لم تكن النتائج السيئة التي حققها أرسنال في الفترة الأخيرة بالشيء الجديد، وآخرها الخسارتان المذلتان أمام بايرن ميونيخ بطل ألمانيا في دوري أبطال أوروبا. لكن الجديد كان خروج إدارة النادي اللندني عن صمتها تجاه ما يحصل، وتجاه ما يحكى عن رحيل المدرب الفرنسي أرسين فينغر في وقتٍ قريب جداً.
لكن، متى سيحصل هذا الأمر وما هو التوقيت المناسب لحدوثه من أجل إنقاذ ما تبقى من "المدفعجية" التي أصابها الصدأ بفعل الشحّ الاستراتيجي للقائد المفترض أن يوجّهها الى الفوز بالمعارك؟
الواقع، الآن هو الوقت المثالي للافتراق، فالكل بات لديه اقتناع بأن فينغر لم يعد هو الرجل القادر على السير بالفريق نحو منصات التتويج، وخصوصاً مع انكفائه في الدوري الإنكليزي الممتاز لمصلحة مدربين آخرين يأخذون "البريميير ليغ" حالياً بعاصفتهم، أمثال الألماني يورغن كلوب والأرجنتيني ماوريتسيو بوتشيتينو والإيطالي أنطونيو كونتي.
وفي قرارة نفسه، ربما يرى فينغر أنه لم يعد قادراً على تقديم المزيد الى فريقه، وبالتالي عليه أن يفكر في مخرجٍ سريع، أو أقله أن يبحث عن مخرجٍ مشرّف يليق به، وهو خيار ثانٍ يرتبط برحيله في نهاية الموسم، لكن لا شك في أن عليه إعلان هذه الخطوة الآن لكي لا يعطي مجالاً أكبر للفشل. وهنا يمكن تشبيه ما يعيشه فينغر بذاك الذي يعيشه المدرب لويس إنريكه مع برشلونة بطل إسبانيا، حيث ان الضغوط التي عرفها والمشكلات التي لا تزال غير معلنة مع بعض اللاعبين، جعلته يأخذ القرار بالتنحي. قرارٌ ذكي لأن إنريكه أراح لاعبيه بإعلانه الرحيل في نهاية الموسم، فهو حرّر أولئك الذين لا يهضمون وجوده على رأس الجهاز الفني، حيث بدا كأنه يقول لهم "ها أنا ذاهب وسترتاحون من وجودي، لكن هيا نمرر الموسم معاً بطريقة مثالية".
وبالتأكيد، فإن اللاعبين الذين كانوا غير مهتمين بالنتائج التي إن كانت سلبية فإنها ستريحهم من عبء المدرب، سيقدّمون كل ما يملكونه على أرض الملعب لغنم ألقاب جديدة، وذلك من دون أي ضغوط أو أي تشويش عليهم. وهذه المسألة من شأنها أن تعزز اللحمة في الفريق وترفع من معنوياته لتحقيق النتائج الطيّبة.
والمنطق يقول إن لرحيل فينغر العديد من الإيجابيات، أولاها، عودة الثقة الى الجمهور الذي بدا غاضباً أخيراً من الخسائر الثقيلة التي مني بها الفريق.

رحيل فينغر
على طريقة إنريكه سيخدم الفريق بالتأكيد


كذلك، فإن رحيل فينغر سيساهم في الحفاظ على لاعبين مؤثرين في الفريق، أمثال التشيلياني أليكسيس سانشيز الذي قيل إنه طلب الرحيل لخلافه مع المدرب، بينما تردد أن الألماني مسعود أوزيل أبلغ الإدارة أنه لن يمدد عقده قبل أن يعلم القرار الأخير بشأن مستقبل فينغر في لندن. كما يتطلع لاعب مثل أليكس - أوكسلايد تشامبرلاين الى وصول مدرب جديد يمكن أن يمنحه فرصة ثانية للعب أساسياً.
إذاً، برحيل فينغر يكون أرسنال قد حافظ على كوكبة من نجومه الأساسيين وأبقى فريقه قوياً، بانتظار أن يأتي مدرب جديد لترتيب الأوراق.
لكن "البروفسور" قد يفضل البقاء، أقله حتى ينهي المهمة التي يعمل عليها حالياً، وهي تتمثل بالفوز بكأس إنكلترا وإنهاء بطولة الدوري بين الأربعة الكبار من أجل التأهل الى "التشامبيونز ليغ". أما في حال فَشِل وخرج من الكأس، فإن الإقالة أو الاتفاق على الافتراق سيكونان بانتظاره، بينما قد ينقذ له رفع الكأس في نهائي "ويملبي"، وظيفته، وهو الأمر الذي حصل قبل 3 أعوام.
ماذا لو قرر البقاء حتى نهاية الموسم؟ هو السؤال الذي يقلق جمهور أرسنال أكثر من أي سؤال آخر، فهم يدركون أن أفكار الفرنسي نفدت، وبالتالي فإن المزيد من الفشل سيكون في انتظاره، ولو أنه لا يعترف بهذا الأمر. أما الإدارة فهي لا تكترث للنتائج، على ما يبدو، بل إن همّها الأساسي هو أن يقوم الفرنسي أو أي كان سيخلفه، بالحفاظ على المؤشر المتصاعد في الأرباح، من دون إعارة أي اهتمام الى الصفقات الكبرى التي لطالما أنقذت أكبر الأندية وأعظم المدربين.