في ظل بروز العديد من النجوم واللاعبين الشبان سواء الإنكليز أو الأجانب، ما جعل "الغولدن بوي" يفقد العزّ الذي كان يعيشه، حيث كان في فترة النجم الأبرز في جيله وكانت كل الأضواء مصوّبة عليه. غير أنه وجد نفسه فجأة حتى غير قادر على حجز مركز أساسي في يونايتد، في ظل تراجع ثقة مدربه البرتغالي السابق جوزيه مورينيو به، وهذا ما فتح الباب أمامه للخروج من قلعة "أولد ترافورد".
لكن ما يُحسب لروني أنه قرر العودة إلى إفرتون، رافضاً العروض الأخرى وعلى وجه التحديد الصينية، وهذا له أسبابه طبعاً. إذ يبدو واضحاً أن "الغولدن بوي" استجاب لنداء القلب قبل كل شيء بالعودة إلى مدينته ليفربول وفريقه الذي شهد بزوغ نجمه، مفضّلاً ذلك على الملايين التي كان بإمكانه أن يحصدها في الصين، وهذا على عكس ما هو سائد حالياً في انتقالات اللاعبين.

قرر روني اعتزال
اللعب دولياً بالتزامن مع عودته إلى
التألق مع إفرتون

في حقيقة الأمر ولو أن روني قضى 13 عاماً في مانشستر يونايتد وحقق كل شيء في صفوفه وأصبح هدافه التاريخي، إلا أن قلبه بقي منجذباً إلى إفرتون، إذ فضلاً عن أنه فريق مدينته وقد ارتدى قميصه في مطلع مسيرته فإنه الأحب إلى قلبه، حيث كان من مشجعيه منذ الصغر. مَثَل رمزي يُظهر انتماء روني إلى مدينته هو أنه أصرّ على أن تلد زوجته أولاده الثلاثة في ليفربول، رغم أنه كان يقيم في مانشستر ويعدّ من رموزها.
بطبيعة الحال، فإن عودة روني إلى فريق البدايات مهمة على أكثر من صعيد، وتحديداً معنوياً، إذ إن "الولد الذهبي" سيجد في ملعب "غوديسون بارك" الاحتضان من جماهير إفرتون، وهذا ما فقده في عامه الأخير في يونايتد، وأثّر عليه، وما هو كفيل بأن يشكّل حافزاً له كما بدا في مباراتيه الأوليين.
فضلاً عن ذلك، فإن روني سيفعل المستحيل لتعويض مشجعي إفرتون وإدخال الفرحة إلى قلوبهم هم الذين لم يتقبّلوا خروجه في مطلع شبابه من صفوف فريقهم إلى يونايتد ولم يتوانوا حينها عن القول بأنه يفتقر إلى الانتماء.
انطلاقاً من كل هذا، فإن عودة روني إلى إفرتون واستعادته تألقه كانت تقود، منطقياً، إلى فكرة أنه يهدف إلى استعادة مكانه في صفوف منتخب بلاده الذي فقده منذ تشرين الثاني الماضي والمشاركة في كأس العالم 2018 وهي البطولة التي كان من المفترض أن تكون الأخيرة له، وخصوصاً أن الأيام الأخيرة شهدت أكثر من دعوة لعودة "الغولدن بوي" إلى منتخب "الأسود الثلاثة"، غير أن روني فاجأ الجميع أمس بإعلانه الاعتزال دولياً وقد أكد حتى أن مدرب المنتخب غاريث ساوثغيت اتصل به وأبلغه بأنه يريد عودته.
في حقيقة الأمر، هذا الاعتزال يعيدنا إلى النقطة الأولى وهي عودة روني إلى إفرتون، إذ يبدو واضحاً أن "الولد الذهبي" يريد الاستقرار ووضع كل تركيزه ومجهوده مع فريقه وقيادته إلى النجاحات قدر الإمكان، أو بتعبير آخر أن يعيش كل لحظاته الآتية مع إفرتون بعد الفراق الطويل، ولو كلّفه ذلك التضحية ببطولة مثل كأس العالم التي قد يكون لإنكلترا كلمة فيها هذه المرة، وخصوصاً أن روني عاش الخيبات مع "الأسود الثلاثة" في كل مشاركاته معه في بطولتي كأس العالم وكأس أوروبا.
لكن هذا لا يمنع من أن روني، في توقيت اعتزاله، استغل تألقه الحالي للرد على استبعاده من صفوف المنتخب والقول بأنه لا يزال قادراً على العطاء، على عكس ما رأى البعض، مقرراً الاعتزال ومغلقاً الباب على حلم تحقيق إنجاز مع المنتخب، مكتفياً بإنجاز شخصي كهداف تاريخي له بـ 53 هدفاً في 119 مباراة بعدما أزاح الأسطورة بوبي تشارلتون عن هذه المرتبة.
هكذا طوى روني صفحة المنتخب وفتح صفحة جديدة مع إفرتون، وفي الوقت الذي تتّجه فيه الأنظار إلى الفرق الكبرى ونجومها "المليونيين" في موسم يبدو متوقعاً أن تحتدم فيه المنافسة، فإن من المفيد إبقاء العين على ملعب "غوديسون بارك"، إذ يبدو أن قصة جميلة سيكتبها روني هناك.




القرار الصعب

أعلن واين روني قرار اعتزاله في بيان أصدره جاء فيه: "هذا قرار صعب فعلاً وناقشته مع عائلتي، ومع مدربي في إفرتون (الهولندي رونالد كومان) والمقربين مني". وأضاف: "من الأمور القليلة التي تشعرني بالندم هو أنني لم أكن فرداً من تشكيلة منتخب إنكليزي حقق نجاحات في بطولة كبرى".
وأعرب عن أمله بأن "يتمكن (المدرب) غاريث (ساوثغيت) مع اللاعبين الذين يستدعيهم إلى صفوف المنتخب، من تحقيق هذه الطموحات، وأتمنى أن يقف الجميع خلف المنتخب (...). يوماً ما سيصبح الحلم حقيقة وأتطلّع قدماً لأكون موجوداً كأحد مشجعي المنتخب أو بأي صفة أخرى".
يذكر أن روني خاض مباراته الدولية الأولى ضد أوستراليا ودياً في 12 شباط 2002، وكان في حينه أصغر لاعب يدافع عن ألوان المنتخب، إذ كان يبلغ من العمر 17 عاماً و111 يوماً فقط.