لا يخفى أن الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم لم يقدّم أسماءً محلية كثيرة بلغت مستوى النجومية في المواسم الأخيرة. لذا كان ظهور رحيم سترلينغ نجماً فوق العادة في الموسم الماضي، ثم هاري كاين على صورته في الموسم الحالي، علامة فارقة، فرضت مهمة جديدة على التيار الساعي دائماً إلى إعلان شأن اللاعب المحلي على نظيره الأجنبي في «البريميير ليغ».من هنا، يتحرك كثيرون اليوم في إنكلترا لحماية كاين وتأمين وصوله إلى النجومية المطلوبة، وخصوصاً أن منتخب «الأسود الثلاثة» يحتاج أكثر من أي وقتٍ مضى إلى نجمٍ هداف يتمتع بمواصفات عالمية على هذا الصعيد. إلا أن العمل الأكبر ينصبّ حالياً في ناحية أخرى، وتحديداً باتجاه نادي ليفربول ونجمه الشاب رحيم سترلينغ، الذي شغل الكل منذ إطلاقه ذاك التصريح الصادم بأنه رفض عرضاً لتجديد عقده مع «الريدز» (137 ألف يورو أسبوعياً)، لأنه يريد الذهاب إلى مكانٍ حيث يمكنه إحراز الألقاب.

هذا الكلام فتح الباب بمكان على ثرثرات كثيرة جلبت معها أسماء أندية أجنبية قد تكون فعلاً مهتمة باستقطاب الجامايكي الأصل أمثال برشلونة وريـال مدريد الإسبانيين وبايرن ميونيخ الألماني وباريس سان جيرمان الفرنسي، وهو أمر أثار الذعر نوعاً ما لدى الداعين إلى حماية أي نجمٍ إنكليزي صاعد والحفاظ على وجوده في دوري بلاده حيث ستكون قيمته أعلى ويجعل من محبي اللعبة أكثر ترقباً له.
وفي رأي هؤلاء شيء كثير من المنطق، وخصوصاً أن تجارب سابقة أكدت أن بعض النجوم الإنكليز لا يعرفون معنا التأقلم بعيداً من حدود ملاعب إنكلترا. وهذه المسألة كان بالإمكان لمسها بوضوح، وفي حالة مطابقة كثيراً، تتمثل بانتقال النجم مايكل أوين من ليفربول إلى ريـال مدريد، حيث كانت هذه الخطوة منعطفاً في مسيرته، فسقطت هالة النجومية الكبيرة التي رسمها حوله في الدوري الإنكليزي، وانطفأ وهج هذه النجومية في ظل وجوده في فريقٍ مليء بالأسماء الرنانة التي فرضت شخصيتها في ملاعب «الليغا» حتى قبل وصوله، فكانت النهاية التعيسة...
ما حصل مع أوين ربما اتعظ به قائد مانشستر يونايتد واين روني كثيراً، وخصوصاً عندما عرض برشلونة ضمّه إلى صفوفه، محاولاً استغلال اهتزاز علاقته بناديه الإنكليزي، فأدار ظهره للعروض الخارجية. وهذا الأمر كان قد فرض حملة من قبل «حماة النجوم المحليين» الذين أرادوا بقاء روني في إنكلترا، تماماً كما يفضلون أن يرتبط سترلينغ بأحد اندية «البريميير ليغ» التي تصطف حالياً متمنيةً أن يقع اختياره عليها.
وهنا سيكون على سترلينغ معرفة الاختيار الصحيح حتى لا يحرق نفسه في نقلةٍ قد تكون أسوأ من بقائه مع «الحمر» دون حصده الألقاب، فإذا أراد الانتقال إلى أرسنال مثلاً، فعليه أن يجهد لحجز مكانٍ أساسي، في ظل وجود لاعبين مميزين يلعبون في نفس المراكز التي يشغلها، على غرار التشيلياني أليكسيس سانشيز، الألماني مسعود أوزيل، الإسباني سانتي كازورلا والدوليين اليكس اوكسلايد - تشامبرلاين وثيو والكوت. أما إذا اختار تشلسي مثلاً، فإن مهمة أصعب بانتظاره، في ظل وجود البلجيكي إيدين هازار والكولومبي خوان كوادرادو اللذين دفعا الألماني أندريه شورله والمصري محمد صلاح خارج النادي. أما التحوّل للدفاع عن ألوان أحد قطبي مانشستر، فسيكون بمثابة إعلان حرب على ليفربول الكاره تاريخياً لجاريه الشماليين.