تبدو صورة منتخب فرنسا في كأس أوروبا التي يستضيفها ناقصة. بالطبع لا تكتمل هذه الصورة إلا بوجود المشجع الشهير كليمان دانتيب و"الديك" بالثازار في المدرجات يتابعان "الزرق" في جميع المباريات. وبدا لافتاً غياب كليمان وديكِه عن صخب المدرجات في البطولة، نظراً إلى منع الأخير من دخول الملاعب بقرار من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لأسباب أمنية، حيث تلقى المشجع الوفيّ خطاباً جاء فيه: "إنه (الديك) لطيف، لكن حضوره سيضعكم في موقف دقيق أمام رجال الأمن"، وهذا ما رفضه كليمان ليردّ قائلاً: "لا أصدق ما يقولونه، بالثازار ليس خطراً على أحد، إذا وصلت فرنسا إلى المباراة النهائية فسأحضره مهما حصل".
وبطبيعة الحال، فإن الفرنسيين لم يتقبّلوا هذا القرار، حيث إن الديك يشكل رمز الدولة الفرنسية وقد اتخذ الفرنسيون الديك "جاليه" رمزاً لهم منذ الحروب القديمة في العصور الوسطى، باعتبار أن الديك مقدس عند الرومان والإغريق ويمتلك قوة كبيرة.
وكان الديك على مدار العصور رمزاً للإلهام والحماسة لجميع الرياضيين الفرنسيين، ولم يقتصر استخدامه كرمز على كرة القدم فقط، بل في جميع الألعاب، وجاء قرار سحب رمز الديك كشعار من قبل اللجنة الأولمبية الفرنسية عام 1997 ليثير غضب جميع الرياضيين الفرنسيين، واعتبروا ذلك القرار مهيناً لقيم الأمة.
منع الاتحاد الأوروبي المشجع الشهير من إدخال الديك إلى ملاعب "اليورو"

وكانت بداية استخدام شعار الديك في الرياضة الفرنسية في عام 1909 عندما وضع المنتخب الفرنسي لكرة القدم صورة الديك "جالي" على قمصان اللاعبين، وهذا لا يزال مستمراً حتى الآن.
هكذا، وجد كليمان البالغ من العمر 68 عاماً وديكه بالثازار نفسيهما خارج الصورة. هي الصورة التي التصقت بالمنتخب الفرنسي منذ عام 1998 عندما ظهرا في مدرجات ملعب "سان دوني" وشكّلا تميمة الحظ للفوز بلقب المونديال على حساب البرازيل بعدما كان الظهور الأول لهما في مباراة فرنسا أمام كرواتيا في نصف النهائي عندما احتشد العديد من المشجعين خارج الملعب حاملين ديوكاً، لكن كليمان هو الوحيد بينهم الذي نجح في إدخال ديكه بعد أن خبّأه في سترته.
منذ ذلك الحين بات كليمان دانتيب، واسمه الحقيقي كليمان توماتفسكي، وديكه بالثازار ملهمين للمنتخب الفرنسي وجماهيره حيث يرافقانه في كل البطولات، علماً بأن المشجع الوفي يتابع جميع المباريات الودية والرسمية للـ"ديوك" منذ عام 1982 وقد بلغ عددها حتى الآن 227 مباراة.
وبطبيعة الحال، فإن هذا الديك ليس نفسه منذ 1998 بل يستبدله كليمان عند وفاته، لكنه يحتفظ بالاسم ذاته، ويقول عن علاقته به: "إنه نصفي الثاني، إنه زوجتي الثانية".
ورغم القرار بمنع كليمان من اصطحاب بالثازار إلى داخل الملاعب في "يورو 2016"، فإنهما يحضران خارجها في كل مباراة لمنتخب فرنسا حيث يتجمهر حولهما المشجعون لالتقاط الصور التذكارية، وحتى إن رجال الشرطة، ورغم التهديدات الأمنية ومهمة ضبط المشجعين، لم يتوانوا عن التقاط الصور معهما خارج ملعب "فيلودروم" قبل المباراة بين فرنسا وألبانيا.
لكليمان مكان في قلوب الفرنسيين تماماً كما منتخبهم، فهو قطع أكثر من 300 ألف كلم حول العالم لمتابعته حيث كان ينام في السيارة والكنيسة، نظراً إلى الشح المالي في بعض الأحيان، وهو الذي لم يتوان عن استدانة قرض بقيمة 4 آلاف يورو للسفر لمتابعة المنتخب في مونديال 2010.
هي أيام قليلة و"يعتزل" كليمان وديكه هذا الشغف مع انتهاء كأس أوروبا، كما وعد بذلك قبل فترة، لكن لا شك في أن أمنيته هي أن يكون احتفالهما مع اللاعبين في شارع "الشانزيليزيه" بلقب البطولة هو مسك الختام.