تضع كل الأندية ثقلها في سوق الانتقالات الصيفية تحديداً، إذ تأتي قبل انطلاق الموسم الكروي بأسابيع قليلة. لكن موناكو، النادي الفرنسي الذي جذب الأضواء اليه في الموسم الأخير، يقف وحيداً من دون إجراء تعاقد يلفت النظر، بل فوق ذلك، باع عدداً من اللاعبين المهمين، من دون تعويضهم بآخرين من المستوى نفسه.
عدد اللاعبين الذين تخلى عنهم لا يعدّ صغيراً بالنسبة إلى الفرق. ستة لاعبين باعهم في "ميركاتو" واحد. تعاقد مانشستر سيتي مع ظهيره بنجامان ميندي مقابل 58 مليون يورو. كذلك، تيموي باكايوكو انتقل الى تشلسي مقابل 45 مليون يورو، والبرتغالي بيرناردو سيلفا الى سيتي مقابل حوالى 50 مليون يورو. فالير جيرمان أيضاً الى مرسيليا مقابل 8 ملايين يورو، والمغربي نبيل درار الى فنربخشه التركي مقابل 5 ملايين يورو، وعبدو ديالا الى ماينتس مقابل 5 ملايين يورو، وكورونتان جان الى تولوز مقابل 3.5 ملايين يورو.

نجح موناكو عكس سان جيرمان وسيتي في الموسم الماضي في الوصول الى مراده

مفاجئ تخلّي موناكو عن كل هؤلاء. والذي قد يفاجئ الجميع هو اقتراب بيعه لأبرز مواهبه كيليان مبابي الذي من الممكن أن ينتقل الى ريال مدريد في صفقة قياسية مقابل 180 مليون يورو.
يملك موناكو مواهب شابة قادرة على حمل الفريق الى الألقاب، فضلاً عن أنه لو قرر بيعها بأكملها فسيحصّل أموالاً تمكّنه من صناعة فريق آخر. هذا سيتطلب وقتاً طويلاً مثلما حصل معه بعد مجيء الملياردير الروسي ديميتري ريبولوفليف إلى سدة رئاسة النادي.
تخلى النادي عن لاعبين بهذا المستوى، وتعاقد في المقابل مع آخرين يعتبرون من الصف الثاني، وأدنى درجة من الراحلين، يأتي أبرزهم البلجيكي يوري تيليمانس من أندرلخت مقابل 25 مليون يورو، والهولندي تيرانس كونغولو من فينورد مقابل 13 مليون يورو.
لا يعتبر هذا إجراءً طارئاً تتخذه الإدارة من أجل تعويض رحيل نجومها. فالخطوة تعتبر خطيرة على المستقبل، إذ إن فريقاً نجح، بعد 17 عاماً لم يحقق فيها الدوري، في الخروج من المراتب الدونية الى منصات التتويج. هل هذا ما تريده جماهير موناكو التي انتظرت طويلاً حتى يعود فريقها منافساً على الألقاب محلياً وأوروبياً؟
لم يكن فوزه يومها فقط تتويجاً له، بل كان أيضاً إنهاءً للسيطرة التي فرضها باريس سان جيرمان لمواسم عدة. كان مشروعاً ضخماً بدأ في سوق الانتقالات ويبدو الآن أنه سيذهب فيها أيضاً أدراج الرياح.
فالمنهج الذي اتبعه الفريق منذ امتلاكه من قبل ريبولوفليف يعتبر كمسيرة متابعة لما حصل مع سيتي وسان جيرمان، والذي يعتمد على شراء لاعبين جدد بتعاقدات ضخمة للوصول الى المنصات. وضع الفريق جهداً كبيراً، وحقق نتائج أكبر عكس الفرق المذكورة سابقاً، أقله على الصعيد الأوروبي. نجح سيتي في الحصول على الدوري، كما نجح سان جيرمان في رفع كأس الـ"ليغ 1"، لكنّ أيّاً منهما لم يتمكن من العبور الى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا.
فعلها موناكو، ورفع مستواه خطوةً خطوة؛ فبعدما صار منافساً على اللقب المحلي قبل موسمين، تُوِّج به في الموسم الأخير. كذلك وصل الى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، ليخسر أمام يوفنتوس الإيطالي.
خطته عكس الفرق الأخرى نجحت، وكان من المتوقع أن يبقى الفريق مثابراً على خطاه بصفقات قوية. لكن ما يجري الآن يُعدّ داخل أروقة النادي، وخارجه المعلن الى الملأ، خطوةً الى الخلف، وتراجع للهروب من إكمال المنافسة، أقله أوروبياً.
كانت الأسلحة المادية، التي زادت من حدّة المنافسة والإثارة في «ليغ 1»، فعالة، وجذبت عدداً من اللاعبين الى الدوري الفرنسي. اليوم لا يتصرف موناكو على هذا الأساس، رغم أن الدوري المحلي ما زال يجذب عدداً من النجوم، على رأسهم نجم برشلونة البرازيلي نيمار الذي يشغل قدومه المحتمل إلى سان جيرمان الجميع.
طبعاً لن يعود موناكو الى فترته السيّئة جداً قبل بضعة أعوام حين سقط إلى مصاف أندية دوري الدرجة الثانية في فرنسا، لكنه سيأخذ وقته من جديد للاستمرار في الصراع على المراكز الأولى.