"زيكا". كلمة شغلت العالم في الأشهر الأخيرة وارتبطت بأولمبياد ريو دي جانيرو. كثُر الحديث عن هذا الفيروس، إذ تشير الأرقام منذ بداية 2016 حتى 31 أيار الماضي الى تسجيل 45 ألفاً و991 حالة إصابة بـ"زيكا" في الولاية البرازيلية التي تستضيف الألعاب الأولمبية بدءاً من اليوم.الرقم ليس عادياً طبعاً، وقد زاد المخاوف حول العدوى من هذا الفيروس، ما أدى إلى سجال حول خطورته على الرياضيين والسائحين خلال الأولمبياد.
يجدر في البداية التعريف بهذا الفيروس الذي ينقله البعوض المزعج وتشمل أعراضه الحمى والطفح الجلدي والألم العضلي وآلام المفاصل والتوعك والصداع، وهو يسبب حالات تشوّه خلقية للأجنّة واضطرابات عصبية.
هكذا، كثُر الحديث عن هذا الفيروس حتى وصل إلى حدّ الهلع منه، وهذا ما تُرجم باتخاذ بعض الرياضيين "القرار الكبير" بالتضحية بحلم المشاركة في الأولمبياد من أجل عدم التعرض للمخاطر، وكان في طليعتهم لاعب الغولف الإيرلندي الشمالي روري ماكلروي، ومن ثم تبعه لاعب كرة المضرب التشيكي توماس بيرديتش الذي قال: "أسست عائلة أخيراً، ويجب عليّ تقليل المخاطر الصحية لمن معي، فهذا من ضمن أولوياتي المطلقة"، وهذا ما فعله أيضاً زميله الكندي ميلوش راونيتش.
إزاء هذا الواقع الذي وصل إلى حدّ إرسال دعوة مفتوحة وقّعها أكثر من 100 عالم طالبوا فيها بتأجيل الحدث الرياضي أو إصدار توصية رسمية بتغيير مكان إقامته، كان من الطبيعي أن تنبري المنظمات المعنية بالصحة وبالحدث العالمي للتصدي لهذه المخاوف والتقليل منها حتى لا تزداد الأمور سوءاً وتكون النتيجة السلبية كما حصل – من دون المقارنة بين الحدثين – مع المغرب الذي رفض استضافة كأس الأمم الأفريقية عام 2015 بسبب وباء "إيبولا"، ليُعاقب وتنتقل البطولة إلى غينيا الاستوائية.
وصلت التحذيرات
الى حدّ تجنّب السباحة
في بعض الأماكن

لذا، ردّت منظمة الصحة العالمية على طلب الإلغاء أو تغيير مكان الاستضافة، وقالت: "لا يوجد مبرر يتعلق بالصحة العامة لتأجيل أو إلغاء دورة الألعاب الأولمبية. منظمة الصحة العالمية ستواصل متابعة الوضع وتحديث توصياتها وفقاً لما يلزم".
أما اللجنة المنظمة للأولمبياد فأكدت قبل فترة أن فيروس زيكا لن يشكل أي خطورة على المشاركين في الحدث العالمي. وأوضحت السلطات الطبية أن السبب يتمثل في أن البعوض الناقل للفيروس يقل نشاطه خلال فصل الشتاء حيث المناخ البارد والجاف والذي يبدأ في هذه الفترة في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
وقبل أيام على انطلاق الأولمبياد، أكدت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية مارغريت تشان أن "مخاطر الإصابة بفيروس زيكا منخفضة ويمكن التحكم فيها"، وقالت: "أعرف أن الناس قلقة بسبب زيكا، وهو قلق مشروع للغاية"، وأضافت: "منظمة الصحة العالمية تنصح السيدات الحوامل أو اللواتي يرغبن في الحمل ألا يسافرن إلى أماكن توجد فيها مخاطر الإصابة بالفيروس".
بالتأكيد ورغم التطمينات، فإن خطر فيروس زيكا يبقى حاضراً خلال أيام الأولمبياد، وبالتأكيد أيضاً فإن المعنيين تنظيمياً وصحياً سيضعون أياديهم على قلوبهم حتى اليوم الأخير من الحدث العالمي حين تنطفئ الشعلة، إذ إن أي إصابة بالفيروس ستعود بنتائج وخيمة عليهم.
لكن مهلاً، فإن قصة المخاطر الصحية في أولمبياد ريو دي جانيرو لا تتوقف عند هذا الحد، إذ أظهرت الاختبارات أن مستويات الفيروس مرتفعة بنسبة عالية في المياه التي سيتم استخدامها لمختلف مسابقات السباحة المفتوحة فى الأولمبياد، حيث وصلت إلى 1.7 مليون مرة من النسبة المعتادة.
وأجرت وكالة "أسوشييتد برس" دراسة خلال 16 شهراً على المياه في ريو دي جانيرو المخصصة لمسابقات السباحة المفتوحة والتجذيف، وأثبتت أن تناول ثلاث ملاعق صغيرة من تلك المياه سوف يؤدي بالتأكيد إلى الإصابة بفيروس يمكن أن يسبب أمراض المعدة والجهاز التنفسي والقلب والتهاب الدماغ.
وقال الدكتور فاليري هاروود، رئيس قسم البيولوجيا التكاملية في جامعة جنوب فلوريدا: "لم نرَ تلك النسب من التلوث فى أي وقت مضى، وترجع نسبة التلوث نظراً إلى احتواء المياه على المجاري الخام".
وأشار إلى أن الخطر يمتد من اللاعبين المشاركين في الدورة إلى السائحين، ونصح الأخيرين بعدم وضع رؤوسهم تحت تلك المياه، وأكد أن السباحين يجب عليهم أخذ الأدوية الوقائية والمضادات الحيوية وارتداء الملابس البلاستيكية والقفازات التى تحمي أجسادهم من المياه الملوثة، وتجنّب ابتلاع أي مياه خلال السباحة.
أمام كل هذا، هل يمكننا القول إننا أمام "أولمبياد الأمراض"؟