لا يمكن القول في تتويج تشلسي بلقب الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم إلا أن المنطق فرض نفسه. لا يمكن القول إلا أن الفريق الأفضل استحق اللقب، والفريق الأكثر ثباتاً واستقراراً وقوة كان الأجدر بالوصول إلى منصة التتويج في نهاية المطاف.الفريق اللندني أصاب بلقبه نجاحات في عدة اتجاهات.

إذ ليس خافياً أن المهمة كانت دونها صعوبات عند قراءة المشهد في بداية الموسم، حيث إن الفرق الكبرى الأخرى استعدت بقوة لخوض غماره، وتحديداً قطبي مانشستر، يونايتد وسيتي، بقدوم المدربين البرتغالي جوزيه مورينيو والإسباني جوسيب غوارديولا لتسلُّم المهمة في الفريقين مع تعاقدات مليونية ومهمة لدى الطرفين مثل الفرنسي بول بوغبا والسويدي زلاتان إبراهيموفيتش والأرميني هنريك مخيتاريان في الأول، وجون ستونز والألمانيان ليروي سانيه وإيلكاي غوندوغان في الثاني. كذلك، حافظ أرسنال وتوتنهام على مجموعتيهما، فيما أعطى ليفربول بقيادة مدربه الألماني يورغن كلوب، انطباعاً في النصف الثاني من الموسم الماضي بأنه سيكون منافساً شرساً على اللقب.

تمكن كونتي من صناعة
فريق متماسك وعرف إدارة
اللعبة الإعلامية


هذا كان المشهد الإنكليزي في بداية الموسم. مدربون كبار ونجوم من الطراز الرفيع جدد على «البريميير ليغ». رهان تشلسي كان على رجل اسمه أنطونيو كونتي. المدرب الإيطالي حضر إلى لندن أمام مهمة غير سهلة بعد موسم سابق كارثيّ شهد احتلال الفريق المركز العاشر. كان التحدي صعباً أمام المدرب السابق للمنتخب الإيطالي، وسط الكثير من الشكوك حول إمكانية نجاحه، خصوصاً أنه لم يكن متطلباً عند قدومه، بل اكتفى بإعادة البرازيلي دافيد لويز وشراء الفرنسي نغولو كانتي.
وبالفعل، كانت البداية صعبة، وتحديداً عندما سقط تشلسي أمام أرسنال 0-3. لكن كونتي سرعان ما قلب الأمور وأحدث «ثورة» لم تكن متوقعة. هذه الثورة كان عنوانها التغيير الخططي باعتماد خطة 3-4-3 التي لاقت نجاحاً منقطع النظير، حيث راح الفريق يحقق الانتصارات المتتالية التي وضعته في القمة. كونتي رسّخ لدى لاعبيه شعار «العمل فالعمل ثم العمل»، من دون الالتفات إلى الضجيج الإعلامي، فتحوّل اللاعبون إلى «ماكينات» لا تهدأ مفعمة بالحماسة والمثابرة التي بثّها الإيطالي في أرجاء ملعب «ستامفورد بريدج» والتي تظهرها احتفالاته الصاخبة بالأهداف والانتصارات وتحفيزه لاعبيه في أثناء المباريات.
ومن ثم، تمكن كونتي من صناعة فريق متماسك، وعرف إدارة اللعبة الإعلامية، فكان ذكياً في إطلالاته وتعامله مع الإعلام، وتحديداً عندما بدأ الأخير يَحوك قصة خلافه مع هداف الفريق الإسباني دييغو كوستا. لذا، إن الحديث عن لقب تشلسي يرجع بالدرجة الأولى إلى مدربه كونتي الذي حقق انتصاراً للمجموعة، وكذلك شخصياً بتفوّقه على مجموعة من أهم المدربين في العالم.
لكن هذا لا يمنع من أن أفراداً في الفريق كان لهم دور مؤثر هذا الموسم، بمساعدة طبعاً من كونتي، وفي مقدمهم كانتي الذي نجح المدرب الإيطالي في رهانه عليه، فحمل الفريق على كتفَيه، مقدماً مجهوداً وافراً في خدمة المجموعة، وهذا ما يتأكد بحصوله على جائزة أفضل لاعب في الموسم. كذلك أعاد كونتي اكتشاف الإسباني سيزار أزبيليكويتا في خطة 3-4-3، حيث لم يغب عن أي مباراة للفريق. وبطبيعة الحال، فإن دوراً كبيراً لعبه البلجيكي إيدين هازار الساحر في وسط الملعب وصاحب الحلول الذي سجل 15 هدفاً وصنع 5 أهداف، ومثله كوستا الذي أسهمت أهدافه الحاسمة في الكثير من المباريات بالتتويج، وقد وصل عددها إلى 20 هدفاً، كذلك صنع 6 أهداف.
إذاً، تشلسي بطلاً للدوري الإنكليزي. الفريق اللندني استحق اللقب. من حق كونتي ولاعبيه أن يحتفلوا الآن طويلاً. من حقهم أن يستريحوا بعد كل هذا التعب.