اشتباكات امتدت ثلاثة أيام راوحت بين خطف وضرب بالعصي والزجاج، كما قام بعض الفرنسيين بالدخول في المعركة والدفاع عن محلاتهم والحانات من اشتباكات الأجانب. كانت هذه في شوارع "اليورو". أما في ملاعبها فقد قام بعض البولونيين والكرواتيين بأعمال شغب أيضاً مثل رمي مقاعد وزجاجات فارغة ومفرقعات على أرض الملعب، ليتوقف اللعب غير مرة.
رفع الفرنسيون قبعاتهم تقديراً للجماهير الإيرلندية
متابعو اللعبة وما يدور في مدارها شاهدوا على الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي ما عكس جزءاً من صور كرة القدم. على الجهة الأخرى من هذه البطولة جاءت جماهير من إيرلندا وإيرلندا الشمالية لتنقل صوراً أجمل في هذه البطولة، اذ بعيداً من العنف الاختياري، أتى هؤلاء ناشرين معهم الفرح والأجواء المرحة لهم وللفرنسيين ولكل من وقف أمامهم. المؤسف حتى اللحظة، أن هذه المشاهد التي روَّج لها الإيرلنديون لم تلقَ الضجيج الإعلامي الذي لقيته أحداث العنف وما تبعها من تداخل للقيادات السياسة فيها. بعد مباراة ايرلندا والسويد، انتشرت على وسائل التواصل الإجتماعي صور ومقاطع فيديو لمشجعين إيرلنديين يحتفلون مع المشجعين السويديين بعد انتهاء مباراتهما 1-1. كان هذا العمل عادياً بالنسبة لسلسلة أعمالهم. لم يكتفوا بذلك، بل وبعد خروجهم الى الشوارع، قاموا بالمشاركة بتنظيف الساحات وشوارع المدن التي مروا بها، من القمامة، دون أن يرموا أياً من فضلات الطعام وزجاجات المشروبات الكحولية والغازية على الأرض.
رجل فرنسي مسنّ وجدوه يعمل على استبدال إطار سيارته، أسرعوا بالقيام بالعمل بدلاً منه. من مساعدة رجل فرنسي الى راهبة فرنسية التقوا بها في حافلة عامة، ليقدموا لها تحية بتأدية صلاة دينية خاصة بها، كما قدموا تحية في احدى الساحات الى مسن يطل من شرفة منزله، وتعاملوا معه على أنه شخصية معروفة. لم يقفوا عند حد التعامل بلطف مع الشعب الفرنسي، بل وصلت بهم الأمور الى الشرطة أيضاً. دخلوا إلى أحد الأنفاق هرباً من المطر، وبعد وصول الشرطة لمنعهم من إقفال الطريق، نظراً الى أعدادهم الكبيرة، بدأت الجماهير بالغناء بصوت واحد "قفوا للشرطة الفرنسية". أصرت الشرطة على مغادرتهم المكان، وبدل أن يتواجهوا معها، عادوا وبدأوا بإلقاء أغنية فرنسية شهيرة "Allez Les Bleus" "هيا أيها الزرق، لتنجح الجماهير بإقناع عناصر الشرطة بالبقاء. تحول الشرطة الى جماهير وبدأوا بالغناء معهم عبر مكبر الصوت.
هذه التصرفات لاقت استحساناً كبيراً حول العالم، وعلى رأسهم الفرنسيون الذين رفعوا قبعاتهم تقديراً لهؤلاء الايرلنديين. "إنهم الأفضل"، يقود أحدهم معلقاً، إذ باتوا مثالاً يحتذى به خلافاً للروس والانكليز وغيرهم.
بالطبع، لا إيرلندا الشمالية ولا جمهورية إيرلندا مرشحة لنيل اللقب الأوروبي، لكن لا شك بأنهم نالوا قبل الوصول حتى الى المراحل المتقدمة، لقب الجماهير الأفضل في البطولة بعدما صنعوا الفرح في الملاعب وفي الساحات، عاكسين صورة كرة القدم الحقيقية، والوجه المضيء لها.