بالتأكيد، ستجد فرنسا برمتها، لا باريس وحدها، صعوبة في نسيان زلاتان إبراهيموفيتش، إذ إن ما قدّمه هذا النجم السويدي يتخطى مجرد لاعب ماهر إلى ملك توّج نفسه على الكرة الفرنسية طيلة أربعة أعوام، كان فيها الرقم واحد من دون منازع وواجهة فرنسا.في فرنسا تحول "إيبرا" بأهدافه وفنياته وشخصيته المثيرة للجدل إلى حالة يصعب تكرارها، حالة فريدة من نوعها ومحببة دخلت قلوب جميع الفرنسيين من دون استئذان وانتشر صيتها في كل مكان.
شكّل إبراهيموفيتش حالة في الكرة الفرنسية يصعب تكرارها

ولمعرفة القدر الذي يكنّه الفرنسيون والباريسيون لزلاتان، يكفي التوقف عند مشهد توديعه الذي كان أسطورياً وساحراً رغم أن مدة لعبه في البلاد لا تعدّ طويلة، لكنه تمكن من أن يفرض نفسه رقماً صعباً وكلمة أولى على كل لسان. مشهد التوديع لم يتوقف عند ما جرى في ملعب "بارك دي برانس" - الذي ودّع فيه "إيبرا" بدوره النادي الباريسي برقم قياسي شخصي كأكثر مسجل للأهداف في موسم واحد في تاريخ سان جيرمان - حيث إن إبراهيموفيتش احتل العناوين في فرنسا كلها في الأيام الأخيرة التي راحت تستعرض إنجازاته وما خلّفه في هذه البلاد.
إزاء كل هذا، يصبح صعباً على الباريسيين خصوصاً والفرنسيين عموماً نسيان النجم السويدي بسهولة، فنحن نحكي هنا ربما عن أفضل لاعب أجنبي مرّ على "ليغ 1" ولشدة التأثر به فإن الفرنسيين "غفروا" له خطأه الفادح العام الماضي عندما وجّه إهانة للدولة الفرنسية.
على أي حال، وبعد انتهاء الدوري الفرنسي وعند صافرة نهاية المباراة الأخيرة له أمام مرسيليا في نهائي كأس فرنسا، ستبدأ مرحلة جديدة من دون زلاتان سيبحث فيها الباريسيون عمن يكون فيها البطل ويملأ الفراغ الكبير الذي سيخلّفه رحيل إبراهيموفيتش.
الأمور هنا تتراوح حتى الساعة بين الواقع والحلم. بالنسبة للحلم، فلا يخفى أن سان جيرمان يحلم منذ فترة بأن يرتدي النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قميص الفريق ليصبح نجمه الأول وأيقونته الجديدة الكفيلة بأن تملأ فراغ إبراهيموفيتش، لكن هذا الخيار دونه صعوبات جمّة وتتمثل في عدم رغبة ريال مدريد الإسباني ببيع لاعبه، وحتى إن الأخير يريد الاستمرار في صفوفه رغم كل ما يحكى عن اتصالات متواصلة بين الطرفين.
كذلك يمكن وضع النجم البرازيلي نيمار في خانة الحلم، لكن المشكلة تبدو نفسها وهي استحالة إقدام برشلونة على بيع لاعبه الذي يرى فيه معوضاً للأرجنتيني ليونيل ميسي مستقبلاً، فضلاً عن تأقلم البرازيلي في النادي الكاتالوني، بينما أن انتقاله إلى العاصمة الفرنسية سيعد خطوة محفوفة بالمخاطر.
أما بالنسبة للواقع، فإن البعض يذهب إلى أن معوّض "إيبرا" الجاهز سيكون زميله الأوروغوياني إيدينسون كافاني الذي انتظر طويلاً ليأخذ دوره كمهاجم صريح وقد أتته الفرصة الآن. هذا الأمر سيفتح المجال أمام تعاقد النادي الباريسي مع خيارات عديدة تبدو ممكنة ويأتي في مقدمها النجم الألماني ماركو رويس، لاعب بوروسيا دورتموند، الذي يُنظر إليه في باريس على أنه لاعب يمتلك النجومية والمواصفات اللازمة ليشكّل ثلاثياً قوياً مع الأرجنتيني أنخيل دي ماريا وكافاني. وهذا ما ينطبق أيضاً على الفرنسي أنطوان غريزمان، لاعب أتلتيكو مدريد الإسباني، الذي قدّم حتى الآن ما يؤهله للعب دور البطل في سان جيرمان.
بين الحلم والواقع، تدور إذاً مسألة إيجاد البديل لإبراهيموفيتش في العاصمة الفرنسية. مسألة صعبة لا شك لما للسويدي من "وزن" هناك، لكن أياً يكن معوّضه فإن زلاتان سيبقى عالقاً في ذاكرة باريس طويلاً، أوَليس هو من سُمّي هناك "السلطان"؟