كابوس تصفيات كأس العالم 2002، التي لم تبلغها هولندا، يطارد الأراضي المنخفضة حالياً. التعادل الاخير مع الضيف التركي بشقّ النفس (1-1) في تصفيات «يورو 2016» حيث يقف «البرتقالي» ثالثاً في المجموعة الاولى، اعطى اسباباً اخرى لانتقاد المدرب غوس هيدينك، فاصطف النجوم السابقون للمنتخب ضده، من العظيم يوهان كرويف مروراً بالقائد السابق رود غوليت ووصولاً الى رونالد دي بوير، الذين شنّوا عليه هجوماً علنياً.
الرجل الذي قيل إنه ساحر بكل ما للكلمة من معنى بفعل وضعه كل الفرق والمنتخبات التي اشرف عليها على لائحة الأقوياء، بات سحره غير فعال، اذ كان المعترضون على تعيينه خلفاً للويس فان غال كُثراً، ومنهم من قال فعلاً قبل بداية الحقبة الجديدة للمنتخب الهولندي ان استراتيجيات هيدينك التي صنعت من منتخب كوريا الجنوبية مجموعة مرعبة في مونديال 2002، اضحت قديمة ولا تصلح في هذا العصر حيث تتطور المنتخبات الكبيرة بسرعة.
هيدينك نفسه حاول ايجاد الذرائع للنتائج المخيبة التي حصدها حتى الآن، معتبراً ان هولندا لم تعد بين الكبار في القارة الاوروبية وهو ما يجب تقبّله. لكن ربما فات المدرب الهولندي المخضرم ان نفس المنتخب تقريباً هو الذي حاز المركز الثالث في المونديال الاخير، وقبلها بأربعة اعوام وصل الهولنديون الى المباراة النهائية وخسروها امام منتخبٍ اسباني تاريخي.
الحقيقة، للأسف، أن هيدينك يقضي على مسيرته المجيدة بيديه، وذلك من خلال ما قدّمه حتى الآن مع المنتخب الهولندي في التصفيات الاوروبية، وما ظهر عليه اداء
«البرتقالي» في مبارياته الخمس، انطلاقاً من اللقاءين اللذين سقط فيهما امام كرواتيا وايسلندا، وصولاً الى اللقاء الاخير امام تركيا. وعند اللقاء امام الاتراك يمكن التوقف، اذ بدا المنتخب الهولندي اشبه بفريقٍ متواضع لا يصلح للعب في الدرجة الاولى، وكان محظوظاً للخروج بالتعادل. فهناك في امستردام بدا منتخب هيدينك قليل الحيلة ومحدود الافكار والخيارات على ارض الملعب، وكأن اللاعبين لم يتعلموا من مدربهم شيئاً، لذا فقد شرعوا في لعب الكرات الطويلة العشوائية التي لم تصل الا نادراً الى المهاجمين، قبل ان يأتي الهدف المحظوظ الذي عادل النتيجة وانقذ رأس هيدينك من المقصلة.
نعم، لا يبدو «الساحر» في مأمن، اذ بات الكل يعلم ان خياراته الفنية هي السبب في ايصال المنتخب الى ما وصل اليه حالياً، والامثلة كثيرة على ذلك، وهي تبدأ من اعتماد ابراهيم أفيلاي اساسياً، في وقتٍ لم يقدّم فيه شيئاً يذكر مع فريقه اولمبياكوس اليوناني في الفترة الاخيرة. كذلك، لم يعد لاعب الوسط - المدافع نايجل دي يونغ، ذاك اللاعب القادر على حمل خط الوسط على كتفيه، بل يظهر بأداء عادي جداً. أما الأسوأ من كل هذا، فإن هيدينك يتجاهل لاعبين مميزين حالياً في الكرة الهولندية، يفترض أن يتم بناء المنتخب الجديد حولهم من اجل الحقبة المقبلة. وهنا الحديث عن الشاب جوردي كلاسي مثلاً، الذي كان ضمن خيارات فان غال في مونديال 2014، اضافةً الى الموهوب الآخر دايفي كلاسن، والظهير الايسر ييترو فيليمس الذي اضحى ضرورة في التشكيلة الاساسية التي لا تزال تعتمد على احدى لمحات النجم (القديم) ويسلي سنايدر.
صحيح ان هولندا تلعب من دون نجميها أريين روبن وروبن فان بيرسي، لكن مع هيدينك عادت كثيراً الى الوراء لانه حتى عندما لعب الاثنان امام ايسلندا، ظهر «البرتقالي» من دون هوية... ومن دون مدرب.