مرةً أخرى، يتجدد الصراع في العاصمة الإسبانية مدريد بين ريال وأتلتيكو، فأبناء العاصمة يتنافسون على إثبات من يستحق حمل اسم المدينة وحُكمها كروياً. وكما في كل مرّة، في المواسم الأخيرة، سيكون الصراع قوياً وندّياً جداً بين مدرب الأول الإيطالي كارلو أنشيلوتي، ومدرب الثاني الأرجنتيني دييغو سيميوني.قبل سنوات قليلة، كان هذا «الدربي» يهمّ المدريديين فقط، أما الآن، فصار متابعوه في إسبانيا، والعالم، أكبر بكثير، وقد لامست أعدادهم متابعي الموقعة الأكبر في «الليغا» أي «كلاسيكو» ريال مدريد وبرشلونة.

وفي ظل هذا الجو، يفترض بأصحاب الحقوق الإعلامية توجيه الشكر لشخص واحد اسمه دييغو سيميوني الذي أعاد للمباراة بريقها، إذ قبل مجيئه كان مستوى أتلتيكو متواضعاً أمام الريال، حيث دانت السيطرة للأخير. أما اليوم، فقد بات أتلتيكو من أقوى فرق العالم، وما وصوله الى نهائي دوري الأبطال الموسم الماضي إلا الدليل الملموس على ذلك.
زاد الاهتمام بلقاء الجارين الذي لامس أهمية «كلاسيكو الليغا»


حظوظ الفريقين ستكون متساوية في مباراة الغد على ملعب «فيسنتي كالديرون»، والحرب بدأت بعد مباراة الريال ضد إشبيلية أول من أمس التي فاز بها النادي الملكي 3-1، وخسر لاعبين أساسيين، إذ سجل الكولومبي خاميس رودريغيز الهدف الأول وخرج مصاباً بعد دقائق قليلة، ليعلن «الملكي» أن لاعبه يعاني من كسر في مشط القدم اليمنى، ما قد يترتب عنه غيابه عن الملاعب لمدة تزيد على شهرين. يغيب رودريغيز بعدما نجح، بالأرقام في تعويض رحيل الأرجنتيني أنخل دي ماريا الى مانشستر يونايتد الإنكليزي. أما سيرجيو راموس فسيغيب لإصابته على مستوى العضلة الخلفية لفخذه، حيث خرج بعد دقائق من بداية المباراة، فضلاً عن غياب البرتغالي بيبي أيضاً، وعدم قدرة الفريق على تعويض الكرواتي لوكا مودريتش، بينما لم تُحسم بعد قضية غياب البرازيلي مارسيلو لحصوله على بطاقة صفراء غير مستحقة، هي الخامسة له هذا الموسم، ما يعني إيقافه، لكن الريال اتجه نحو الاستئناف الذي تم رفضه.
وفي هذا السياق، كثُر الحديث عن الموضوع على وسائل التواصل الاجتماعي، بين مؤيدين لقرار إيقاف مارسيلو ورافضين مؤيدين للاستئناف. التشكيك بقدرة الريال على التأثير في قرارات الاتحاد الإسباني ساور أتلتيكو سريعاً، إذ خرج المتحدث الرسمي باسم سيميوني، خوسيه لويس فاسكيز مغرّداً: «لقد بدأت الدورة لاختيار المحامين»، قاصداً احتمال تقديم ريال مدريد استئنافاً من أجل إلغاء بطاقة مارسيلو. الاتهامات المتبادلة لم تهدأ، فرأى الريال أن الحكام يتغاضون دائماً عن خشونة لاعبي أتلتيكو مدريد.
في «كأس الملك» قضى أتلتيكو على ريال مدريد ذهاباً وإياباً، ونجح في إخراجه من المسابقة. وغداً، وفق مقياس قوة الفريقين، لا يمكن توقع الفائز، لكن أتلتيكو هو الأوفر حظاً في الغيابات التي حلّت على غريمه، والثقة التي حلت به منذ مجيء الأرجنتيني، واعتماده اللعب كمنظومة واحدة ليس بعيداً من الفردية، ما يجعله مرشحاً أقوى للفوز على جاره مجدداً.
ولا شك في أن سيميوني يدرك وفريقه أنه لا بديل من الفوز أمام الريال للعودة منافساً على لقب «الليغا» الذي ظفر به في الموسم الماضي. الفريقان يدمجان العمل على تقوية خطي الهجوم والدفاع معاً، ويرفضان أيضاً أن يتهما بأن أي طرف هو دفاعي بحت أو هجومي صرف. من جهة أنشيلوتي، تصعب مهمته بغياب بعض اللاعبين لاختيار التشكيلة الأساسية، بينما من جهة سيميوني يبدو الفريق جاهزاً، فهو يريد الاعتماد، كالعادة، على الكرات الثابتة التي يُخصِّص لها وقتاً طويلاً في التدريبات، وعلى الثلاثي فرناندو توريس والكرواتي ماريو ماندزوكيتش والفرنسي أنطوان غريزمان. أما في الريال، فالاعتماد سيكون على المرتدات السريعة التي يقودها البرتغالي كريستيانو رونالدو والويلزي غاريث بايل، ومن خلفهما إيسكو.
أُطلق منذ زمن بعيد مصطلح «دربي مدريد» على مباراة بين فريق الأغنياء في المدينة أي الريال، وفريق العمال أي أتلتيكو. أما اليوم، فلم يعد هذا مهماً، إذ إن السلطة لم تعد تعني أحداً لأن زنود العمال لم تعد تخشى هيبة الملوك. هي القصة نفسها: اجتهاد وعمل أتلتيكو في مواجهة الثراء وأموال ريال مدريد.