كل الظروف كانت متاحة للنجمة من أجل إنقاذ موسمه المخيّب محلياً وآسيوياً. فالفريق «النبيذي» حصل على مراده بخوض المباراة النهائية لمسابقة كأس لبنان في ملعبه المفضّل صيدا، وجمهوره حشد نفسه في المدرجات ووصل بأعدادٍ كبيرة لمؤازرة فريقه، ولاعبوه استعدوا بنحو مثالي طوال الأسبوع للمهمة الأخيرة هذا الموسم.
لكن الرياح الشمالية كانت حاضرة بقوة، فطارت معها الآمال والطموحات النجماوية باستعادة اللقب الذي بقي عاصياً على النادي البيروتي منذ عام 1998.
طرابلس فاز 2-1، وهي نتيجة كانت أكثر من مستحقة لفريقٍ بدا مصرّاً منذ البداية على تعويض ما فاته في ختام الموسم الماضي عندما سقط أمام جاره السلام زغرتا 0-1، بهدف السنغالي عبدولاي ديا من ركلةٍ حرة على ملعب المدينة الرياضية.
طرابلس كان مختلفاً هذه المرة، إذ إن النضج الذي اكتسبه لاعبو هذا الفريق الفتيّ في دوري الأضواء أثمر أخيراً لقباً أوّل يُعَدّ تاريخياً، جاء من دون شك عن جدارة، فالطرابلسيون الذين وقفوا بين الأربعة الكبار في بطولة الدوري كانوا من الفرق الممتعة هذا الموسم بكرةٍ هجومية مميزة خلطت بالتخطيط لبناء هجماتها بين هدوء المدرب الفلسطيني إسماعيل قرطام وحنكة مساعده الغني عن التعريف وارطان غازاريان. والأهم ما يمكن قوله عن استحقاق طرابلس للقب هو قلبه الطاولة على قطبي الكرة اللبنانية في المسابقة، فأطاح الانصار من الدور نصف النهائي (3-1)، ثم أنزل العقاب نفسه بالنجمة أمس، ودائماً بفضل مجموعة متجانسة ومقاتلة زادت شراستها بعد قرار نقل المباراة من بحمدون، فوفى الطرابلسيون بما رددوه طوال الأسبوع: «قادرون على الفوز في أيّ ملعبٍ كان».

مجدداً يمكن التوقف عند بعض النقاط
في خيارات بوكير


ولا يمكن إسقاط النجاح الإداري في موازاة النجاح الفني، إذ كان استثمار طرابلس بالثلاثي الغاني إيمانويل اوفوري ودوغلاس نكروما ومايكل هيليغبي في مكانه، فكان هؤلاء في قلب إنجاز الفوز بالكأس والتأهل إلى مسابقة كأس الاتحاد الآسيوي للمرة الأولى، حيث سيكون النادي أمام مقاربة جديدة لما سيحضره للموسم المقبل.
أوفوري كان سدّاً منيعاً أمام الهجمات النجماوية، ونجح في الشوط الأول في الحدّ من خطورة اللاعبين المهاريين في صفوف النجمة، أمثال خالد تكه جي الذي اصطدم به مرات عدة. أما دوغلاس، فكان شعلة نشاط وأرهق لاعبي وسط النجمة بتحركاته بعدما أطلق الإنذار الأول باتجاه مرماهم من ركلة حرّة سددها قوية في بداية اللقاء. لكن الصاروخ الفعلي جاء بأقدام هيليغبي الذي سجل هدفاً لا يمكن وصف روعته، وذلك بصاروخٍ أطلقه في الدقيقة 55 من أكثر من 35 متراً انفجر في شباك أحمد تكتوك، الذي كان قد تصدى ببراعة لتسديدته «على الطاير» في الشوط الأول.
الحقيقة، قدّم طرابلس مباراة تكتيكية - انضباطية على مستوى عالٍ جداً، رغم اندفاعه الكبير في أماكن عدة، وتحديداً في الحالة الدفاعية، حيث برز قائده عبدالله طالب. لكن للهجوم كان هناك قصة أخرى، فجاء دخول وليد فتوح مثمراً، إذ حملت الدقيقة 89 هدفاً ثانياً من تسديدة قوية بعيدة المدى أيضاً، صدمت النجمة وجمهوره الذي أُصيب بالذهول.
التفوّق الطرابلسي يعدّ إنجازاً أيضاً، لأن النجمة لم يقدّم مباراة سيئة، بل هاجم خصمه على مدار الدقائق التسعين، وأصاب العارضة برأسية قاسم الزين في الشوط الأول. لكن مجدداً يمكن التوقف عند بعض النقاط في خيارات المدرب الألماني ثيو بوكير، لا في إشراكه حسين منصور أساسياً، أو اعتماده كلاوديو معلوف في مركز الظهير الأيمن، بل بما عمل عليه طوال الأسابيع الماضية، إذ كان من المفترض عليه أن يدخل مهاجميه الذين حلّوا مكان النيجيري غودوين إيزيه الذي لا يحق له المشاركة، أكثر في أجواء مهمتهم أمام طرابلس من خلال اعتمادهم في نفس المراكز التي شغلوها أمس أو منحهم دقائق أكثر للعب في المباريات السابقة، أمثال حسن المحمد ومحمود سبليني الذي دخل وسجل في الدقيقة الخامسة من الوقت المحتسب بدل من ضائع الهدف الأخير للنجمة في موسم للنسيان.