في 26 نيسان عام 1998، دخل نجم إنتر ميلانو البرازيلي رونالدو منطقة جزاء يوفنتوس، فسارع المدافع الدولي مارك يوليانو إلى إسقاطه أرضاً. يومها لم يحتسب الحكم بييرو تشيكاريني ركلة جزاء لـ «الظاهرة»، لينهي «اليوفي» المباراة فائزاً ويتوّج بلقب جديد في الدوري الإيطالي لكرة القدم.
تلك الواقعة عدّها مسؤولو إنتر جريمة من النوع الثقيل، لا بل أحجموا عن زيارة ملعب فريق «السيدة العجوز» في كل مرة ذهب فيها فريقهم للعب هناك، وذلك في إشارة واضحة إلى اعتراضهم على عدم احتساب ركلة الجزاء تلك، متهمين يوفنتوس بشراء الحكام، ومسؤوليه ببيع ضمائرهم.
هو من دون شك أطول اعتراض في تاريخ كرة القدم على ركلة جزاء غير محتسبة؛ فإنتر لم ينسَ تلك الحادثة، ولم يهضمها حتى اليوم، فتحضر رائحة الثأر في كل موقعة تجمع الفريقين، إذ حتى فضيحة «كالتشوبولي» الشهيرة التي أودت بيوفنتوس إلى الدرجة الثانية بعد حرمانه لقبين في الـ «سيري أ» لم تشفِ غليل إنتر ولم تأخذ له حقه لأن لقب ذاك الموسم (1997-1998) بقي في خزائن الفريق الأبيض والأسود، ليصبح «دربي إيطاليا» اللقاء الأكثر عداوة في كرة القدم الإيطالية.
وهذا الجو العنيف قد نلمسه أكثر في نهاية الأسبوع الحالي، وخصوصاً أن الموسم الحالي عاد ليجدد المنافسة الحامية في المواجهة المباشرة بين الفريقين على أرض الملعب، إذ لم يعد هذا اللقاء مجرد عنوان مبنيّ على أجواء الماضي، على اعتبار أن إنتر فاجأ يوفنتوس بفوزه عليه 2-1 في «جوسيبي مياتزا» ذهاباً، وأجبره على تقديم أسوأ مباراة له منذ أعوامٍ طويلة.

قوة إنتر هي في
المخاطرة الهجومية التي
تفاجئ الخصوم غالباً


واللافت أكثر أن إنتر سار في درب التطور السريع في الفترة الأخيرة بقيادة مدربه ستيفانو بيولي الذي حلّ خلفاً للهولندي فرانكس دي بوير المُقال من منصبه في تشرين الثاني الماضي. مع المدرب الجديد، حصد إنتر 25 من أصل 30 نقطة ممكنة، وهو اليوم يُعَدّ أكثر فرق الـ «سيري أ» ثباتاً في المستوى بفوزه في سبع مباريات متتالية.
ورغم أن يوفنتوس بدا لا يقهر على ملعبه بتحقيقه 27 انتصاراً متتالياً، إلا أن إنتر معتاد كسر أرقام «اليوفي»، إذ لا يزال في الذاكرة انتصاره في تشرين الثاني 2012، وهو الأخير له في تورينو، عندما أذاق خصمه أول خسارة بعد 49 مباراة لم يعرف فيها طعم الهزيمة. وبالتأكيد، إنتر - بيولي قادر على فعلها، إذ يبدو كل شيء مثالياً في الوقت الحالي بالنسبة إلى «النيراتزوري» الذي يعيش لاعبوه مرحلة استقرار، وعلى رأسهم ذاك الهداف الأرجنتيني ماورو إيكاردي الذي اعتاد هزّ شباك يوفنتوس، فهو سجل 7 أهداف في 8 مباريات واجه فيها «اليوفي». وايكاردي نفسه يبدو اليوم أهمّ من مجرد هدّاف، إذ لو طالعنا أرقامه لوجدنا أنه إضافة إلى تصدره قائمة الهدافين بـ 15 هدفاً بالتساوي مع مواطنه غونزالو هيغواين مهاجم يوفنتوس، والبوسني إيدين دزيكو مهاجم روما، فهو يلعب اليوم لمصلحة المجموعة أكثر منه لنفسه، والدليل أنه يتساوى مع الإسباني خوسيه كاييخون جناح نابولي على لائحة اللاعبين الأكثر تمريراً للكرات الحاسمة بثماني تمريرات لكلٍّ منهما، وهو أمر نادر، لا بالنسبة إلى رؤوس الحربة في الدوري الإيطالي فقط، بل في البطولات الأوروبية الوطنية عموماً.
قوة إنتر التي قد تفاجئ يوفنتوس، لا في تطوّر أدائه الدفاعي أيضاً، الذي جعله يحافظ على نظافة شباكه في خمس من المباريات السبع المتتالية التي حقق فيها الفوز أخيراً، بل في ديناميكيته وذهاب لاعبيه إلى عدم التردد في المخاطرة الهجومية التي تفاجئ الخصوم غالباً، ما يجعل عملية تسجيل الأهداف تعيدنا إلى زمن رونالدو عندما كان الفريق الأزرق والأسود بقيادته مرعباً لكل الفرق الأوروبية، لا الإيطالية فقط.
«دربي إيطاليا» في نهاية الأسبوع لن يشذّ عن القاعدة، ولن يخرج عن درب التقليد القديم، فمعركة طاحنة بالانتظار ستوجّه الأنظار كلّها إلى الدوري الإيطالي من جديد، بعدما أدار كثيرون ظهورهم له، باحثين عن المتعة في ساحات أوروبية أخرى.