بعد «الكلاسيكو» كما قبله، لا تنتهي الأخبار والتحاليل، ولا حتى حرب التصريحات بين الفريقين. تبدأها الصحف الموالية للفريقين ريال مدريد وبرشلونة، ثم المدربان في مؤتمراتهما الصحفية، وأخيراً اللاعبون على مواقع التواصل الاجتماعي أو في تصريح ما لوسيلة إعلامية. قد يكون أحد هذه التصريحات في محلها، أو قد تكون نقداً لا يدخل إلا في إطار الحرب الكلامية والاستفزازية.
قيمة الكلام ليست بكثرته أو عمقه، هناك وفي مباريات كهذه، بل بالصدى الذي يتركه عند جمهوره والجمهور الخصم.
بين غريمي إسبانيا، يقف حالياً قلبا دفاع «لا روخا» سيرجيو راموس وجيرار بيكيه، اللذان يشكلان حالياً صخرتي الدفاع لفريقيهما. بدأ الحرب قبل الكلاسيكو بيكيه الذي رأى أنه لن يعمل يوماً مع إدارة ريال مدريد، والذي لا يحبه هناك «يتمثل في القيم التي ينتهجها النادي». حاول بيكيه التخفيف من حدة كلامه بالقول إن هناك أشخاصاً يكنّ لهم التقدير الكبير في الفريق، وبعضهم أصدقاء له. لم ينفع ذلك مع أحد، لا الجماهير ولا بعض اللاعبين.

أكد راموس وبيكيه أنهما لن يتعانقا
بعد «الكلاسيكو»

راموس، كما دائماً، كان بالمرصاد. ردّ سريعاً بالقول إنه مهما كان ما يقوله، فلن يغير من قيم النادي أو تاريخه وألقابه، مضيفاً: «برشلونة ليس في وضع يؤهله للحديث بشأن القيم، خاصة في هذا العام».
لطالما كان الوضع على وسائل التواصل الاجتماعي كما هو عليه. تصريح من قبل أحد اللاعبين، فردٌّ من آخر، فهيجان جماهيري مع أو ضد، ومن ثم العمل على مواجهته في عالم الواقع على أرض الملعب. فنظراً إلى استفزازات بيكيه المستمرة في صفحته الشخصية على موقع «تويتر»، جهّزت جماهير ريال «سمفونية» خاصة انتظرته في خلال استقباله في ملعب «سانتياغو برنابيو»، من حيث صافرات الجماهير أو الصيحات.
هذا الأخذ والرد من بيكيه على «تويتر» بدأ على إثر الـ«كلاسيكو» الذي أقيم في كانون الأول 2015 حين علّق بيكيه على إخراج ريال مدريد من الكأس بوضع وجوه ضاحكة.
ثم تواصل غير مرة، وأخيراً بعد تمكن ريال مدريد من التأهل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا بفوزه على بايرن ميونيخ 4-2، منها هدفان للبرتغالي كريستيانو رونالدو، كان فيهما متسللاً، خرج بيكيه كالمعتاد ليتهكم على هذا الأمر. وبينما كانت الجماهير ترد عليه، ذكَّره راموس بأحداث لقاء باريس سان جيرمان الفرنسي في إياب دور الـ16 من دوري الأبطال، وقال: «لقد مللت من الرد على تلك الأسئلة، عليه أن يعود ويشاهد مباراة باريس سان جيرمان، وبعد ذلك لنرى ما إذا كان سيفكر بنفس الطريقة عن التحكيم».
هذا الشحن على «تويتر» ما هو إلا استكمال لـلـ«كلاسيكو» الذي يمثل أحد أكثر اللقاءات عدائية في كرة القدم حالياً داخل الملعب وخارجه.
طرد راموس بعد تدخله على نجم برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي في الدقيقة 77، أخذ حيزاً كبيراً داخل المباراة وبعدها.
تلقى راموس البطاقة الحمراء، ثم حصل تبادل للكلمات لحظة خروجه مع بيكيه. أشار راموس بيديه بحركة «أن يغلق فمه». أما في المؤتمر الصحفي، فقال: «الطرد مبالغ فيه. أعترف بأني وصلت متأخراً على كرة ميسي، لكني لم أنو إصابة أحد. لست نادماً».
أشار إلى بيكيه أن يغلق فمه بعد حديثه عن التحكيم، وكثرة الشكاوى، والأقاويل عن استفادة ريال من التحكيم.
وصل هذا الموضوع إلى تفاهة لا مثيل لها. لا شك في أن الموضوع التحكيمي في إسبانيا محطّ جدل دائر لضعفه في فرض هيبته على أرض الملعب واتخاذ قرارات صحيحة، لكن النقاش فيه بين الفرق واللاعبين بات تافهاً. الخاسر يضع اللوم على الاتحاد وحكم المباراة، وحين يفوز في مباراة أخرى تصبح الآية معكوسة. محاباة الحكام لريال أو لبرشلونة باتت جدلاً لا فائدة منه، أما الجدل الدائر على «تويتر» بين اللاعبين، فلا يعد سوى تصاريح تشبه تصاريح الجماهير، لا تصاريح وتغريدات محترفة، إنها للاستفزاز فقط.
يقرّان معاً بأنه لا توجد مشاكل شخصية. وأيضاً يؤكدان أنهما طبعاً لن يتعانقا بعد «الكلاسيكو»، لكن كما حصل سابقاً ستهدأ هذه الحرب بعدما يلعبان جنباً إلى جنب مع منتخب بلدهما، ويضطران إلى ذلك معاً.