22-5-1996. ملعب «أولمبيكو» في العاصمة الإيطالية روما. الأجواء خيالية. الحماسة بادية بوضوح على وجوه لاعبي الخصمَين يوفنتوس وأياكس أمستردام على وقع معزوفة «التشامبيونز ليغ» الشهيرة. علم ضخم لـ «اليوفي» يتمايل على المدرجات. الكأس ذات الأذنين الكبيرتين تلمع أمام أعين الإيطاليين في عاصمتهم التاريخية بعدما حطّت فيها آتية من أمستردام، من ملعب أياكس بالذات بطل النسخة الأخيرة.
المباراة تنطلق. الهولنديون تحت الضغط. فرانك دي بوير يعيد كرة ضعيفة برأسه والحارس إدوين فان درسار يخطئ في إبعادها، ليخطفها فابريتسيو رافانيللي ويسدد من زاوية بدت أشبه بمستحيلة في الشباك. الإيطاليون يهللون على أرضهم، وبريق الكأس يزداد لمعاناً في أعينهم.
مدرب أياكس لويس فان غال يدرك في الدقيقة 13 أن أمسية روما لن تكون كأمسية فيينا قبل عام عندما رفع أياكس كأسه الرابعة أمام فريق إيطالي آخر هو ميلان، إذ إن الطليان يلعبون هذه المرة على أرضهم. أيقن لحظتها أن لا بد من الهجوم لإرباك أبناء الأرض.
هذا الارباك هو ما حصل سريعاً داخل منطقة «اليوفي» لتصل الكرة إلى النيجيري نوانكو كانو الذي لعبها برأسه من فوق الحارس أنجيلو بيروتزي، لكن الأخير لحق بها قبل عبورها خط المرمى. نجا الطليان هذه المرة، لكن في اللقطة التالية لم يكن الحال كذلك، إذ ها هي الدقيقة 41، وها هو دي بوير يرسل الكرة من ركلة حرة إلى منطقة يوفنتوس لتصل إلى الفنلندي ياري ليتمانن الذي يسددها في الشباك.
إنه الشوط الثاني، والإيطاليون يضغطون. جيانلوكا فيالي يتخطى فان در سار ويسدد الكرة بغرابة في الشباك الخارجية. البديل اتيليو لومباردو ينتفض من مكانه في مقعد يوفنتوس غير مصدق، والذهول يعمّ «الأولمبيكو».
المباراة تنتهي بالتعادل 1-1. الكلمة إذاً للشوطين الإضافيين أو بعدهما لركلات الترجيح. لم يقلها أحد في الأولى، أما في الثانية فقالها بيروتزي بتصديه لركلتين هولنديتين، ليترك دموع الفرح تنهمر من فيالي.
في 22-5-1996، التاريخ يُكتب بقلم إيطالي. النجمة الثانية والأخيرة باتت على قميص يوفنتوس.

نهائي 2011 كاتالوني
... 28 -5 -2011. الكأس ذات الأذنين تستريح بعد 15 عاماً في ملعب «ويمبلي» في العاصمة الإنكليزية لندن أمام ناظرَي فان در سار. مرّ الزمان وتبدّلت الأحوال، وها هو الحارس الهولندي بقميص مانشستر يونايتد الإنكليزي يخوض النهائي أمام برشلونة الإسباني، لكن الأضواء هناك، عند الفتى الساحر. ها هو الأرجنتيني ليونيل ميسي يُلقي التحية على واين روني قبل صافرة البداية.
الكرة بين قدمَي «ليو» في منتصف الملعب، يتخطى الويلزي راين غيغز ومن ثم الإكوادوري أنطونيو فالنسيا وريو فيرديناند لكن كرته تذهب خارج الملعب. إنها المعزوفة الساحرة الأولى من ميسي. لندن تصفق لابن مدينة روزاريو.
برشلونة يفرض سيطرته. دافيد فيا يسدد مرتين من تمريرتين لشافي هرنانديز: الأولى بعيدة والثانية بين يدي فان در سار. الا أن الكرة الثالثة من قدم بدرو رودريغيز بعد تمريرة خادعة مميزة من شافي كانت في الشباك (27).
الإنكليز باتوا مطالبين بالردّ على أرضهم، لكنّ أيا منهم لم يتوقع أن يكون هذا الرد خيالياً بطريقة برشلونة الـ «تيكي تاكا». هذا ما حصل في تلك الأمسية: الكرة تصل إلى البرازيلي فابيو على الرواق الأيمن يمررها لروني ومنه إلى مايكل كاريك الذي يعيدها له ليشقّ «الولد الذهبي» طريقه نحو المنتصف ويمرر كرة بينية لغيغز الذي يعيدها لروني «على طبق من ذهب» فيسددها الأخير قوية في قلب المرمى (34).
الشوط الثاني يبدأ على وقع هذا التعادل، لكن عند ميسي كلام آخر يكتبه سريعاً بتسديده مميزة من خارج المنطقة الى يسار فان در سار (54).
الإنكليز يميلون نحو التدخلات العنيفة مع تأخرهم وتوالي الدقائق. الطلقات الإسبانية تتهاطل كالمطر على مرمى فان در سار، لكن واحدة منها تمكنت من اختراقه عبر تسديدة رائعة من فيا، الا أن بطل لقطة الهدف كان «ساحر» الأمسية ميسي عندما استهلها بمراوغة بحركة خيالية للبرتغالي ناني على الرواق الأيمن، وبعدها تخطٍّ فائق الروعة للفرنسي باتريس إيفرا داخل المنطقة وتمريرة يخطىء دفاع يونايتد في إبعادها، لتصل إلى سيرجيو بوسكتس الذي يحضّرها لفيا ومنه إلى الشباك (69).
إنها نهاية المباراة. شافي يحضن ميسي. فيا يركض فرحاً، وأليكس فيرغيسون يربت على كتف جوسيب غوارديولا.
في 28-5-2011، التاريخ يُكتب بقلم إسباني. النجمة الرابعة والأخيرة باتت على قميص برشلونة.
... 6-6-2015. الكأس ذات الأذنين تستريح في برلين. الليلة، تاريخ جديد، ونجمة جديدة بين يوفنتوس وبرشلونة، وحكاية جديدة.