يُعقد اليوم في مقرّ الاتحاد اللبناني لكرة القدم اجتماع يضم أعضاءً من اللجنة التنفيذية مع ممثلي بعض الأندية المعترضة والمتضامنة والداعية إلى ضرورة حل المشكلة القائمة. لكن لا يمكن الحديث عن أي حلّ دون تحديد المسبب الرئيسي للمشكلة، والأسباب التي أدت إلى حصولها. بالأمس، كان الحديث عن مسؤولية اتحاد كرة القدم في وصول الأمور إلى ما وصلت إليه عبر تراخيه وعدم تطبيقه القوانين ومسايرة الأندية عبر تسويات وتسويات.
لكن بالمنطق، إنَّ ما قام به الاتحاد كان ردَّ فعل على فعل أساسي حصل في العديد من المناسبات، كانت الأندية هي التي قامت به.
تلك الأندية التي ترفع الصوت اليوم، لا شك في أنها بقرارة نفسها تعرف أنَّ لها اليد الطولى في المشكلة الحالية، وهي الأن تأتي الى الاتحاد كي يحلّ مشكلات هي من قامت بها واقعت الاتحاد في فخّها فوقع في المحظور مراراً وتجاوز القانون لصالحها. فتلك الأندية، أو لاعبوها، أو جماهيرها، عطّلت مباريات وأصدرت بيانات ولجأت إلى مرجعيات سياسية للضغط على الاتحاد، أو هددت الحكام ووضعتهم تحت ضغوط كبيرة أثرت في كثير من الأحيان بصافراتهم، فذهب الصالح بطريق الطالح.
تلك الأندية تعلم وهي تجلس إلى طاولة الاتحاد وترفع الصوت على التلاعب وعدم تطبيق القانون أنها في مكان ما هي التي تلاعبت ومررت مباريات وهددت بالانسحاب وضغطت على الاتحاد، والشواهد على ذلك كثيرة، «ومن بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحجارة».
فبعض الأندية حين ينظر بعضها في عيون بعضها الآخَر، يعرف ممثلوها أنهم «تبادلوا» الكثير من المباريات من الأشقاء إلى أولاد العم، إلى من يردّ ديناً سابقاً للنادي المحشور حالياً. أندية تحاضر في العفة، وهي مرتكبة و»على عينك يا تاجر». فمن الماضي القريب جداً إلى البعيد من مباريات حصلت في الأسبوع الماضي إلى مباريات حصلت من سنة وسنتين. بالأمس فاز فريق على آخر على ملعب «بآخر الدنيا»، وهما من غير محافظة، فـ «حرد» مدربه وأعلن اعتكافه اعتراضاً على أمور مشبوهة، خصوصاً مع غياب شخصية فاعلة في الإدارة عن المباراة. كلام كثير قيل في ما حصل في كواليس تلك المباراة، وصولاً إلى مجلس الوزراء عينه. إلى مباراة أخرى فاز فيها فريق يصارع على الهروب من الهبوط، ليخرج حديث عن اتفاق لردّ الدين للفريق الخاسر من قبل فريق شقيق من المدينة عينها للفريق الفائز. وقبله حصد الفريق «المعجزة» نقاطاً ونتائج وأهدافاً (برقم قياسي في التوقيت)، بما حوّله إلى حصان البطولة الأسود، وكذلك فاز زميله على ارتفاع 1200 متر بعد أن كان يعاني على مدى شهرين من نتائج متواضعة رغم العروض الجيدة.
اليوم سيكون حاضراً على الطاولة مسؤول كبير في أحد النوادي، وهو يملك ملفاً من التجاوزات والمخالفات والتزوير أكبر من ملف قضية جنائية، ومع ذلك يطالب بتطبيق القانون. سيكون حاضراً النادي الذي صُعق من حليفه الذي خذله بعد أن أنقذه مرات ومرات. سيحضر الفريق الذي كان له الفضل في تتويج هدّاف أجنبي لفريق متضامن معه قبل سنتين عبر مسرحية هزلية أضاعت حق مهاجم آخر في أن يكون هدّاف البطولة.
من المحتمل أن يكون فريق السلام حاضراً في الجلسة، وحينها قد يضطر إلى الإجابة عن أسئلة كثيرة، خصوصاً حول كلامه عن غبن واستهداف طائفي. ففي الذاكرة القريبة يحضر قرار إعادة مرحلة إياب بطولة الدرجة الثانية قبل سنوات كرمى لعيون السلام زغرتا ومن يمثله. حينها دفعت فرق الخيول والفجر عربصاليم والحكمة الثمن، وعاد السلام ليصعد إلى الدرجة الأولى. الخيول والفجر الناديان الشيعيان، وخصوصاً الأول المحسوب على رئيس الاتحاد هاشم حيدر. حينها لم يكن هناك غبن طائفي حين تضررت تلك الأندية، ولا كان هناك غبن طائفي حين فاز السلام زغرتا بلقب كأس لبنان على حساب طرابلس، والغريب أنَّ حكم المباراة حينها كان سامر قاسم، وفاز السلام 1 - 0 بهدف من ركلة حرة غير صحيحة لعدم وجود خطأ. كل هذا سقط من الذاكرة وظهر حديث يبدو غريباً على كرة القدم اللبنانية تحديداً.
قبل انطلاق الموسم، أحرز الراسينغ كأس النخبة، وقبل ثلاث سنوات كان ينافس على لقب الدوري مع النجمة. هذا الموسم أصبح في حكم المؤكّد هبوط ثلاثة أندية من الطائفة السنّية من أصل أربعة في الدرجتين الأولى والثانية، هي: طرابلس، الاجتماعي والرياضة والأدب، وخصوصاً الأخير الذي يرى نفسه مظلوماً لمصلحة الحكمة. من؟ الحكمة الفريق المسيحي الذي أصبح في حكم الباقٍ في الدرجة الثانية.
مقبولٌ أن يكون هناك كلام كثير عن تراخٍ أو ضعف أو تسويات، لكن من المرفوض العزف على الوتر الطائفي في وقت تغيب فيه الفرق المسيحية عن الحلف القائم حالياً ويكون هناك تصريحات تُحرج الفرق الإسلامية التي تعتبر نفسها مغبونة أكثر.
هي جلسة مع الذات قبل أن تكون مع الاتحاد، وإعادة نظر في كل ما شهدته كرة القدم هذا الموسم وفي المواسم السابقة، فمن يُرِد تطبيق القانون، فعليه أن يبدأ بنفسه أولاً.